المصري أحمد فضل شبلول: استفدت كثيرا من عملي الصحفي في كتابتي الأدبية

من اللافت أن يجمع كاتب بين أجناس مختلفة في الكتابة الأدبية كالشعر والرواية مثلا، والكتابة النقدية من مقالات أو متابعات نقدية وحوارات وغيرها، وهذا ما حققه الكاتب والشاعر المصري أحمد فضل شبلول الذي خيّر الخروج من الذاتية والغنائية التي تنتشر بشكل كبير في الساحة العربية، ليتماس مع تجارب غيره. ونتعرف على عوالمه الأدبية ورؤاه في هذا الحوار معه.
بدأ الكاتب المصري أحمد فضل شبلول شاعرا، وكتب للطفل، وانتقل إلى الرواية مؤخرا، عمل في مجال الصحافة فأعطته وأعطاها على مدار سنوات وكانت له فيها بصمات مهمة خاصة الصحافة الرقمية. لا يكتفي بإنتاجاته الأدبية، ولكنه ناقد متميز للأعمال الأدبية الأخرى، لا يجامل ولا يتصيد أو يتحامل، فقط يقول ما يراه بصدق، فهذه صفة أخرى من صفاته وهي الإنصاف.
كوَّن شبلول ثنائيا إسكندرانيا مميزا مع صديقه الشاعر والأكاديمي فوزي خضر، وأنتج هذا التعاون عدة أعمال، وهو إسكندراني حتى النخاع، أجابني حين سألته عن مشروعه بقوله “مشروعي هو الإسكندرية”. وكانت هذه أول مرة أسمع من أديب أن مشروعه هو المكان. فالهوية السكندرية جزء أصيل من شخصيته.
حين كتب لنجيب محفوظ ليلته الأخيرة كتب الكثير عن الإسكندرية وركَّز على محبة محفوظ لها، وكتب سيرة أحد رساميها الكبار وهو محمود سعيد، وأعدّ ملفًا كاملا عنها من 30 صفحة في مجلة “العربي” الكويتية أسماه “الإسكندرية وصفها يشاكلُ اسمَها” استوحاه من “ألف ليلة وليلة” والليلة الشهيرة على لسان البحّار نورالدين (ابن التاجر تاج الدين) الذي تعجب من جمال المدينة حين زارها، ناهيك عن أعماله الأخرى التي تدور في الإسكندرية مثل ثلاثية العشق: الماء العاشق، واللون العاشق، والحجر العاشق. وإذا توقفنا أمام أعمال دواوينه الشعرية سنجد الإسكندرية تبزغ بقوة في تلك العناوين، بل وعناوين القصائد نفسها ومحتواها الفني والشعري.
ما يشبه السيرة
العرب: كتب الأكاديمي فوزي خضر سيناريو وحوارا مستوحى من روايتك “الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد” وفاز بمنحة لتحويله إلى فيلم روائي قصير بعنوان “الرسام”. حدثني عن هذه التجربة.
أحمد فضل شبلول: هي تجربة متميزة أن يتحول عمل روائي لي إلى سيناريو وحوار كي ينتج فيلما روائيا قصيرا، وهو كان أحد أحلامي أن تتحول تلك الرواية التي بطلها الفنان التشكيلي الرائد محمود سعيد إلى عمل درامي، سواء كان مسلسلا تلفزيونيا أو فيلما دراميا، مهما كانت مدته، لأننا لم نتعود على هذه الأعمال في مصر والوطن العربي.
صحيح أن هناك أعمالا تسجيلية ووثائقية قد أنتجت عن بعض الفنانين، ولكن الأعمال الدرامية عن أحدهم لم ألاحظها، بينما في الغرب تم إنتاج العشرات من الأفلام عن بعض الفنانين التشكيليين، وربما الفنان التشكيلي الواحد ينتج عنه أكثر من فيلم، وكل عمل له رؤية مختلفة عن الآخر، من أمثال فان غوخ وجويا وديلاكروا وبيكاسو ودالي ورمبرانت ودافنشي وغيرهم.
