المغرب يعيد هيكلة الإنفاق لمواجهة أزمة كورونا

ترشيد إنفاق المؤسسات الحكومية لتخفيف التداعيات الاقتصادية على الشركات والأفراد.
الخميس 2020/04/23
الدعم الاجتماعي متواصل رغم الأزمة

كثف المغرب جهوده لإعادة هيكلة الإنفاق الحكومي والضغط على المصروفات بهدف توجيه الموارد المالية نحو تخفيف التداعيات الاقتصادية لكورونا على الشركات والأفراد ومواجهة الطلب المتزايد على الخدمات الصحية.

الرباط - اتخذت الحكومة المغربية إجراءات جديدة لتقليص النفقات العامة استجابة للظرف المرحلي الذي فرض أولويات مكافحة التداعيات الصحية والاقتصادية لتفشي فايروس كورونا، الذي عطل الكثير من القطاعات الاقتصادية بسبب إجراءات الحدّ من انتشار الوباء.

وأكدت الحكومة المغربية على ضرورة ترشيد نفقات المؤسسات العامة، وتوجيه الموارد المتاحة نحو الأولويات التي يفرضها تدبير الأزمة الصحية، إلى غاية شهر يونيو المقبل.

وقال رئيس الحكومة سعدالدين العثماني إنه “من الضروري تضافر الجهود لتطبيق الإجراءات الحكومية، ليتمكن المغرب من إدارة هذه الأزمة بنجاعة والحدّ من آثارها السلبية على المواطنين وعلى الاقتصاد المحلي”.

وتستثني الإجراءات التقشفية للحكومة النفقات الضرورية للإدارات ومؤسسات الدولة، مثل أجور الموظفين، ونفقات الاستثمار، والنفقات المخصصة للحدّ من آثار الجفاف، وبعض النفقات الاجتماعية التي يتولاها صندوق دعم التماسك الاجتماعي والتكافل العائلي.

كما يستثني الإجراء قطاعات الصحة والقطاعات الأمنية، بما فيها وزارة الداخلية والمصالح الأمنية التابعة لها وزارة الدفاع.

ويتضمن القرار النفقات ذات الأولوية على مستوى الموازنة العامة وميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة والحسابات الخصوصية للخزينة والمؤسسات العامة، التي ستلتزم بالقرارات إلى غاية شهر يونيو 2020.

وكان صندوق النقد الدولي قد أوصى الحكومة المغربية بضرورة إيلاء الأولوية العاجلة في احتواء تداعيات انتشار فايروس كورونا، بزيادة النفقات على الرعاية الصحية لتعزيز القُدرات والموارد في هذا القطاع مع اعتماد إجراءات للحدّ من العدوى.

وتوقع صندوق النقد الدولي أن يُحقق الاقتصاد المغربي انتعاشا خلال السنة المُقبلة بنحو 4.8 في المئة، بعد مروره من ركود حاد بسبب كورونا خلال السنة الجارية، حيث يتوقع أن يتراجع الناتج الداخلي الخام بنحو 3.7 في المئة.

سعدالدين العثماني: ضرورة ترشيد الإنفاق العام وتوجيه الموارد نحو الأولويات الطارئة
سعدالدين العثماني: ضرورة ترشيد الإنفاق العام وتوجيه الموارد نحو الأولويات الطارئة

وفي هذا الإطار أكدت لجنة اليقظة الاقتصادية التي تضم ممثلين عن الحكومة والقطاع الخاص، قدرة الاقتصاد المغربي على تجاوز تداعيات الوباء من خلال التعاون الوثيق بين الدولة والشركات. وكشفت دراسة أنجزها صندوق الإيداع والتدبير التابع للدولة، أن الانكماش الاقتصادي بالمغرب من المتوقع أن يستمر طوال الربع الثاني من العام، على أن يبدأ الرواج الاقتصادي انتعاشه مع بداية يوليو المقبل.

وأوضحت دراسة صندوق الإيداع والتدبير أن من بين أسباب تراجع معدل النمو، انخفاض القيمة المضافة للقطاع الزراعي، والمتأثر بالجفاف، وألا يتجاوز إجمالي الإنتاج الوطني من الحبوب 30 مليون قنطار، كما أن تراجع الطلب الداخلي سيساهم أيضا في تقليص معدل النمو.

وتنفيذا للإجراءات المتخذة لمواجهة آثار كورونا على الاقتصاد، وجهت الحكومة مواردها لدعم قطاعات الاقتصاد الأكثر هشاشة، كالشركات الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة، لضمان استمرار عملها في هذه الظروف.

وفي هذا السياق شدد العثماني على “ضرورة تقيد القطاعات الوزارية بالتزاماتها المالية تجاه الشركات وتسريع وتيرة أداء مستحقاتها، وخاصة منها الشركات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة حتى يتسنى لها الوفاء بالتزاماتها المالية والحفاظ على فرص العمل، والتخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الأزمة”.

وأقر البنك المركزي إجراءات جديدة لتخفيف وطأة الأزمة على الشركات الصغيرة والمتوسطة بتقديم حوافز وتسهيلات للمؤسسات البنكية، لحثها على تمويل الشركات المتضررة.

وأكد البنك المركزي أنه اتخذ مجموعة من الإجراءات لمواكبة مؤسسات الائتمان على الصعيد الاحترازي، لتشمل المتطلبات من السيولة والأموال الذاتية ومخصصات الديون، لتعزيز قدرة المؤسسات على دعم الشركات، في الظروف الاستثنائية الحالية.

وكشفت لجنة اليقظة الاقتصادية حرصها على احترام قواعد منح المساعدات للشركات التي توجد في وضعية صعبة، فيما يتم إنجاز مشروع قانون يوضح الشروط الجديدة لمنح هذه المساعدات.

ووافقت لجنة اليقظة الاقتصادية في إطار الإجراءات والتدابير قصيرة المدى، على منهجية للتفكير المستقبلي بهدف تطوير مقاربات مستدامة للمرحلتين المقبلتين؛ وهما إعادة التشغيل التدريجي لمختلف قطاعات الإنتاج، والانتعاش الفوري للاقتصاد، حيث سيتم تحديد الوسائل التي ستجرى تعبئتها لكل مرحلة.

وتضمنت توصيات صندوق النقد الدولي اعتماد سياسات اقتصادية لتخفيف أثر تراجع النشاط على الأفراد والشركات والنظام المالي، وتقليص الآثار المستمرة للتباطؤ الاقتصادي الحاد، وضمان إمكانية بدء التعافي الاقتصادي بسُرعة مع انحسار الجائحة.

وأكدت لجنة اليقظة الاقتصادية تأثر فروع للأنشطة الاقتصادية، خصوصا تلك المعتمدة على الطلب الخارجي وقرارات السلطات الحكومية، في حين حافظت بعض الفروع الأخرى على نشاطها مستفيدة من الإجراءات المتخذة من أجل الحفاظ على فرص العمل ودعم القدرة الشرائية أو استمرار الطلب الدولي عليها.

واعتمادا على تحليل آخر مؤشرات الظرفية المتاحة قررت اللجنة الاقتصادية التي تضم ممثلين عن الحكومة والقطاع الخاص، تم اتخاذ إجراءات إضافية، حيث تم تأجيل آجال التصريحات على الدخل بالنسبة للأشخاص الذاتيين الراغبين في ذلك من نهاية أبريل إلى غاية 30 يونيو المقبل.

كما تقرر إعفاء أي تعويض إضافي يدفعه أرباب العمل للأجراء المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، من الضريبة على الدخل في حدود 50 في المئة من متوسط الراتب الشهري الصافي.

11