المحتوى الإعلامي يعجز عن مواكبة خطة الإصلاح السعودية

ما تزال نقاط الضعف في الإعلام السعودي ماثلة في المشهد بحسب أعضاء مجلس الشورى الذين يرون أنه يجب وضع حد لظاهرة التعصب الرياضي في الإعلام المحلي، وتطوير المحتوى ليتناسب مع رؤية 2030 وإعداد مشروع نظام موحد للإعلام.
الرياض - أبدى أعضاء مجلس الشورى السعودي انتقادات عديدة لواقع الإعلام في السعودية بدءا من التعصب الرياضي الذي لم تضع له الإجراءات العقابية حدا، وصولا إلى المحتوى السمعي البصري الذي لا يرقى إلى التطورات المتلاحقة في المملكة وخطة الإصلاح.
وناقش المجلس في جلسته الثلاثاء تقرير الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع واستمع إلى عدد من الملاحظات من قبل الأعضاء الذين تحدثوا عن العديد من نقاط الضعف التي تعتري الواقع الإعلامي.
ودعا ناصر الدغيثر الهيئة إلى السعي لرفع نسبة الإطلاع لدى الإعلاميين من خلال دورات أو ورش عمل ترفع من مستوى الطرح الإعلامي، ليسهم ذلك في الحد من التعصب الرياضي في الإعلام، ولإثراء المنافسة وتطويرها.
وتأتي ملاحظة الدغيثر في إطار تفاقم حالة تعصب الإعلاميين الرياضيين، واستياء المتابعين من خطر الظاهرة على المتلقين وتدمير قيم التنافس، حيث يفتقر بعض الإعلاميين المتعصبين إلى رؤية واعية لدور الإعلام المؤثر الذي ينقل الخبر والمعلومة، حتى أن منهم من قام بالتحريض والسخرية والاستفزاز والمبالغة في التهجم على مسؤولي وجماهير الأندية المنافسة بشكل أساء كثيراً للإعلام الرياضي المحلي.
الكثيرون يطالبون من الوسط الإعلامي بمحاربة الظاهرة وتطبيق القوانين والأنظمة على من تجاوز من الإعلاميين وقادة الرأي والصحافيين والكتاب الذين يشكلون آراء الشارع الرياضي
وأشارت دراسة تحليلية بعنوان "الإعلام والتعصب الرياضي في المجتمع السعودي" من إعداد خالد بن محمد الدوس إلى أن 54 في المئة من أفراد العينة يرون أن الإعلاميين هم الأكثر تأثيرا في التعصب الرياضي، وقال 67 في المئة منهم إن الإعلام الرياضي يساهم بدرجة كبيرة في زيادة التعصب الرياضي، فيما رأى 85 في المئة منهم أن ضعف الدور الرقابي الإعلامي يؤدي إلى زيادة مساحة التعصب الرياضي.
وطالب الكثيرون من الوسط الإعلامي بمحاربة الظاهرة وتطبيق القوانين والأنظمة على من تجاوز من الإعلاميين وقادة الرأي والصحافيين والكتاب الذين يشكلون آراء الشارع الرياضي.
وأصدرت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع بالتعاون مع الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي في نوفمبر الماضي بياناً يؤكد على الضوابط واللوائح تجاه أي تجاوزات أو إساءات أو طرح مسيء عبر منصات الإعلام المختلفة من شأنه أن يؤجج التعصب ويضاعف الاحتقان ويُخرج المنافسات الرياضية عن المسار الذي تستهدفه، مع الحفاظ على حق النقد وممارسته وفق المعايير المهنية الإعلامية وما يتطلبه ذلك من مصداقية وشفافية ووضوح في الطرح والنقاش الإعلامي.
وأقرت الهيئة عدداً من الإجراءات الخاصة بالتعامل مع المخالفات والتجاوزات الإعلامية، حيث تتولى لجنة الالتزام بالهيئة النظر والبت في التجاوزات الإعلامية وإيقاع الجزاءات بشكل عاجل، وتشمل العقوبات غرامات مالية تصل إلى الحد الأعلى المنصوص عليه في نظام الإعلام المرئي والمسموع بما يتناسب مع حجم وجسامة المخالفة، وإحالة التجاوزات الإعلامية الداخلة ضمن اختصاصات الجهات الأخرى لاتخاذ ما يلزم حسب اختصاصها.
وأكدت الهيئة وبالتنسيق المباشر مع الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي على ضرورة التزام القنوات الفضائية والبرامج الرياضية بعدم السماح بظهور أي ضيف ممن اشتهر بوصفه إعلاميًا إلا بعد الحصول على عضوية الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي، وتصنيف مهني من الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، إلى جانب إلزام القنوات الفضائية والبرامج الرياضية بوضع آلية محددة تطبق فوراً بما يكفل عدم تكرار الأخطاء والتجاوزات والتعامل معها عند حدوثها، ووضع حد لكل طرح مخالف لضوابط المحتوى الإعلامي بما في ذلك إزالة المحتوى المخالف من تسجيلات الحلقة وعدم عرضها على المنصات الرقمية.
