الكويت تريد إغلاق الملف الشائك بمنح البدون وثائق سفر

الحكومة الكويتية تنفذ أضخم خارطة طريق لإعادة هيكلة القطاع العام.
الاثنين 2021/09/20
أين حقي

أثارت الأنباء المتزايدة عن اتفاق وشيك بين السلطات الكويتية والبرلمانية لحل أعقد قضية في تاريخ الكويت متمثلة في مئات الآلاف ممن يعيشون في الكويت بلا جنسية، تساؤلات عن قدرة الحكومة والبرلمان على إنهاء هذا الملف الذي يشكل صداعا سياسيا مستمرا.

الكويت - يترقب الشارع الكويتي “انفراجات سياسية قريبة” في ملفات شائكة في مقدمتها ملف البدون، مع عودة التئام جلسات البرلمان الكويتي في أوائل أكتوبر المقبل.

وسبق وأن وعد رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، بفتح “ملفات شائكة” بعد انتهاء إجازة البرلمان.

وعبّرت مصادر برلمانية كويتية عن اتفاق جهات حكومية وتشريعية وبرلمانية على منح فئة البدون وثائق سفر تسهل عليهم التنقل، فضلا عن بعض التسهيلات في العمل والعلاج.

وكشف موقع “غولف ستايتس نيوزليتر” أن لجنة تابعة لمجلس الأمة الكويتي فتحت من جديد ملف البدون مؤخرا، بما يشمل إمكانية منحهم وثائق سفر.

ونقل الموقع عن مصادر داخل البرلمان الكويتي تأكيدها أن اللجنة المعنية بقضية عديمي الجنسية، ناقشت خلال اجتماع جرى في الثاني عشر من سبتمبر الجاري، الحقوق المدنية لتلك الفئة.

وعادة ما يصف الغانم مشكلة البدون بـ”الملف الشائك” نظرا إلى وجود 96 ألف شخص ممن ولدوا في الكويت من دون جنسية، مع أن بعضهم متزوج من كويتيات.

ويطلق مصطلح البدون على من لم يحصلوا على جنسية الكويت منذ استقلالها عام 1961 ويتم وصفهم وفقاً لمواد القانون الكويتي بـ”غير محددي الجنسية” وتعود مشكلتهم إلى عدم تطبيق مواد قانون الجنسية الكويتي بعد الاستقلال وإهمال البعض التقدم بطلب الحصول على الجنسية الكويتية قديماً.

وينحدر غالبية البدون من العراق القريب من الكويت والسعودية إضافة إلى إيران.

حسن علي كرم: على الحكومة ألا تترك ورم البدون يتشابك مع أمراض أخرى

ويعود البدون العرب على الأغلب إلى قبائل متداخلة بين العراق والسعودية والكويت، ومع أنهم لا يملكون جنسية ولا حقوقا اجتماعية في العمل والعلاج، فإن بعضهم مولود في مدينة الكويت منذ جده الرابع.

ويقول الجهاز المركزي، الذي تأسس عام 2010 بموجب مرسوم أميري بهدف حل قضية البدون، إن معظم عديمي الجنسية “دخلوا الكويت بصورة غير قانونية ويزعمون أن أصلهم كويتي بينما يخفون جنسياتهم الحقيقية”.

ويشير إلى أن نحو 71 ألفا من البدون في الكويت يحملون جنسيات من دول أخرى، من بينها إيران والعراق والسعودية وسوريا.

ويتزامن الحديث المتصاعد عن فتح ملف البدون مع تنفيذ الكويت أضخم خارطة طريق لإعادة هيكلة القطاع العام في تاريخها، وذلك عبر إلغاء وزارات ودمج أخرى فيما بينها لتشابه الاختصاص، والاستعاضة بهيئات مستقلة لإدارة الوزارات المزمع إلغاؤها، على أن تمتد مدة تنفيذ برامج التحويل والإلغاء والضم والتأسيس من سنة إلى أربع سنوات، تبدأ مطلع عام 2022 وتمتد حتى نهاية 2025.

كما يستعد وفد من الحكومة الكويتية للقاء هيئة خبراء لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الثقافية يومي الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من سبتمبر الحالي في إحدى قاعات المقر الرئيسي للأمم المتحدة في جنيف، لمراجعة حالة حقوق الإنسان في ‏الكويت.

