المغرب: تطوير العلاقات مع إسرائيل لن يكون على حساب القضية الفلسطينية

الوضعية المتميزة للتعامل مع اليهود المغاربة تساعد على التقارب بين الرباط وتل أبيب.
الأحد 2020/12/13
الدعم المغربي للقضية الفلسطينية ثابت ولن يتغير

شددت أوساط سياسية مغربية على أن تطور العلاقات بين المغرب وإسرائيل لن يكون على حساب القضية الفلسطينية، وأن التطورات الأخيرة التي رافقت الإعلان عن فتح مكاتب للاتصال بين البلدين، لن يغير من الموقف المغربي حيث سيبقى الدعم للفلسطينيين ثابتا.

الرباط - أعاد الموقف الرسمي المغربي التأكيد على دعمه للقضية الفلسطينية في أعقاب عودة العلاقات مع إسرائيل، مؤكدا في الوقت نفسه على أن تلك العلاقات لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، وأن القرار المستجد في هذا الخصوص لن يمنع الدعم المغربي لفلسطين كما كان عليه الأمر منذ عقود.

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد أجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأطلعه على فحوى اتصاله مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أعقاب الإعلان عن فتح مكاتب اتصال بين المغرب وإسرائيل. وأبلغ الملك محمد السادس الرئيس الفلسطيني بأن “موقفه الداعم للقضية الفلسطينية ثابت لا يتغير”.

وقال ناصر بوريطة وزير الخارجية المغربي، في مقابلة خاصة مع قناة “كان” الإسرائيلية السبت، إن استئناف العلاقات مع إسرائيل هو “قرار سيادي ينطلق من طبيعة العلاقات بين المغرب واليهود عامة، وبينه وبين إسرائيل خاصة”، مضيفا أن “العلاقات بين الملك محمد السادس والإسرائيليين من أصول مغربية هي علاقة خاصة، بدليل خروج الناس في إسرائيل للاحتفال بعودة العلاقات مع المغرب”.

وأوضح المسؤول الحكومي أنه “لما قال الملك محمد السادس إننا مع حلّ الدولتين فهذا يعني أننا منذ البداية نعترف بدولة إسرائيل، واعترفنا بها منذ التسعينات لأن هذا أمر منطقي”.

وقال “المغرب يرى دائما أن تطوير العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل وإعادة فتح القنوات لن يكون أبدا على حساب القضية الفلسطينية، ولا على حساب السلام، بل سيكون مساعدا على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط”. مبديا أمله في أن تكون الخطوة لمصلحة حل الدولتين واستقرار نهائي في المنطقة.

من جانبه، بين رئيس الحكومة سعدالدين العثماني، “أن الموقف المغربي إزاء القضية الفلسطينية، ووقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه المشروعة لن يتغير، رغم إعادة تطبيع علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل”.

ورحبت الأحزاب المغربية بهذا القرار، التي برأيها يتسم بالكثير من الواقعية والحكمة.

ناصر بوريطة: استئناف العلاقات مع إسرائيل هو قرار سيادي

وعبر رئيس حزب الأصالة والمعاصرة عبداللطيف وهبي، عن تثمينه لإعلان الملك محمد السادس الواضح والصريح، بكون “المغرب يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية”، وأن “عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربيتها لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة”.

وأوضح مراقبون أن المغرب له وضعية متميزة في التعامل مع اليهود حيث إن هذه الفئة من المجتمع المغربي كانت حاضرة في جميع التحولات التي عرفها المجتمع المغربي، ولهم دور كبير على عدة مستويات وبقي التواصل مع هؤلاء حتى بعد الهجرة التي تمت في الستينات إلى إسرائيل حيث يتواجد ما يقارب مليون يهودي هناك لهم ارتباط بالمغرب.

وتلفت شامة درشول، وهي محاضرة دولية مختصة في تحليل المحتوى الإعلامي، أن “كل ما فعله المغرب هو أنه اعترف بمسؤوليته القانونية والإنسانية تجاه 300 ألف مواطن مغربي يهودي، ومليون مواطن إسرائيلي من أصل مغربي، تحت مظلة الملكية”، مؤكدة أن “مكتب الاتصال الذي أقفل في العام 2000 كان يسهل الإجراءات الإدارية للجالية المغربية اليهودية المقيمة بإسرائيل ويحافظ على صلة الرحم بين المغرب وأبنائه اليهود”.

وبعد فتح مكتب الاتصال سيتخذ المغرب إجراءات عملية منها تسهيل الرحلات الجوية المباشرة لنقل اليهود من أصل مغربي والسياح الإسرائيليين من وإلى المغرب، واستئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الدبلوماسية في أقرب الآجال؛ وتطوير علاقات مبتكرة في المجال الاقتصادي والتكنولوجي.

وترى درشول أن “إعادة فتح المكتب لا يرتفع بعد إلى مستوى العلاقات الدبلوماسية الرسمية الكاملة، فلم يعلن بعد عن فتح السفارات، ولا عن تبادل الزيارات الرسمية بين البلدين، وتم ترك مناقشة هذه النقاط مرهونة بنتائج المفاوضات بين الفلسطينيين، والإسرائيليين”.

ويستنج المراقبون أن علاقة المغرب بإسرائيل ليست وليدة اليوم بل دوما كان المغرب المحاور العربي المعتدل في تدبير الصراع الإسرائيلي الفلسطيني محافظا على حق الفلسطينيين، واستحضر هؤلاء ترؤس العاهل المغربي للجنة القدس وعقده أول قمة عربية بفاس بداية الثمانينات من القرن الماضي للتقرير في مسألة السلام بين الفلسطينيين والإسرائبيين.

وتعليقا على قرار إعادة التواصل المباشر بين المغرب وإسرائيل، أبرز ميغيل أنخيل موراتينوس، الممثل السامي لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، أن “الدبلوماسية المغربية والملك محمد السادس، اقتداء برؤية الملك الراحل الحسن الثاني، قدما على الدوام مساهمة إيجابية في عملية السلام بالمنطقة. وفي هذا السياق تحديدا اتخذ المغرب هذا القرار التاريخي”.

بدوره أشاد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بالخطوة المغربية لافتا إلى أن “المغرب يعتبر نموذجا للتسامح بالنسبة للمنطقة والعالم انطلاقا من تقاليده التاريخية في حماية أقليته اليهودية”، مشيرا إلى أن “قرار استئناف الاتصالات الرسمية والعلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والمغرب هو خطوة أخرى ملحوظة نحو السلام في المنطقة العربية”.

2