عندما تم الإعلان عن وجود مسابقة أو منحة مالية لدعم الأفلام الدرامية القصيرة من بيت الوطن الكويتي وجمعية “خليجيون في حب مصر” برئاسة الدكتور يوسف العميري، وذلك من خلال فعاليات مهرجان الإسكندرية السينمائي هذا العام 2022، اتصل بي السيناريست والشاعر الدكتور فوزي خضر واقترح عليّ تحويل رواية “الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد” إلى سيناريو وحوار فيلم روائي قصير، فسعدت كثيرا، والتقينا في اليوم نفسه ومعي نسخة من الرواية، على الرغم من أن لديه نسخة سابقة قرأها فور صدور الرواية عام 2020، وفي ثلاثة أيام أعد فوزي خضر السيناريو والحوار، من خلال ثمانية مشاهد فقط اختصارا للزمن أثناء احتضار الفنان ووصوله إلى لحظة الوفاة.
ولكنها ثمانية مشاهد درامية مليئة بالحركة والحيوية والنشاط، وكأنها العاصفة التي تسبق الموت، أو صحوة الموت المضيئة، واختار لها اسم “الرسَّام”، وهو اسم عام ولكن تظهر خصوصيته عندما تُكتب تحته عبارة (عن رواية “الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد”)، أو عندما توضع إلى جانب الرسام صورة محمود سعيد نفسه الذي أصبح معروفا لدى الكثيرين، خاصة من محبي الفن التشكيلي في الوطن العربي.
واستكمل فوزي خضر بعض المتطلبات الأخرى التي وردت في شروط المنحة، وعندما أعلنت النتيجة فوجئنا بالخبر السعيد أن هذا السيناريو والحوار فازا بالمركز الثاني مناصفة، وحصلا على مبلغ ثلاثين ألف جنيه لإنتاجه وعرضه في مهرجان الإسكندرية السينمائي في العام القادم 2023 إن شاء الله. وخلال الأيام القادمة سيتم الاتفاق مع جميع العناصر لبدء التصوير.
هناك حاليا وسائل أكثر تأثيرا من الأدب على المجتمع؛ هناك السينما والمسلسلات التلفزيونية والبرامج الحوارية
العرب: هناك ثنائية مميزة في الوسط الثقافي بين الشاعرين فوزي خضر وأحمد فضل شبلول، فماذا كان نتاج هذا التعاون بالإضافة طبعا إلى سيناريو فيلم “الرسَّام” المأخوذ عن روايتك “الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد”؟
أحمد فضل شبلول: عرفت الشاعر فوزي خضر منذ أن انتظمت في نادي الشعر بقصر ثقافة الحرية في الإسكندرية خلال سبعينات القرن الماضي، فكنت أستمع إليه بعمق ويستمع إلي، وكنا نحضر الندوات والأمسيات والمهرجانات الشعرية معًا باستمرار، وكان المشرفون على هذه الأمسيات والجمهور الحاضر دائمي الإشادة بنا. كما كنا ننشر معا في العديد من المطبوعات الأدبية والثقافية في مصر وخارجها، وعندما لجأت إلى كتابة الرواية وصدرت لي أول رواية وهي “رئيس التحرير” قام فوزي خضر بقراءتها ووضع فكرة تحويلها إلى فيلم روائي طويل.
ونحن نعرف أن له تجارب كثيرة في العمل الإذاعي والتلفزيوني من خلال برنامجه الشهير “كتاب عربي علم العالم” الذي أذيعت منه قرابة ثلاثة آلاف حلقة إذاعية، وتعاد إذاعته الآن في البرنامج العام بالإذاعة المصرية. غير أن الشركة العربية التي قدم لها فوزي خضر فكرة أو قصة فيلم “رئيس التحرير” حدثت لها بعض المشاكل وأغلقت أبوابها، ولا تزال الفرصة سانحة من شركات إنتاج أخرى.