وتعتبر جلسات المناقشة جزءاً أساسياً في نظام ‏تقديم التقارير لهيئات لجان معاهدات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، التي غالباً ما توصف بالعمود الفقري لنظام حماية حقوق ‏الإنسان منذ عام ‏1948 إذ اعتمدت الدول تسع اتفاقيات دولية لحقوق الإنسان وتسعة بروتوكولات اختيارية مكملة لها.‏

ومن الموضوعات المطروحة في اللقاء ما يتعلق بعدم التمييز وعديمي الجنسية “البدون”، والمساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة، والحق في العمل، والحقوق النقابية، والحق في التعليم والصحة، والخطوات المزمع اتخاذها من أجل إلغاء نظام الكفالة الخاص بالعمال الأجانب وضمان حقوق العمالة المنزلية والرقابة على الكتب وغيرها مما يتعلق بالحقوق.‏

وأوضح موقع “غولف ستايتس نيوزليتر” أن المناقشات التي جرت في البرلمان الكويتي تضمن إمكانية منح البدون وثائق السفر حتى يتمكنوا من تلقي العلاج الطبي في الخارج.

ولفت إلى أن أعضاء البرلمان الأوروبي أثاروا مع سفير الكويت لدى بلجيكا جاسم البديوي، خلال الصيف، مخاوف بشأن قضايا حقوق الإنسان للبدون.

ووفقاً لتقارير منظمات دولية معتمدة في الأمم المتحدة، يبلغ عدد البدون في الكويت حوالي 100 ألف شخص، ونظرا لعدم حصولهم على جنسية فإنهم يعانون من الحرمان من الحقوق التي يتمتع بها المواطن الكويتي.

Thumbnail

وتشكل نسبة كبيرة من نجوم الفن والرياضة في الكويت من البدون، حيث اضطرت السلطات إلى منح بعضهم الجنسية في فترات متفرقة.

وسبق وأن ذكرت وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية مريم العقيل أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه “بعد التدقيق في سجلات بعض تلك الفئة ثبت أن عددهم قبل الغزو العراقي عام 1990 كان 220 ألف فرد، لكن العدد تقلص بعد تحرير الكويت من الغزو في عام 1991 إلى 120 ألفا، وأن العدد قد وصل إلى 85 ألف فرد مقيم بصورة غير قانونية، في نهاية عام 2018”.

غير أن الناشط السياسي الكويتي أحمد الحمد أكد ما عانته وتعانيه فئة غير محددي الجنسية في الكويت تجاوز كل الحدود الإنسانية والوطنية مع مماطلة بعض أجهزة الدولة في إرجاع حقوقهم وإعطائهم ما يستحقونه من تقدير ومكانة بعد أن ضحوا في سبيل الكويت تضحيات كبيرة في زمن السلم والحرب والوباء.

وطالما تحدث رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم عن حلّ جذري وشامل لقضية البدون.

وقال الغانم إن ھناك تنسيقا نيابيا حكوميا لإيجاد حل تشريعي جذري وشامل لقضية المقيمين بصورة غير قانونية في البلاد.

وأوضح أن الحل “لا يمس الجنسية والھوية الوطنية ويراعى فيه الجوانب الإنسانية للبدون”.

وشدد الغانم على رفضه العبث بملف الجنسية أو تركه مجالا للمساومات السياسية، قائلًا إن “الھوية الوطنية والجنسية الكويتية ليست مجالا للعبث ولن تكون عرضة لأيّ ضغوط سياسية”.

إلا أن الكاتب السياسي الكويتي حسن علي كرم، اعتبر أن مسألة البدون شائكة ومتشابكة وهي شأن حكومي. وقضية تتجاوز أعمار الكثير من أعضاء مجلس الأمة.

وكتب كرم في صحيفة السياسة الكويتية “إن الحكومة التي خلقت هذا الدمل كان عليها أن تسارع إلى فقئه، لا أن تتركه كالورم السرطاني يكبر ويتسع ويتشابك مع أمراض أخرى”.

وأضاف “انظروا كم عدد البدون غير القانونيين المتزوجين من كويتيات، وكم عدد الأبناء الذين خُلّفوا نتيجة هذا الزواج، فقضية البدون ليست وليدة أيام أو أسابيع أو أشهر أو سنوات، هناك قبول شعبي إلى حد ما لاندماجهم بالمواطنين”.

3