"اللمبي" بريء من اغتيال السينما المصرية

السينما المصرية تحتاج إلى نصوص وسيناريوهات وتمويل. النتاج الأدبي العربي متواضع كمّا ونوعا. التمويل الموجه للسينما ضعيف.
الخميس 2024/09/26
لم تمت هذه الصناعة، لكنها لا شك متعثرة

تحاول وزارة الثقافة المصرية إحياء صناعة السينما المصرية. لم تمت هذه الصناعة، لكنها لا شك متعثرة. بداية، ارتحل عنها الكثير من النجوم بحكم تقدم السن أو لإدراك مبكر منهم أن المستقبل للإنتاج الدرامي الموجه للتلفزيون عبر الفضائيات ومؤخرا عبر المنصات التدفقية. الجمهور المصري هو الزبون الأول لصالات العرض بحكم العدد وبحكم عادات الذهاب إلى السينما ومشاهدة الأفلام. سوق الخليج مثلا أصغر سكانيا وللتو عادت صالات العرض في بعض منها. لكن الجمهور المصري غيّر عادات مشاهدته لهذه الأعمال، ويعود ذلك إلى اعتبارات اجتماعية واقتصادية. وساهمت التكنولوجيا في تقديم شاشات رقمية عملاقة للمنزل يمكن أن تسترضي العين وتقدم صورة لا تقل جودة عن صورة الشاشة السينمائية. ومع تراجع الإيرادات، تراجع الإنتاج وانكمشت السوق. ساد أيضا الاعتقاد بأن السينما للعيد وأن سينما العيد هي لأفلام خفيفة من كوميديا وحركة.

عمليات الإحياء التي تقوم بها وزارة الثقافة مشكورة. إلا أنه من الضروري إجراء تشخيص معمّق لطبيعة التغيرات للوصول إلى مقترحات يمكن تجريبها للحل. بداية لا بد من الإقرار بأن من الوارد ألّا توجد حلول، وأن الزمن قد تجاوز هذه الصناعة لاعتبارات كثيرة. لكن هذه المحاولات يجب أن تنظر إلى ما يجري عالميا. مشكلة الفيلم السينمائي المصري بدأت مبكرا، لكن الفيلم السينمائي في العالم في تراجع ويعاني.

من الضروري القول إن السينما المصرية تحتاج إلى نصوص وسيناريوهات وتمويل. النتاج الأدبي العربي متواضع كمّا ونوعا. التمويل الموجه للسينما ضعيف. النتاج الأدبي العالمي، وخصوصا في الغرب، ثري كما ونوعا. لا توجد مشكلة نصوص أو تمويل لأستوديوهات هوليوود مثلا. لكن عدد الأفلام في تراجع، على الأقل الأفلام الموجهة لصالات العرض، ولأسباب غير بعيدة عما واجهته السينما المصرية. الإنتاج الدرامي الموجه للمنصات التدفقية ومحطات التلفزيون الأرضية والفضائية في تصاعد.

ربما من المفيد لوزارة الثقافة المصرية ألّا تندفع في تقديم الحلول أو اقتراحها حتى، قبل أن تجري دراسة لعملية التغيير العميقة الجارية عالميا. الاكتفاء بالنظر إلى أن المنصات التدفقية الممولة سعوديا هي السبب، وكل ما نحتاجه هو التمويل، لن يحل المشكلة. في مصر هناك ما يكفي من المواهب السينمائية والدرامية الشابة، والكهلة، لكي تتواجد صناعة السينما والدراما جنبا إلى جنب. التمويل مهم والحاجة إلى الاستثمار المعنوي والمادي في كتاب النصوص لا تقل أهمية، لكن تغير نموذج الإنتاج وروحية المشاهد وما ينتظره أو ما يريد أن يسميه ترفيها، هي عناصر أساسية في إعادة التقييم.

يطيب للمثقفين توجيه الاتهامات واستخدام مفردة الانحطاط وإلصاقها بممثلين بعينهم ممن احتكروا سينما العيد مثلا، وصاروا مدانين دون وجه حق بما وصلت إليه السينما المصرية. لـ“اللمبي” و“الصعيدي” الذي ذهب إلى الجامعة الأميركية نقول: براءة؛ لستما السبب.

18