المشيشي يزور واشنطن لحشد الدعم لتونس في المفاوضات مع صندوق النقد

تونس- يُحضر رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي لزيارة الولايات المتحدة مطلع الشهر المقبل ساعيا إلى حشد الدعم الأميركي لموقف تونس في مفاوضاتها الشاقة مع صندوق النقد الدولي، وسط ترجيحات بأن يرافق نورالدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل (المركزية النقابية في تونس) المشيشي في هذه الزيارة في سابقة تاريخية.
وتعول تونس على دعم شركائها الأوروبيين والأميركيين في سعيها للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الذي يضع العديد من الشروط على غرار تنفيذ الإصلاحات المطلوبة والتسريع في عملية التلقيح ضد فايروس كورونا المستجد.

معز الجودي: الدعم الأميركي لن يكون حاسما في مفاوضاتنا مع صندوق النقد
وطلبت تونس رسميا من صندوق النقد الدولي قرضا جديدا في وقت يرزح فيه الاقتصاد التونسي تحت وطأة أزمة خانقة بسبب تداعيات فايروس كورونا والتجاذبات التي تحول دون إرساء استقرار سياسي.
ووفقا لما نشرته وكالة رويترز، قال صندوق النقد الدولي الأحد إن تونس طلبت رسميا برنامجا تمويليا منه في 19 أبريل، مثمنا جهود الحوار الحكومي مع شركاء المجتمع بخصوص الإصلاحات ذات الأولوية لإنعاش الاقتصاد التونسي العليل.
وقالت مديرة الصندوق كريستالينا جورجيفا في رسالة إلى رئيس الحكومة التونسية المشيشي إنها ستكلف وفدا لإجراء محادثات فنية فور الحصول على برنامج الإصلاح الاقتصادي التونسي.
وعملية إصلاح الاقتصاد عملية معقدة في تونس حيث تخضع لتفاهمات مع المنظمات الوطنية على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة (مجمع رجال الأعمال)، وهو ما جعل التكهنات تتصاعد في تونس بشأن مرافقة الطبوبي للمشيشي في زيارته إلى واشنطن في سابقة.
وكان الطبوبي قد اتفق في وقت سابق مع المشيشي على إصلاح 7 مؤسسات عمومية وهي شركات الخطوط الجوية، والفولاذ، والكهرباء والغاز، والصناعات الصيدلية، والشحن والترصيف وديوان الأراضي الدولية والصيدلية المركزية.
ويضغط المانحون الدوليون وفي مقدمتهم صندوق النقد على تونس لدفعها إلى تنفيذ العديد من الإصلاحات من أبرزها التخفيض في كتلة الأجور العامة وإصلاحات المؤسسات العمومية بغية النهوض بالاقتصاد المتعثر، غير أن التجاذبات السياسية التي تعرفها البلاد أرجأت تنفيذ تلك الإصلاحات.
وأكد وزير المالية والاقتصاد ودعم الاستثمار علي الكعلي في وقت سابق أن الهدف من الزيارة المرتقبة الى واشنطن مطلع شهر مايو المقبل إقناع كل من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي بضرورة مساندة تونس في برنامجها لإصلاح الاقتصاد الوطني ومرافقتها في هذه الإصلاحات.

اقرأ أيضا: هل اقترب سيناريو الإفلاس فعلا من تونس
ولا يتوقع مراقبون وخبراء أن تكون الجولة الجديدة من المفاوضات مع صندوق النقد سهلة، خاصة في ظل الاضطرابات التي تعرفها البلاد على مختلف الأصعدة، لاسيما سياسيا حيث تهيمن القطيعة بين الرئاسات الثلاث (رئيس الجمهورية قيس سعيد، رئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس البرلمان راشد الغنوشي) على المشهد.
واستبعد الخبير الاقتصادي معز الجودي أن يكون الدعم الأميركي حاسما في مفاوضات تونس مع صندوق النقد، قائلا “برنامج صندوق النقد الدولي الأخير الذي تم توقيعه في 2016 لم تنهه تونس بعد ووقع تعليق التمويلات والمبلغ الذي تم تعليقه لم تتلقاه تونس إلى اليوم وهو 1.2 مليار دولار وهو مبلغ مهم للغاية، وطبعا هذا يعود إلى عدم إيفاء الحكومات المتعاقبة بتعهداتها مع صندوق النقد ولم تقم بالإصلاحات اللازمة”.
وتابع الجودي في تصريح لـ”العرب” “منذ تلك الخطوة لم ألاحظ شخصيا تطورات على مستوى المنظومة الاقتصادية والاجتماعية في تونس، بل العكس عدم الاستقرار السياسي أصبح أكثر وهناك تدهور أكثر للمؤشرات، عملية التفاوض إذا ستكون صعبة خاصة أن صندوق النقد لن يكون بنفس التسامح والتساهل مع تونس، هناك شروط جديدة وتعهدات جديدة ينبغي القيام بها”.
وأضاف “هناك حتى توافقات ينبغي توفيرها بما في ذلك الأطراف الاجتماعية لتنفيذ الإصلاحات، أتوقع أن يكون صندوق النقد أكثر صرامة وحدة مع تونس ما من شأنه حتى أن يمس السيادة الوطنية، وحسب اعتقادي دعم فرنسا والولايات المتحدة لن يكون حاسما في مفاوضاتنا، دعم يبقى مهمّا لكنه لن يكون حاسما”.
وفي أبريل 2016 وافق مجلس الصندوق على إقراض تونس 2.8 مليار دولار لمدة 4 سنوات، لكنها لم تتلق إلا 1.6 مليار دولار، بسبب عجز الحكومة عن تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الهيكلية مقابل حصولها على القرض.
وفي 26 فبراير الماضي دعا الصندوق السلطات التونسية إلى ضرورة خفض فاتورة الأجور (تبلغ 17.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) والحد من دعم الطاقة، وإعطاء أولوية الإنفاق لقطاعات الصحة والاستثمار والحماية الاجتماعية.
وانكمش الاقتصاد التونسي بنسبة 8.8 العام الماضي، ويتوقع صندوق النقد نموا إيجابيا بنسبة 3.1 في المئة العام الحالي.