المغرب يسرّع الخطى للاستثمار في طاقة التيارات البحرية

وجّه المغرب أنظاره نحو استثمار وتطوير طاقة التيارات البحرية بالتعويل على المصادر المتجددة لإنتاج الطاقة في ظل جهود الدولة لدعم خطط تحقيق الاكتفاء الذاتي بالاستعانة بتجارب مماثلة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
الرباط - عدّل المغرب استراتيجية استثمار الطاقة المتجددة بالتركيز على التيارات البحرية عبر تشجيع البحث العلمي في المجال لتحقيق إنتاج مستدام يدعم تحول البلد نحو المصادر النظيفة ويقلل من انبعاث الكربون ويحافظ على البيئة.
وخلال السنوات الأخيرة تبنى المغرب استراتيجية للطاقات المتجددة بهدف الوصول إلى الاستقلال الطاقي، والانتقال من بلد يستورد كل احتياجاته من النفط والغاز إلى بلد منتج للطاقة المتجددة، وذلك بالاستفادة من الطاقات الريحية والشمسية وطاقة التيارات البحرية.
وفي هذا الإطار أعلن وزير الطاقة والمعادن والبيئة، عزيز رباح، عن تشكيل لجنة متخصصة لوضع خارطة طريق في أفق يناير 2021 لتطوير طاقة التيارات البحرية.
وأكد الوزير، الثلاثاء، على ضرورة بلورة تفكير مشترك بهدف بحث سبل الاستغلال الأمثل لطاقة التيارات البحرية، داعيا إلى تطوير مشاريع على المدى المتوسط والبعيد للمساهمة في تنويع مصادر إنتاج الطاقة، تماشيا مع تنزيل أهداف الاستراتيجية الطاقية الوطنية.
وشدد العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب المسيرة الخضراء، في 6 نوفمبر الجاري، على الاستثمار في المؤهلات الكثيرة، التي يزخر بها المجال البحري، وأنه يتعين الاستثمار في المجالات البحرية، سواء تعلق الأمر بتحلية مياه البحر، أو بالطاقات المتجددة، عبر استغلال مولدات الطاقة الريحية وطاقة التيارات البحرية.
وفي هذا السياق، دعا رباح، إلى “مواكبة هذه الخطوات عبر تعزيز البحث العلمي في هذا المجال، وذلك خلال الاجتماع الذي انكب على بحث سبل استغلال مصادر طاقة التيارات البحرية، بما فيها الطاقة المتأتية من حركة الأمواج وكذلك الطاقة الناتجة عن تيارات المد والجزر”.
وأوضح رئيس مجلس إدارة الوكالة المغربية للطاقات المتجددة (مازن)، مصطفى البكوري، الثلاثاء، أن “المغرب انخرط سنة 2009، في تحول طاقي هادف إلى تطوير الطاقات المتجددة ودعم النجاعة وبلوغ مزيج من الطاقة المتجددة يصل على الأقل إلى 52 في المئة بحلول العام 2030”.
وسبق للمركز الأميركي للسياسة الطاقية العالمية (سانتر أون غلوبال إنيرجي بوليسي)، أن أكد أن المغرب يبرز اليوم كنموذج بالنسبة للبلدان الأخرى، وخاصة الأفريقية، لكونه يعمل على إدماج الطاقات المتجددة في سياساته واستراتيجياته للتنمية.
وعلى مستوى الحفاظ على البيئة، فإن المملكة تبدو في الطريق نحو التقليص بنسبة 13 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول سنة 2030، وبلوغ 52 في المئة من الطاقات المتجددة بحلول السنة ذاتها، وتمثل الطاقات المتجددة بالفعل أكثر من 35 في المئة من القدرة الحالية لتوليد الكهرباء في المغرب.
