المصري أحمد أبوالحسن: التكنولوجيا لا تخدم الفن كما يفعل التبادل الثقافي

الفنان يستوحي لوحاته من البيئة الخاصة التي يتمتع بها صعيد مصر، حيث استهواه الفلكلور الشعبي .
الجمعة 2023/07/21
التواصل المباشر ينوع خبرات الفنانين

الأقصر - قال الفنان التشكيلي المصري أحمد مجدي أبوالحسن إن الحركة التشكيلية العربية حركة غنية، وتشهد كل يوم مولد فنان جديد صاحب رؤية تشكيلية، وبها الكثير من الفنانين الذين وصلوا بإبداعاتهم التشكيلية إلى العالمية، لكنّ قلّة منهم – بحسب قوله – لا يُعرف عنهم الكثير ولا يُسلّط الضوء عليهم.

وأضاف أبوالحسن “دارت حول حاضر ومستقبل المشهد التشكيلي المصري والعربي، أنه مع التطور التكنولوجي السريع أصبح هناك مخزون ثقافي وبصري كبير”، ولكن وفقا لقوله، فإن التكنولوجيا وحدها لا تكفي، ولا بد من وجود تبادل ثقافي وفني بين الدول، وتبادل للزيارات بين وفود الفنانين التشكيليين، بما يتيح فرصة الاطلاع والحرية في التجريب، الأمر الذي يحقق المزيد من الحراك الفني ويخدم الحركة التشكيلية العربية ويجعلها محل أنظار العالم.

وحول رؤيته لما يواجهه الفنان التشكيلي العربي من مشكلات تعوق مسيرته، قال إن من بين تلك المشكلات قلة أعداد المراكز الفنية التي تتيح لشباب الفنانين التشكيليين بوجه خاص، فرصة عرض أعمالهم، وتسويقها، وحاجة الفنانين إلى الدعم من قبل المؤسسات المعنية، خاصة مع ارتفاع أسعار الخامات والأدوات المستخدمة في مجالات الإبداع التشكيلي، وهي أسعار تفوق قدرات الكثير من الفنانين وخاصة من ينتمي منهم إلى جيل الشباب.

الحاجة إلى توظيف المبدعين من خريجي كليات الفنون الجميلة في تنفيذ أعمال فنية في الشوارع والميادين بهدف تعظيم دور الفنون في خدمة المجتمعات

وأضاف أن من المشكلات التي تواجه الفنانين التشكيليين العرب أيضا، عدم قدرة الفنان على العيش من نتاج فنه، خاصة مع تراجع ثقافة اقتناء الأعمال الفنية بالمجتمعات العربية، إضافة إلى سيطرة فئة بعينها من كبار الفنانين على سوق الفن التشكيلي، الأمر الذي يزيد من معاناة الفنانين الشباب.

وأكد أبوالحسن الحاجة إلى توظيف المبدعين من خريجي كليات الفنون الجميلة في تنفيذ أعمال فنية في الشوارع والميادين بهدف تعظيم دور الفنون في خدمة المجتمعات ونشر الثقافة البصرية وتغذية الذائقة الجمالية لدى الجمهور، بدلا من اقتصار تقديم الأعمال الفنية على قاعات العرض المغلقة.

وحول مصادر الإلهام لديه، وموضوعات ومفردات أعماله الفنية، قال الفنان التشكيلي المصري أحمد مجدي أبوالحسن إنه يستوحي لوحاته من البيئة الخاصة التي يتمتع بها صعيد مصر، حيث استهواه الفلكلور الشعبي من موسيقى وألوان وأزياء، و”العروسة” التي تصنع من القماش في منطقة القُرْنة الأثرية في غرب الأقصر، والآلات الموسيقية الشعبية، والبشر والحيوانات، حيث صاغ كل ذلك في لوحاته برؤية فنية معاصرة.

وحول عوالمه الفنية والمدارس الفنية الأقرب له، وعلاقته باللوحة والفرشاة والألوان، قال الفنان إنه ابن مختلف مدارس التصوير المصري الحديث، وإنه بحكم نشأته في الجنوب، حيث المعابد والآثار المصرية القديمة، ربما تأثر أكثر بتقاليد الفن المصري القديم، وبالألوان التي تقارب البيئة الصعيدية، وأنه ربما تأثر أيضا بأساتذته في كلية الفنون الجميلة بمدينة الأقصر، ومن ثم فهو يحاول مقاربة عوالم بعض الفنانين أمثال: تحية حليم وجاذبية سري وعبدالغفار شديد، وأنه مؤخرا استهوته تجربة الفنان حامد ندا وقدرته على التعامل مع الموروث الشعبي وتطويره في معالجات فريدة، وكذلك تجربة الفنان عبدالهادي الجزّار، وتجربته في التعامل مع الأساطير الشعبية.

ولفت إلى تشبعه بالمفردات البصرية والسمعية والمعتقدات في البيئة الصعيدية بجنوب مصر التي نشأ فيها، حيث اتسع أفقه لتلك المفردات أكثر عند انتقاله إلى مدينة الأقصر المصرية للدراسة بكلية الفنون الجميلة، حيث تأثر بالصوفية ومظاهر الاحتفالات الشعبية وألوانها المتفردة، والحكي الشفهي، حيث كان يذهب إلى حلقات الذكر والأسواق والمقاهي لعمل اسكتشات من الواقع ثم يُعيد صياغتها، وتابع أنه ربما جذبه أثر الزمن على جدران المعابد، وتأثير الشمس شديدة الحرارة على الأشياء حيث كان يرى الألوان زاهية، وسماعه إلى المديح النبوي وابتهالات المنشدين مثل الشيخ أمين الدشناوي، حيث كان يندمج مع العمل الفني كما يندمج الدراويش مع حضرة الذكر والمديح، في استحضار لحالة روحانية خاصة وهو أمام اللوحة.

لل

وتحدّث أبوالحسن عن علاقته باللوحة والفرشاة والألوان، فقال إن اللوحة في البداية تكون طبقات لونية بعضها فوق بعض، لتحقيق الغنى اللوني في المراحل الأولى من خلق العمل الفني، والتعامل مع السطح الأبيض الفارغ ليبدأ في الامتلاء بالألوان الباردة والساخنة، ومناطق تمزج بين الاثنين، وضربات فرشاة صارمة وحادة تحمل مشاعر انفعال، وخطوط أخرى تكون مرنة.

كل ذلك يُعبر عنه وعن مراحل حياته والبيئة المحيطة والزمن، حيث يساهم كل ذلك في خلق الأشكال الفنية من تلك الألوان التي تظهر في المراحل الأخيرة بالشكل الجمالي الذي يدل على الموضوع، ولكنها تحمل في باطنها تعبيرا عن مشاعر خاصة لا يراها المتلقي ولكن يستشعرها، وكذلك إلغاء مناطق التلاشي في العمل ومعاودة صياغة اللون باعتباره رمزا وليس مجرّد ضوء مثير للجمال.

يُذكر أن الفنان التشكيلي المصري أحمد مجدي أبوالحسن درس الفنون الجميلة بكلية الفنون الجميلة في مدينة الأقصر، وعضو بنقابة الفنون التشكيلية المصرية، وله مشاركات في عدد من مشروعات تجميل المدن، كما شارك بلوحاته في قرابة 18 معرضا وملتقى فنيا محليا ودوليا.

14