المكتبات السعودية صروح ثقافية تثري المشهد الثقافي

مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تفتح آفاقًا ثقافية جديدة لكل شرائح المجتمع.
الاثنين 2023/08/07
المكتبات تثبت حضورها في المشهد الثقافي

لا يتوقف دور المكتبات العامة عند توفير الكتب لعموم القراء، بل لها دور ثقافي كبير إذ تنخرط في الحراك الثقافي من خلال البرامج والفعاليات المتنوعة التي تقدمها، وهذا ما يعيه القائمون على المكتبات العامة في السعودية وأبرزها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة التي تعتبر صرحا ثقافيا راسخا.

تتفرّد المملكة العربية السعودية بمجموعة كبيرة من المكتبات العامة التي تواصل فعالياتها على مدار فصول العام.

وتتنوع أنشطة المكتبات العامة التي أنشئت بالمملكة ما بين ثقافية وفنية وفكرية، إضافة إلى ما يقدم للشباب والأطفال من برامج تجذبهم للقراءة والمطالعة، بما في ذلك العروض السينمائية التي تجعلهم على معرفة بتاريخ وتراث وطنهم، مثل قيام مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بإنتاج وعرض فيلم “آخر البدو” والذي جرى عرضه للجمهور وسط حضور وتفاعل كبير من مختلف فئات المجتمع السعودي، والذي تعرّف الجمهور من خلاله على الحياة البدوية ونمطها الاجتماعي، والمعيشة في الصحراء، والتأقلم مع تفاصيلها المتنوعة الطبيعية والنباتية.

أنشطة متنوعة

المكتبة حرصت من خلال برامجها على أن تكون الأنشطة والبرامج التي تقدمها ملائمة للأطفال ومختلف الفئات العمرية

من بين المكتبات التي استطاعت أن تثبت حضورها في المشهد الثقافي محلياً وعربياً ودولياً مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، والتي قدمت وما تزال، مجموعة كبيرة من الأنشطة التي أسهمت وبقوة في إثراء المشهد الثقافي على أرض المملكة، خاصة وأن المكتبة تحرص على التنويع بين عروضها وبرامجها لتغطي كافة مناحي الثقافة والفكر والفنون، وتلبي حاجات كافة الفئات العمرية من جمهورها الذي يتزايد يوماً بعد يوم.

وخلال الأيام الماضية، أثرت المكتبة الحراك الثقافي السعودي بالعديد من الفعاليات، من خلال توجهاتها الثقافية النوعية التي تتناسب وتحولات العصر الراهن، وفتحت آفاقًا جديدةً لتلقي جماليات الثقافة العامة التي يهتم بها جمهور القراء والباحثين في مختلف عناصر الثقافة.

وناقشت المكتبة في ندواتها المنتظمة عبر برنامجها الثقافي الحرف اليدوية وصناعة السدو، والأزياء وصناعة المجوهرات، والأحجار الكريمة، وكذلك التي ترتبط بالعادات والتقاليد والتراث الشعبي لتكمل بهذا عناصر المشهد الثقافي التقليدية، مثل دراسات الأدب والنقد الأدبي والقراءات التراثية والتاريخية عبر مجموعة من الورش والندوات لأبرز الكتاب والكاتبات، لتعطي صورة مكتملة لمختلف عناصر الثقافة اليوم.

وانتهجت المكتبة عقد جلسات النقاش المفتوح، والعروض الفنية والتشكيلية والمسرحية والموسيقية وغيرها من الفنون التي تراعي التنوع والتعدد الثقافي، حيث تفرد المكتبة في هذا الخصوص صالات مجهزة بأحدث التقنيات المخصصة لعرض الأعمال المعرفية والثقافية والفنية والتشكيلية، وتسهم البرامج التي تقدمها المكتبة على مدار العام في فضاءات الثقافة والتاريخ والفن والمسرح والسينما ما يجعلها مركزًا معرفيًا وثقافيًا ملهمًا ونابضًا بالحياة لجميع الزوار والمرتادين من الجنسين.