وبدورهم أكد خبراء البنك الدولي، أن المغرب أصبح “نموذجا نوعيا” على مدى السنوات القليلة الماضية في مجال مكافحة التغيرات المناخية، مشيرين إلى أن المملكة انخرطت في سياسات واستثمارات ساهمت في دعم القدرة على الصمود، وتعزيز اقتصاد منخفض الانبعاثات الكربونية.
وفي إطار تتبعه للورشات الكبرى والمشاريع الاستراتيجية ترأس الملك محمد السادس، الشهر الماضي، بالقصر الملكي بالرباط جلسة عمل خصصت لاستراتيجية الطاقات المتجددة، حيث سجل بعض التأخير الذي يعرفه هذا المشروع الواسع، ولفت العاهل المغربي، الانتباه إلى ضرورة العمل على استكمال هذا الورش في الآجال المحددة، وفق أفضل الظروف، وذلك من خلال التحلي بالصرامة المطلوبة.
وأبدت الشركات المحلية والأجنبية اهتماما كبيرا بقطاع الطاقة في المغرب، كما تعهدت الحكومة المغربية بالتعاون في هذا المجال وتأكيدها المساهمة في تعميم الربط بالكهرباء بالنسبة للمناطق التي استعصى فيها الربط العادي، عن طريق دعم تلك المناطق لاعتماد الطاقات المتجددة.
وأبرز خبراء في مجال الطاقات المتجددة، أهمية انخراط المغرب بشكل فعال في الدينامية التي تعرفها هذه الطاقات الجديدة، لاسيما الطاقة المتأتية من حركة الأمواج وكذلك الطاقة الناتجة عن تيارات المد والجزر، حيث من المنتظر أن تشهد مصادر الطاقة المتجددة البحرية نموا كبيرا على مدى العقد المقبل، وستلعب دورا أساسيا في تحول الطاقة العالمي.
ووفقا لتوقعات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، ستصل القدرة العالمية المنشأة لطاقة الرياح البحرية إلى 228 ميغاواط وطاقة التيارات البحرية إلى 10 جيغاواط بحلول عام 2030.
وأكد البكوري، أن المغرب قام قبل وقت طويل من تفشي وباء “كوفيد – 19″، ببلورة رؤية مستدامة ونموذج تنموي يقوم على الطاقات المتجددة، واعتباره القطاع المدعو للعب دور محوري في كل من التعاون جنوب-جنوب والانتعاش الاقتصادي المستدام لأفريقيا.
وأعلنت الأمم المتحدة عن إطلاق تحالف دولي قائم على التعاون جنوب-جنوب بقيادة المغرب، وذلك بهدف تسريع الوصول إلى الطاقة المستدامة في البلدان الأقل نموا والبلدان النامية.
وفي إطار خارطة طريق تجارة الكهرباء المستدامة، يسعى المغرب وألمانيا وإسبانيا وفرنسا والبرتغال إلى دمج أسواقها للكهرباء الخضراء، مع العديد من مشاريع تصدير الكهرباء و”الجزيئات الخضراء” قيد الدراسة بين ضفتي المتوسط.
وأشار البكوري، إلى أن التزام المغرب بالتعاون جنوب-جنوب يتجسد من خلال جهوده مع نحو عشرين دولة معظمها أفريقية، والمتعلقة بتنفيذ برامج تعزيز القدرات والمساعدة التقنية المخصصة لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي التعاون الثلاثي مع المغرب وأفريقيا كعنصر أساسي في الصفقة الخضراء بين المغرب والاتحاد الأوروبي التي يجري تتميمها حاليا؛ وهي مبادرة سجلت أيضا اهتماما متزايدا بخبرة المغرب وإمكانياته المتجددة.
وحسب البكوري، ووفقا للرؤية الملكية التي تهدف لـ”بناء المستقبل سويا في إطار تعاون من دون قيود”، فإن المغرب مقتنع بأن التعاون جنوب-جنوب يمكن أن يلعب دورا رئيسيا في مواجهة الآثار السلبية للأزمة في البلدان النامية.