وظل هاجس تحويل عمل لي من الرواية إلى الشاشة يراود فوزي خضر، فكرر المحاولة مع رواية “الحجر العاشق” وقام بتحويلها إلى سباعية تلفزيونية تحت عنوان “زمرد الولهان” لم تر النور بعد. ثم جاءت فكرة تحويل رواية “الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد” إلى فيلم روائي قصير تحت عنوان “الرسام”، وهو ما تحدثنا عنه في الإجابة عن سؤال سابق.
العرب: أنت باحث شديد الجدية في كل ما تكتب وتختار، وهذا يشير إلى شخصية جادة ومثابرة وأمينة، فكيف كانت نشأتك التي أسست لهذه الصفات؟
نشأتي كانت نشأة طبيعية جدا، طفل صغير يحب القراءة بشغف، ويحب لعب كرة القدم، وبعد أن قطعت شوطا في لعب كرة القدم استحوذت عليّ القراءة، وكنت أذهب باستمرار إلى مكتبة البلدية في الإسكندرية في شارع منشا والقريبة من محل سكني في حي محرم بك، وكنت أقلد ما أقرأه وأعرضه على مدرس اللغة العربية في المرحلة الإعدادية، فقام بتشجيعي وحثني على القراءة أكثر وأكثر خارج مقررات المدرسة، فقرأت الكثير والكثير، ولم أضِع وقتا في الجلوس في المقاهي أو اللعب مع زملائي بعد أن اعتزلت مبكرا كرة القدم، وأحسست بأن القراءة ثم الكتابة ستأخذاني إلى عوالم أخرى أحببتها.
العرب: أطلقت جائزة تحمل اسمك في الشعر الموجه للطفل، هل تلك الجائزة وليدة لحظة فوزك بجائزة الدولة أم كنت تفكر فيها، وكانت الجائزة الحافز، وما الدافع إلى إطلاقها؟
أحمد فضل شبلول: هذه الجائزة التي حملت اسمي كانت تداعب خيالي منذ أن فزت بجائزة الدولة التشجيعية بديوان شعر للأطفال هو “أشجار الشارع أخواتي” عام 2007 ثم قمت برصد مبلغ رمزي لها من خلال فرع اتحاد الكتاب بالإسكندرية، وعندما فزت بجائزة الدولة للتميز في الآداب عام 2019 عرضت على مجلس إدارة النقابة العامة لاتحاد الكتاب فكرة إنشاء جائزة أحمد فضل شبلول للنص الشعري المكتوب للأطفال، ورصدت مبلغا أكبر، ووافق مجلس الإدارة بعد إيداع مبلغ مقطوع في أحد البنوك باسم الاتحاد ليدر عائدا سنويا لتمويل مبلغ الجائزة.
والهدف من إنشاء هذه الجائزة هو تشجيع الشعراء الذين يكتبون للأطفال لإثراء المشهد الشعري الخاص بالطفل في مصر. وآمل الفوز بجائزة أكبر لتشمل الجائزة الشعراء العرب جميعا الذين يكتبون للأطفال. لأنني ألاحظ نقصا كبيرا في هذا الجانب، كما أن البعض يستسهل الكتابة للأطفال، دون أن يعلم أن الكتابة للطفل ربما تكون أصعب من الكتابة للكبار.
العرب: “رئيس التحرير” رواية كتبت من خلالها سيرتك الذاتية في بلاط صاحبة الجلالة، فهل تفكر في كتابة سيرتك الذاتية من زاوية أخرى؟
أحمد فضل شبلول: فعلا رواية “رئيس التحرير – أهواء السيرة الذاتية” فيها جزء من سيرتي الذاتية المتعلقة بالعمل الصحفي، وقد أفكر في كتابة سيرة ذاتية شاملة في المستقبل.