ونظمت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة عبر صالونها الثقافي النسائي، والذي يهدف إلى إبراز الأسماء النسائية المتخصصة داخل المملكة وخارجها، مجموعة من الفعاليات التي تظهر التنوع الثقافي للمملكة، حيث قدمت ورشة عمل بعنوان “صناعة السدو بين الماضي والحاضر” قدمتها فاطمة المطيري المتخصصة في فن السدو، وهو أحد أنواع النسيج المطرز التقليدي الذي ينتشر في تراث المملكة، وقد تم تسجيله في العام 2020 ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى اليونسكو.

بب

وقد أقيمت الورشة في إطار لقاءات صالون أفق الثقافي التابع للمكتبة في فرع الخدمات وقاعات الاطلاع بطريق خريص بالرياض، وشهدت حضورًا مميزًا من المهتمين بهذه الصناعة اليدوية الشعبية.

 واستعرضت أستاذة الأزياء والمنسوجات التقليدية بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الدكتورة ليلى البسام مجموعات من الأزياء التقليدية السعودية، من خلال عرض تصاميمها، وطرق زخرفتها وتطريزها في مختلف مناطق المملكة.

 وأوضحت في الندوة التي أقامتها المكتبة ضمن موسمها الثقافي للعام 2023 بعنوان “حكايات تسردها الأزياء التراثية السعودية”، أن هذه الأزياء تتميز تبعا لتراث القبائل التي تسكن كل منطقة، وتبعا للأجواء وحالات الطقس، وأيضًا لنوعية المواد الخام الموجودة بكل منطقة، حيث هناك أزياء تقليدية اختفت، وأخرى ما تزال موجودة تؤكد على عمق التواصل بين الأجيال في مجال الأزياء.

 كما عقدت المكتبة جلسة ثقافية بعنوان “قصة نجاح في عالم الأزياء” للمصممة العالمية أروى العماري، حيث تتميز تصاميمها باللمسات التراثية التي تستوحي الكثير من الفنون، وتعمل على عكس ثقافة المجتمع في الأزياء وتصاميمها.

كما قدمت المكتبة ورشة عمل بعنوان “معلومات مغلوطة في عالم المجوهرات والأحجار الكريمة”، قدمتها حنين القنيبط وتطرقت فيها إلى فن صياغة وتصميم المجوهرات والأحجار الكريمة والألماس، باعتبارها متخصصة في هذا المجال، وركزت على بيان أنواع الأحجار الكريمة، ومصادرها وتصميماتها المتنوعة، وبينت الفوارق بين التصميم والتنفيذ، وضرورة التأمين على المجوهرات.

 وتعددت الأنشطة الجديدة في المكتبة التي تقارب عناصر الثقافة العامة، من خلال الندوات التي تقيمها دوريا أو عبر المناسبات الوطنية، حيث أطلقت المكتبة السينما الوثائقية والسينمائية في المكتبات العامة الفيلم الوثائقي “آخر البدو” الذي يحكي تفاصيل الحياة البدوية ونمطها الاجتماعي، وقد حظي بإقبال كثيف من قبل الجمهور التواق لمعرفة تفاصيل الثقافة البدوية الشعبية.

كما عرضت المكتبة الفيلم الوثائقي “أليس” الذي يتناول رحلة الأميرة أليس كونتيسة أثلون (حفيدة الملكة فيكتوريا) التي زارت المملكة العربية السعودية في شتاء عام 1938، وهي أول زيارة خاصة تقوم بها شخصية من الأسرة المالكة البريطانية إلى المملكة في ذلك الوقت.

الرهان على الطفل

تت

من جانب آخر تواصل المكتبة عنايتها بثقافة الطفل، حيث أطلقت صيف هذا العام برامج مكتبات الأطفال واليافعين بمجموعة متنوعة من الورش الإبداعية والمسرحيات والسينما، كما أقامت المكتبة معسكر الأطفال الرقمي للعام 2023 من أجل التعرف على أهم مهارات المواطنة الرقمية وكيفية الاستخدام الآمن للتقنية لدى الأطفال والنشء.

