المطلوب عربيا لمنع تهجير الغزيين

تفرض الظروف الراهنة على الوطن العربي ككل التصرف بطريقة سياسية ودبلوماسية مختلفة واتخاذ قرارات وتطبيقها على أرض الواقع في قطاع غزّة دون انتظار الإذن من أيّ أحد، وهنا أقصد إسرائيل والولايات المتحدة مع الأخذ بعين الاعتبار عدم تكافؤ القوى.
تهدد هذه الأزمة العاصفة والأخطر على القضية الفلسطينية ودول الجوار العربي الأمن القومي لها، كالأردن ومصر بطبيعة الحال، بسبب حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتكرر عن تهجير الفلسطينيين داخل أراضيهما.
هذا التهديد المترافق بحرب إعلامية وتصريحات متبادلة كضرب إسرائيل للسد العالي ونقل الفلسطينيين إلى المملكة العربية السعودية، أثار أزمة سياسية غير مسبوقة بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وقضى أو أجّل بالحد الأدنى أيّ اتفاق لتطبيع العلاقات بينها وبين إسرائيل.
حماس اليوم تدعي الانتصار فوق جماجم الغزيين، فإن كانت حقا منتصرة فقد انتهى دورها وقامت بما عليها. وإن كانت كما يشير الواقع، فقد منيت بهزيمة مجللة، فعليها أيضا الانسحاب من الواقع الفلسطيني السياسي والسلطوي والمعاشي
ما يفكر به العرب هذه الأيام هو الانتهاء من مأساة غزّة بشكل أساسي ولا يعنيهم أيّ حديث عن التطبيع الذي فقد الكثير من قيمته لسببين: الأول، الرفض الإسرائيلي المتشدد لقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو، ورفض نتنياهو حسب تصريحاته الإعلامية “العودة إلى خطأ أوسلو”. وأوسلو، كما يعلم الجميع، يشكّل حجر الزاوية لأيّ اتفاق مستقبلي بين الفلسطينيين والإسرائيليين. الثاني، الاشتراطات السعودية الجلية بخصوص قيام الدولة الفلسطينية، وبالتالي هذا يؤشر على أن المملكة العربية السعودية لن تقبل بأيّ اتفاق تطبيع مقابل عدم تهجير الغزيين وضم الضفة الغربية.
إيران، التي كانت تستخدمها الولايات المتحدة كعنصر ابتزاز للدول العربية ونقطة التقاء للمصالح بينها وبين إسرائيل، حاليا هي أضعف من قبل وتبحث عن تهدئة مع دول الجوار العربي. هذا لا يعني انتهاء التهديد الإيراني بشكل كامل، بل ضعفه وخواره بسبب خسارتها الكثير من الساحات كغزّة ولبنان وبشكل أشمل في سوريا. وبصريح العبارة، فالتهديد الأبرز للعرب اليوم هو إسرائيل وليس إيران.
لكن علينا أن نضع في الحسبان أن مطالب ترحيل الغزيين وضم الضفة الغربية ليست إسرائيلية فقط، بل هي أميركية. لذا، يجب الوصول إلى نقطة تفاهم مع الإدارة الأميركية والحديث معها بشكل مستفيض بخصوص هذه الإشكالية. كانت أوّل خطوة بهذا الاتجاه لقاء العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مع الرئيس الأميركي المنتخب حديثا دونالد ترامب.
تمثل الدول العربية وبالأخص مصر والأردن والمملكة العربية السعودية رأس الحربة في إجهاض المشروع الصهيوني القديم المتجدد من ترانسفير في قطاع غزّة المدمر وضم أراضي الضفة الغربية التي تئن تحت وطأة ألف حاجز إسرائيلي يقطّع أوصالها. في المقابل، يتعين على هذه الدول العربية الثلاث سد الذرائع الأميركية وإيجاد حل وسط يتمثل في ضرورة إجبار حركة حماس على التخلي عن قطاع غزّة رغبة أو رهبة.
حماس اليوم تدعي الانتصار فوق جماجم الغزيين، فإن كانت حقا منتصرة فقد انتهى دورها وقامت بما عليها. وإن كانت كما يشير الواقع، فقد منيت بهزيمة مجللة، فعليها أيضا الانسحاب من الواقع الفلسطيني السياسي والسلطوي والمعاشي. لن تقبل الإدارة الأميركية مطلقا بأيّ دور لها، ولنا في تصريحات المبعوثة الأميركية إلى لبنان مورغان أورتاغوس ضد شقيقها حزب الله خير مثال على ذلك مع التأكيد أن حزب الله مني بخسارة تعتبر أقل وطأة من خسارة حماس.
انطلاقا من هذه النقاط، تجب المباشرة بتثبيت الفلسطينيين على أرضهم من خلال إدخال الخيام والمنازل مسبقة الصنع إلى حين الانتهاء من إعمار قطاع غزة بشكل كلي، الأمر الذي يحتاج إلى عشرات المليارات من الدولارات وما يقارب 18 عاما.