العرب: اسمك أحد أبرز الأسماء في الصحافة الورقية والصحافة الرقمية، تكتب في مواقع وصحف ومجلات قراءات نقدية، كيف أثر عملك الصحفي في عملك الأدبي والعكس؟
استفدت كثيرا من عملي الصحفي لتنشيط الجانب الأدبي، فلكي أكون صحافيا جيدا في القسم الثقافي لأي مطبوعة تجب القراءة والكتابة بكثافة ومتابعة الإصدارات الأدبية والفكرية، والكتابة عنها أو عرضها للقارئ، كما أن الصحافة تحقق نوعا من التواصل مع الأدباء والكتاب والمثقفين والمفكرين من خلال عرض أعمالهم والحوار معهم والكتابة النقدية، فقد دخلت عالم الصحافة من بوابة الأدب والثقافة. وقد حققت تواصلا جيدا مع عدد كبير من الأدباء والمثقفين العرب من خلال عملي في الصحافة خارج مصر.
الليالي الأخيرة
العرب: نجيب محفوظ كان روائيا وكانت له بعض القراءات النقدية، ولكنه ركز على مشروعه الأدبي، وأنت اخترت أن تعمل في كلا الجانبين (أدبي – نقدي) فهل أفدت من الناقد أحمد فضل شبلول حين قررت كتابة الرواية، أم يأخذ الناقد وقتا من صاحب المشروع الأدبي؟
أحمد فضل شبلول: أنا شخصيا استفدت من القراءات الأدبية والنقدية والملاحظات التي أخرج بها من العمل الذي أقرأه سواء كان شعرا أو رواية أو قصة أو مسرحية. وعلى الرغم من الآراء النقدية التي قدمها أستاذنا الكبير نجيب محفوظ لما كان يقرأه، فإنه لم يعرف عنه أنه ناقد، ولم يرتح لهذا التصنيف، هو كان يكتب أو يتحدث بانطباعات قد تكون عميقة لبعض الأعمال التي يقرأها ويتفاعل معها، وكان يتحدث عن بعضها في اللقاءات العامة أو في إذاعة البرنامج الثقافي أحيانا.
العرب: الليلة الأخيرة اتخذتها منطلقا لروايتيك “الليلة الأخيرة في حياة نجيب محفوظ” و”الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد”، لماذا وقع اختيارك على الليلة الأخيرة؟ وهل تفكر في كتابة الليلة الأخيرة في حياة رمز آخر من رموزنا؟
أحمد فضل شبلول: دائما الساعات الأخيرة تكون هي ساعات البوح والفضفضة قبل انقضاء الأجل، وأتخيل دائما أن الإنسان في تلك الساعات يكون في أفضل حالاته الذهنية والحسية، يكون مستنفرا وقادرا على استدعاء حياته كلها كشريط سينمائي سريع، وإلقاء الضوء عليها، قبل أن يسلم روحه لمَلك الموت.
ولعل وفاة أبي عام 1986 نبهتني لذلك، فقد ذكرت لي والدتي التي كانت تقيم معه في المستشفى قبل الوفاة أنها سمعته يتحدث مع شخص غير مرئي في الغرفة التي توفي فيها، ويقول له “مش دلوقتي (ليس الآن)”. كنت وقتها في بغداد للمشاركة في مهرجان المربد الشعري. وعندما عدت وزرته في المستشفى حكت لي والدتي هذا الأمر، ووقع في روعي أن والدي طلب من مَلك الموت تأجيل الموت حتى أعود ويراني. وفي الليلة الأخيرة له في المستشفى كان سعيدًا أن رآني وقد عدت إلى مصر، وكان يتحدث إلينا وكأنه غير مريض، إلى درجة أنني فكرت في خروجه من المستشفى والعودة إلى البيت في اليوم التالي، ولكن فوجئنا جميعا بموته صبيحة اليوم التالي.