 وقدمت المكتبة مجموعة من الفعاليات التي تعددت فيها عناصر الثقافة العامة التي تهم مختلف شرائح المجتمع، بكل مستوياتها الثقافية، ومنها ورشة عمل بعنوان “صناعة المحتوى المعلوماتي” قدمها محمد ناصر الهلال، وورشة “ثقافة لغة الإشارة” قدمتها منى السحالي، ومعرض خيال الأطفال، وأستديو الفنون للأطفال، وورشة “السعادة الوظيفية في بيئة العمل” قدمها الدكتور فواز كاسب العنزي، وورشة “مدخل إلى الكتابة الصحفية” قدمتها الدكتورة نور باجويبر، وورشة “الاستخدام الآمن لشبكات التواصل الاجتماعي” للدكتورة نوف الحزامي، وغيرها من الفعاليات الثقافية التي تواكب تحولات الثقافة وتجدد مفاهيمها وعناصرها.

وكانت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة قد أطلقت فعالياتها الثقافية العائلية التي تتضمن مجموعة من برامج مكتبات الأطفال واليافعين، حيث تقدم لهم عدداً من الورش الإبداعية المتنوعة، والمسرحيات وعروض السينما، وبرامج حوارية وقرائية تمتد طوال فصل صيف عام 2023، وتقام الفعاليات بمختلف قاعات فروع المكتبة في الفرع الرئيسي وقاعات الاطلاع بفرع طريق خريص، وفرع المربع بمركز الملك عبدالعزيز التاريخي، وفرع مركز الملك سلمان الاجتماعي، وفرع قيصرية الكتاب بمنطقة قصر الحكم.

أنشطة المكتبة تتنوع ما بين ثقافية وفنية وفكرية وتسهم بقوة في إثراء المشهد الثقافي على أرض المملكة

وتهدف هذه البرامج إلى تعزيز النمو الانفعالي والاجتماعي، وفي سياق ذلك تعرض المكتبة عددًا من المسرحيات هي “مثلجات القمر”، “أصدقاء دائمًا”، “ليلى والذئب” و”عبلة وعنتر”، وتأمل المكتبة من خلالها في زيادة ثقة اليافع بنفسه وتنمية المواهب والميول وخلق أجواء من المتعة والمرح.

ويقدم نادي “ضوء القرائي” آليات القراءة للأطفال واليافعين، عبر مناقشة مجموعة من الكتب التي تناسب مرحلتهم العمرية، وذلك من أجل تحفيزهم على عادة القراءة مدى الحياة ومن هذه الكتب “توست محترق” و”أهم 6 قرارات يتخذها المراهق”.

وتهدف هذه البرامج الثقافية التي تقدمها مكتبات الطفل إلى تنمية مهارات الأطفال في عدة مجالات مختلفة، من خلال إقامة معسكر رقمي بالتعاون مع مبادرة العطاء الرقمي، إحدى مبادرات وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، يهدف إلى تعليم الأطفال الاستخدامات الآمنة للتقنية، وسلسلة من البرامج الأدبية والفنون الأدائية بالإضافة إلى ورش عمل تدريبية مقدمة بواسطة مجموعة من الخبراء في فنون الإلقاء والخطابة وبناء الثقة بالنفس، والمهارات القيادية، والإلقاء باحترافية، وفي مجال الأدب: السرد القصصي وتأليف القصص والشعر، وتأليف المشاهد المسرحية، والعروض الارتجالية.

وقد حرصت المكتبة على أن تكون تلك الأنشطة والبرامج ملائمة للأطفال في مختلف الفئات العمرية، كما أنها تركز على الفعاليات التي تعزز من قيم الانتماء وحب الوطن وتمتين الواقع الأسري والعلاقات الاجتماعية، فيما تسعى المكتبة للتركيز على تقديم ثقافة نوعية للأطفال، توسع من مداركهم، ومواهبهم، وتنشط تفكيرهم وحواسهم، وتيسر لهم كل السبل ليصبحوا قراء فاعلين كونهم جيلاً مستقبلياً واعداً.

13