المترجمون الأفغان ورقة المعارضة الكويتية لإحراج الحكومة أمام واشنطن

الكويت- دخل موضوع المترجمين الأفغان الذين تعاونوا مع الجيش الأميركي وقرّرت الولايات المتّحدة إجلاءهم من أفغانستان وتنوي إيواء عدد منهم في كل من قطر والكويت مجال التجاذبات القائمة بين المعارضة الكويتية وحكومة الشيخ صباح الخالد.
وخلال زيارته إلى الكويت الأسبوع الماضي قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمّد إنّ نقل المترجمين الأفغان تم طرحه خلال اجتماعاته مع المسؤولين الكويتيين.
وجاء ذلك بعدما كشف مسؤولون أميركيون وفق صحيفة وول ستريت جورنال أن الجيش الأميركي يستعد لإيواء ما يصل إلى 35 ألف مترجم أفغاني وأفراد عائلاتهم في قاعدتين أميركيتين في الكويت وقطر. وعلى الفور سارع عدد من نواب مجلس الأمّة (البرلمان) إلى رفض الطلب الأميركي معتبرين أنّه مخلّ بأمن الكويت وبتركيبتها السكّانية.
عمل قرابة عشرين ألف أفغاني لحساب الولايات المتحدة بعد غزوها لبلادهم عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001
ورأى متابعون للشأن الكويتي أنّ الهدف من ذلك الرفض هو محاولة إحراج الحكومة الكويتية أمام حليف كبير يصعب على الكويت أن ترفض إسداء خدمة له وهي مدينة له بخدمات كثيرة على رأسها طرد الجيش العراقي من البلد مطلع تسعينات القرن الماضي.
ومنذ انتخاب البرلمان الكويتي في ديسمبر الماضي لم تهدأ الصراعات بين حكومة الشيخ صباح الخالد ونواب المعارضة الذين يشغلون واحدا وثلاثين مقعدا من مقاعده الخمسين. وقد انتهت التجاذبات الحادّة بين الطرفين إلى تعطيل أعمال المجلس في أواخر دور انعقاده الذي انتهى أوائل يوليو الماضي، على أن ينطلق دور الانعقاد الجديد بحزمة أخرى من الخلافات بدأت بالفعل تتجمّع وجاءت قضية المترجمين كنموذج عنها.
وقال النائب أحمد مطيع العازمي وهو أحد الرافضين لاستضافة هؤلاء المترجمين قبل أن يصدر قرار رسمي بشأنها إنّ “الكويت غير قادرة على احتضان هؤلاء المطلوبين لجهات أخرى وبهذه الأعداد الكبيرة”، معتبرا أن استضافتهم هي بمثابة “تهديد صريح للأمن القومي والاستراتيجي”. وطلب من رئيس الوزراء رفض الطلب الأميركي قائلا إنّ “الكويت خط أحمر”.

بدر الحميدي: استضافة أفغان في الكويت تكرّس خلل التركيبة السكانية
ومن جهته حذر النائب بدر الحميدي من موافقة الحكومة على استضافة المترجمين الأفغان قائلا “تداولت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي أن الولايات المتحدة تضغط لتسكين عدد كبير من الأشخاص بعد انسحابهم من أفغانستان للعمل في الكويت”، وعقّب على ذلك بالقول “إن صحت هذه المعلومة فهذا سيشكل خللا في التركيبة السكانية ولذلك نحذّر الحكومة من اتخاذ مثل هذه القرارات”.
وموضوع خلل التركيبة السكانية تحوّل خلال السنوات الأخيرة إلى مشغل دائم للسلطات الكويتية بعد أن بلغ عدد الوافدين المقيمين في البلد ضعفي عدد المواطنين من مجموع السكان البالغ حسب أحدث الإحصيات 4.670 مليون نسمة.
وجاء رفض النائبين لإيواء المترجمين الأفغان في الكويت بعد أن تقدّم النائب مرزوق الخليفة بسؤال لوزير الخارجية طالب فيه بتوضيح حقيقة هذا الأمر وعدد المترجمين الذين سيدخلون الكويت في حال تمت الموافقة على دخولهم والجهة المسؤولة عن مصروفهم.
وغير بعيد عن موقف النواب المعارضين لاستقبال المترجمين الأفغان في الكويت أصدرت الحركة التقدمية الكويتية بيانا رفضت من خلاله نقل هؤلاء المترجمين إلى الكويت لعدة اعتبارات منها “الخشية من تكريس حالة من الارتهان والتبعية للولايات المتحدة والتخوف من تحويل البلاد إلى ساحة لتصفية الحسابات بين أطراف الحرب الأهلية الأفغانية”.
وكان أكثر من مئتي مترجم أفغاني عملوا لحساب الجنود والدبلوماسيين الأميركيين قد وصلوا الجمعة الماضي إلى الولايات المتحدة في أول دفعة من بين عشرات الآلاف من الذين يتوقع أن يتم إجلاؤهم خشية انتقام حركة طالبان منهم.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن وصول أول رحلة من بين العديد من الرحلات الجوية المتوقعة خلال شهر أغسطس الجاري فيما تسحب الولايات المتحدة آخر قواتها من أفغانستان وتسارع لنقل الأفغان الذين قدموا لها مساعدة حاسمة خلال عقدين من الحرب إلى بر الأمان.
وعمل قرابة عشرين ألف أفغاني لحساب الولايات المتحدة بعد غزوها لبلادهم عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. وتقدم هؤلاء بطلبات إجلاء بموجب برنامج تأشيرات الهجرة الخاصة الذي تشرف عليه وزارة الخارجية.
المعارضة تحاول إحراج الحكومة أمام حليف كبير يصعب على الكويت أن ترفض إسداء خدمة له وهي مدينة له بخدمات كثيرة
وهذا العدد لا يشمل المترجمين الفوريين فحسب، بل أيضا أولئك الذين يقدمون دعما استخباراتيا ويشغلون وظائف حساسة أخرى لحساب الولايات المتحدة والقوات المتحالفة معها. ويقدر البعض أن العدد الإجمالي للأشخاص الذي سيتم إجلاؤهم بموجب “عملية ملجأ الحلفاء” سيصل إلى 100 ألف بعد احتساب أفراد العائلات.
وفي ظل ضخامة العدد اتّجهت أنظار الأميركيين صوب قطر والكويت كملجأ بديل لهؤلاء المتعاونين، حيث نقلت صحيفة بوليتيكو عن مسؤولين أميركيين ومصدر بالكونغرس في وقت سابق القول إنّ المحادثات التي تجريها واشنطن لإيواء عدد من المترجمين الأفغان وأسرهم مؤقتا بالقواعد العسكرية الأميركية في قطر والكويت وصلت إلى مراحلها الأخيرة.
وقال المصدر بالكونغرس إنّ الترتيبات القطرية والكويتية هي “صفقات تمت بالفعل”، مضيفا أنه تم إبلاغ لجان القوات المسلحة بالخطة.