المحكمة الجنائية تفتح تحقيقا رسميا في جرائم مفترضة على الأراضي الفلسطينية

القدس – أثار قرار المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق في جرائم ارتكبت على الأراضي الفلسطينية غضبا إسرائيليا وارتياحا فلسطينيا، حيث أنها المرة الأولى التي سيتم فيها النظر في قضايا تتعلق بمسؤولين وجنود إسرائيليين.
وأعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا الأربعاء أنها فتحت تحقيقا رسميا في جرائم مفترضة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكانت المدعية العامة فاتو بنسودا أعلنت أن هناك “أساسا معقولا” للاعتقاد بأن جرائم ارتكبت من جانب أفراد من قوات الدفاع والسلطات الإسرائيلية وحركة حماس وفصائل فلسطينية مسلحة خلال حرب غزة عام 2014.
وقالت بنسودا في بيان “أؤكد أن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيقا يتعلق بالوضع في فلسطين”. وأضافت أن هناك “قضايا محتملة مقبولة” لمحكمة جرائم الحرب التي أقيمت عام 2002. وشددت على أن التحقيق سيُجرى بشكل “مستقل وحيادي وموضوعي، دون خوف أو محاباة”.
واعتبرت أنه “بنهاية الأمر يجب أن ينصب جوهر اهتمامنا على ضحايا الجرائم، الفلسطينيين منهم والإسرائيليين، وما نجم عن الدوامة طويلة الأمد من أعمال العنف وانعدام الأمن ما تسبب بمعاناة كبيرة ويأس لدى جميع الأطراف”.
وأضافت أن “التحقيق سيتناول جرائم مشمولة بالاختصاص القضائي للمحكمة والتي يعتقد أنها ارتكبت منذ 13 يونيو 2014”.
وهاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرار المحكمة الجنائية ومقرها لاهاي، واعتبر أنه جوهر معاداة السامية، مشددا على أن بلاده ستقاتل من أجل “حماية جنودها”.
ووصف وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي في وقت سابق القرار بـ”السياسي”، ويندرج ضمن “الإفلاس الأخلاقي والقانوني”.
وأضاف “ستتخذ إسرائيل كل الخطوات اللازمة لحماية مواطنيها وجنودها من الاضطهاد القانوني”. وإسرائيل ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية.
وكانت السلطة الفلسطينية قدمت في العام 2018 طلب إحالة إلى الجنائية الدولية لملف جرائم إسرائيلية تضمّن 3 قضايا وهي: الاستيطان والأسرى والعدوان على غزة بما فيه انتهاكات “مسيرة العودة وكسر الحصار” الحدودية.
ورحبت وزارة الخارجية الفلسطينية الأربعاء بالإعلان عن فتح تحقيق، وقالت في بيان إن “الجرائم التي يرتكبها قادة الاحتلال الإسرائيلي (…) هي جرائم مستمرة وممنهجة وواسعة النطاق وهذا ما يجعل الإنجاز السريع للتحقيق ضرورة ملحة وواجبة”. ودعا البيان إلى “عدم تسييس مجريات هذا التحقيق المستقل”.
واعتبرت الوزارة أن “هذه الخطوة التي طال انتظارها تخدم مسعى فلسطين الدؤوب لتحقيق العدالة والمساءلة كأساس لا غنى عنه للسلام الذي يطالب به ويستحقه الشعب الفلسطيني”.

ومهّد قضاة المحكمة الجنائية الدولية الطريق أمام تحقيق في جرائم حرب عندما أعلنوا قبل شهر أن الاختصاص القضائي للمحكمة يشمل فلسطين كونها عضوا.
وقالت بنسودا في ديسمبر 2019 إنها تريد تحقيقا كاملا بعد تحقيق أولي استمر خمس سنوات، لكنها طلبت من المحكمة البت في مسألة الاختصاص وما إذا يشمل الأراضي الفلسطينية.
واحتل الجيش الإسرائيلي في حرب الأيام الستة عام 1967 الضفة الغربية والشطر الشرقي من القدس حيث تعيش غالبية من الفلسطينيين. واليوم يعيش فيهما خمسة ملايين فلسطيني على الأقل في ظل الاحتلال الإسرائيلي. وقطاع غزة محاصر من إسرائيل، وتسيطر عليه حركة حماس.
وسيكون التحقيق في الأراضي الفلسطينية أول اختبار كبير للمدعي العام الجديد للمحكمة كريم خان، المحامي البريطاني الذي اختير في فبراير ليحل مكان بنسودا عندما ينتهي تفويضها في يونيو.
وسبق أن فرضت الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب عقوبات على المدعية فاتو بنسودا على خلفية قرارها التحقيق في جرائم حرب مفترضة في أفغانستان، لكن واشنطن انتقدت بشدة أيضا التحقيق الفلسطيني.