وأفكر حاليا في كتابة الليلة الأخيرة في حياة أحد شعرائنا الكبار، المهم أن تصلح حياته لذلك، وأن يكون فيها الخيط الدرامي والوقائع المثيرة التي تشدني ككاتب قبل أن تشد القارئ، وقد وجدت ذلك في حياة محمود سعيد، ووجدته أكثر في حياة نجيب محفوظ الذي تعرض للاغتيال عام 1995 بسبب روايته الشهيرة “أولاد حارتنا”، هذه الواقعة وحدها كافية لكتابة رواية عنها.
النقلة من الشعر إلى الرواية حدثت لشبلول عندما وجد أن هناك هواجس وأفكارا تنتابه ولا يستطيع كتابتها شعرا
العرب: تحاول أن تستثمر قراءاتك بأكبر قدر ممكن، ففي تحضيرك لرواية “الليلة الأخيرة في حياة نجيب محفوظ” قرأتَ عددا كبيرا من المراجع، ولكنك لم تقف عند الرواية وأصدرت عدة كتب أخرى عن حياته وكتبت مقالات أيضا. حدثني عن ذلك.
أحمد فضل شبلول: أنا أحاول أن أستفيد من قراءاتي، وأن أعظّم المنفعة الحدية لكتاباتي بلغة أهل الاقتصاد الذي درسته في كلية التجارة، وعلى سبيل المثال عندما انتهيت من كتابي “جماليات النص الشعري للأطفال” وجدت وفرة من المراجع والمصادر، فقمت بالبحث والتنقيب مجددا في هذه المنطقة، وأسفر ذلك عن “معجم شعراء الطفولة في الوطن العربي خلال القرن العشرين”، ثم كتاب “أدب الأطفال في الوطن العربي – قضايا وآراء”.
وعندما كنت أحضر لرواية “الليلة الأخيرة في حياة نجيب محفوظ” توفر لدي الكثير من المصادر والمراجع من كتب ومجلات وجرائد وتسجيلات تلفزيونية، ووجدت في مكتبتي مكتبة مصغَّرة لنجيب محفوظ وعنه، ووجدت عندي خبيئة كنت قد نسيتها في مكتبتي القديمة، تمثلت في حوارات كثيرة نشرت مع نجيب محفوظ خارج مصر وجمعتها عندما كنت أعمل خارج مصر، فأصدرتُ كتابًا بعنوان “نجيب محفوظ بلا معطف” يتضمن 28 حوارا مع محفوظ خلال الفترة من 1970 إلى 1995 فقرأتها بعمق وقمت بعمل تحليل مضمون صحفي لها، وصدرت في كتاب عن دار الآن ناشرون وموزعون بالأردن.
ثم جمعت حوارات أخرى داخل مصر، قرأتها بعمق في مصادرها المختلفة، وقمت بعمل تحليل لها وأصدرتها في كتاب يحمل عنوان “عصر نجيب محفوظ” صدر عن مؤسسة حورس الدولية بالإسكندرية.
نفس الحال بالنسبة إلى الفنان التشكيلي محمود سعيد، عندما كتبت عنه الرواية الأولى “اللون العاشق” التي توقفت فيها عند عام 1935 وهو يرسم لوحة “بنات بحري”، صدرت عن دار الآن ناشرون وموزعون بالأردن. ثم وجدت عندي وفرة من المصادر والمراجع، جعلتني أضع روايتي الثانية عنه بعنوان “الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد” وصدرت عن سلسلة “روايات الهلال” من مؤسسة دار الهلال بالقاهرة.
كتابة الرواية والشعر
العرب: هل تأثير الأدب الآن على المجتمع يختلف عن تأثيره في شبابك؟
أحمد فضل شبلول: بالتأكيد يختلف، فهناك حاليا وسائل أكثر تأثيرا من الأدب على المجتمع؛ هناك السينما والمسلسلات التلفزيونية والبرامج الحوارية التي قد تستضيف أديبا أو كاتبا له تأثير قوي، فلولا تحويل بعض أعمال نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي وغيرهم إلى الشاشتين الكبيرة والصغيرة، ربما لم يكن قد حققوا اسما عريضا كما هم عليه الآن. في أيام شبابي كان الكتاب هو المرجع الأصيل لوجودنا الأدبي، الآن تغيرت المعادلة ودخلت وسائط أخرى.