لكن هذه الإجراءات لم تنجح في وضع حد لظاهرة التعصب في الإعلام السعودي. ونوه الدكتور فهد التخيفي إلى أهمية إعداد مشروع نظام موحد للإعلام محل النظام الحالي بما يضمن حوكمة مهام واختصاصات مختلف الجهات في منظومة الإعلام في مجالات الإعلام المرئي والمسموع والصحافة والنشر والمحتوى الرقمي من حيث التنظيم والرقابة الإعلامية.
وأوضح اللواء علي عسيري أن ما يُقدم من محتوى في الإعلام المرئي والمسموع لا يرتقي ولا يتوافق مع أهداف رؤية 2030، مطالباً في الوقت نفسه الهيئة بالاهتمام بما يقدم من برامج للأطفال، والبرامج الثقافية وبرامج الطبيعة.
وتكثر الأدبيات والفعاليات المتعلقة برؤية 2030، لكن الإعلام السعودي، سواء في نسخته الرسمية العامة أو الخارجية التي تعمل وفق آليات القطاع الخاص، يبقى أسير خطاب خشبي تعوزه المرونة والرشاقة ولغة العصر.
ويلاحظ الخبراء أن الإعلام السعودي ينجرّ صوب الاستسهال واللجوء إلى الإعلام الاجتماعي للرد على جيوش إلكترونية نشطت في مهاجمة المملكة وخياراتها.
ويرى هؤلاء أنه لا يمكن لإعلام دولة كبرى وأساسية في المنطقة ولها دور دولي كبير أن يجعل من تلك التقنيات واجهة إعلامية للدفاع عن خيارات البلاد. ولا يمكن الركون إلى هذا النوع من الإعلام لأنه مفتوح على كل الاحتمالات، وهو إعلام انطباعي يميل إلى المبالغة وفي أحيان كثيرة ينزلق إلى معارك لا تخدم المشروع الإصلاحي، وقد تسيء إليه.
الخبراء يلاحظون أن الإعلام السعودي ينجرّ صوب الاستسهال واللجوء إلى الإعلام الاجتماعي للرد على جيوش إلكترونية نشطت في مهاجمة المملكة وخياراتها
ويؤكد إعلاميون سعوديون أن أمر تطوير الإعلام السعودي لا يمكن أن ينحصر في زوايا حرفية وتقنية أو في امتلاك المنابر الإعلامية للإمكانات والكفاءات، فذلك متوفر. لكن نقل الإعلام في السعودية أو المرتبط بها من طور إلى طور يحتاج إلى تطوير داخلي متعلق بثقافة وتقاليد المهنة وعلاقتها بالقرار السياسي.
ويقول البعض إن الإعلام السعودي يحتاج إلى الإصلاح من خلال استراتيجية واقعية لا تقبل المجاملات، وتعطي الحلول في رفع مستوى تأثير الإعلام السعودي محلياً وخارجياً.
ويمكن دعم الإعلام الذي يحتاج إلى تمويل كبير عبر الاستثمار في مجالات مربحة تجد استقطابا واسعا لدى الجيل الجديد. وأشار عضو مجلس الشورى بندر عسيري إلى أن قطاع الألعاب الإلكترونية وقطاع الإعلان هما القطاعان الأعلى دخلاً في صناعة الإعلام، مطالبًا بزيادة الاهتمام بهما.
وشهدت السعودية تطورا ملحوظا ونموا كبيرا في مجال صناعة وتطوير الألعاب الإلكترونية لتحتل المرتبة 19 بين أكبر أسواق الألعاب في العالم لعام 2021، وفق تقديرات وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية.
وفي 2020 بلغ إجمالي الإنفاق على الألعاب الإلكترونية في الشرق الأوسط 5.4 مليار دولار، بنمو بلغ 15 في المئة على أساس سنوي، مقارنة مع الفترة المقابلة من العام السابق له.
وتصدرت السعودية الإنفاق عربيا بقيمة 1.09 مليار دولار، تبعتها مصر في المرتبة الثانية بقيمة 340 مليون دولار، ثم الإمارات ثالثة بقيمة 340 مليون دولار.
وفي إطار خطة الإصلاح المندرجة تحت رؤية المملكة 2030، فإن السعودية تهدف إلى توسيع مجال الألعاب الذي يشتمل على الرياضات الإلكترونية، لكي يشكل بصورة مباشرة وغير مباشرة ما نسبته 0.8 إلى 1 في المئة من اقتصاد المملكة بحلول عام 2030. وسيعادل ذلك عائدات سنوية بقيمة تصل إلى نحو 80 مليار ريال سعودي (21.3 مليار دولار).