العرب: هل ترى أن هناك أديبا مصريا يستحق نوبل بعد نجيب محفوظ؟ وهل ترى في نفسك هذا الشخص؟
أحمد فضل شبلول: ولم لا.. ما دامت أعمالنا أعمالا إنسانية، قابلة للترجمة والقراءة لدى شعوب أخرى. وقد سعدت بترجمة روايتي “الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد” إلى اللغة الفرنسية، قام بها المترجم التونسي الأكاديمي منصور مهني، وصدرت عن دار نشر شهيرة اسمها لارماتان في باريس أوائل هذا العام. وحاليا انتهى المترجم حسن حجازي من ترجمة “الليلة الأخيرة في حياة نجيب محفوظ” إلى اللغة الإنجليزية وسوف تصدر بمشيئة الله عن دار نشر كندية أوائل العام القادم. واتفقت أيضا مع د. منصور مهني على ترجمة “الليلة الأخيرة في حياة نجيب محفوظ” إلى اللغة الفرنسية مع مطلع العام القادم.
وقد سبق أن تُرجمت مختارات من قصائدي إلى اللغة الفرنسية تحت عنوان “بحر آخر” ولكن صدرت الترجمة في مصر ولم تعبر الحدود. فكأنها لم تكن. ربما أحاول نشر هذه الترجمة لدى إحدى دور النشر الفرنسية الكبيرة.
العرب: ثلاثية العشق: اللون العاشق، الحجر العاشق، الماء العاشق، هل تشير إلى شخصية رومانسية؟
أحمد فضل شبلول: لا أدري .. فلنجعل النقاد هم الذين يتحدثون عن ذلك.
العرب: من الشعر إلى الرواية، كيف حدثت هذه النُّقلة؟
أحمد فضل شبلول: أخذتني الرواية في السنوات الأخيرة، وأصدرت ست روايات حتى الآن هي: رئيس التحرير، وثلاثية العشق (الماء العاشق، واللون العاشق، والحجر العاشق) والليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد، والليلة الأخيرة في حياة نجيب محفوظ، وانتهيت من رواية جديدة، لا أريد أن أفصح عن أجوائها، لأنها شكلت مفاجأة بالنسبة إلي وأنا أكتبها. وأصبحت أتابع الأعمال الروائية أكثر من الأعمال الشعرية.
وقد حدثت هذه النقلة عندما وجدت أن هناك هواجس وأفكارا تنتابني ولا أستطيع كتابتها شعرا، فلجأت إلى القالب الروائي، فكانت رواية “رئيس التحرير – أهواء السيرة الذاتية” ووجدت ترحيبا كبيرا بها على مستوى الوطن العربي، وصدر عنها كتاب بعنوان “سيرة الرواية ورواية السيرة” أعده الناقد المغربي د. مصطفى شميعة، وجمع فيه أكثر من عشرين مادة عن هذه الرواية التي لا تزال حتى الآن تدرس، ودخلت ضمن أكثر من رسالة علمية ما بين ماجستير ودكتوراه -وخاصة في العراق والجزائر- عن علاقة الصحافة بالأدب.
وليس معنى ذلك أنني هجرت الشعر، أبدا، إنني مازلت أكتبه، وحصلت على منحة التفرغ من وزارة الثقافة المصرية في فرع الشعر، وبالفعل انتهيت من كتابة ديوان بعنوان “دفتر العقل” كما أن لي ديوانا آخر في انتظار النشر لدى الهيئة العامة لقصور الثقافة بعنوان “الخروج إلى البحر”. وأنشر قصائدي الآن في مجلة “العربي” وآخر قصيدة لي نشرت فيها كانت بعنوان “أمواج ضالّة”، وهناك قصيدة أخرى في انتظار النشر بعنوان “التقويم الشعري”.