الكويت تحاول النهوض بالإعلام عبر استراتيجية طويلة الأمد

الكويت - أعلن وزير الإعلام والثقافة الكويتي عبدالرحمن المطيري أن الوزارة ستطلق قريبا إستراتيجيتها للأعوام الخمسة المقبلة والتي من شأنها توظيف الموارد البشرية، لاسيما الشبابية، لإرساء إعلام مستدام ورائد في صناعة المحتوى.
وقال المطيري لوكالة الأنباء الكويتية السبت إن الإستراتيجية تأتي لضرورة تطوير الإعلام الرسمي في البلاد وتمكين الشباب الكويتيين في شتى المجالات، لاسيما أنهم سيكونون العنصر الأهم الذي يقود تنفيذ هذه الإستراتيجية الواعدة.
وتواجه المنظومة الإعلامية في الكويت جملة من المشكلات، أثارها العديد من الصحافيين وخبراء الإعلام في وسائل الإعلام المحلية، وعلى رأسها وجود المحسوبية واللامبالاة.
وأنتجت هذه المشكلات محتوى إعلاميا ضعيفا أمام الجمهور، بينما الكفاءات الإعلامية المحلية تشعر بالملل واليأس، ولا تجد لنفسها مكانا في المؤسسات الإعلامية الرسمية.
وتشير تصريحات المطيري إلى أن الحكومة أدركت أخيرا حجم المشكلة والأزمة التي يعاني منها الإعلام الكويتي، وقال إن الإستراتيجية ستسعى إلى خلق قيادات إعلامية شبابية مميزة تملك رؤية واضحة بقدرة الإعلام الكويتي الرسمي على تبني خطاب إعلامي يواكب نهضة الدولة ويحافظ على الهوية الوطنية للمجتمع وتنوعه وإعلاء قيمه الاجتماعية وينتهج من الدراسات والأبحاث العلمية أساسا له ويشجع على الإبداع والتنافسية.
وأضاف أن الاستراتيجية ترتكز على أن يكون الإعلام الرسمي للدولة عابرا للحدود متسلحا بالوعي والحرية ويتسم بتعددية الآراء، كما سيولي اهتماما أكبر بالثقافة والفنون والتراث الكويتي والعربي والإسلامي والإنساني.
ولم يتطرق الوزير إلى مسألة الرقابة في التلفزيون الكويتي التي يشتكي منها الإعلاميون وصناع الدراما ويؤكدون أنها ساهمت في إضعاف الإنتاج التلفزيوني بسبب تزايد المحظورات.
وذكرت مصادر في وزارة الإعلام أن الموظفين في تلفزيون الكويت يتلقون تعليمات باتت تعرف بسياسات الرقابة الجديدة، وتقضي بقطع كل المشاهد المرفوضة رقابيًا، بذريعة القيم المجتمعية أو الدين أو الصالح العام، من المواد الأرشيفية في تلفزيون الكويت، الأمر الذي تسبب في منع عرض الكثير من الأعمال التلفزيونية والمسرحية الكويتية الخالدة على التلفزيون الرسمي، أو في أفضل الأحوال تعرضها لسكين الرقابة التي تتعدى في أحيان كثيرة على النسخ الأصلية، ما يعني حذف هذه المشاهد من الذاكرة والأرشيف إلى الأبد.
وينشغل الرأي العام بما تفعله الرقابة على الكتب في الوزارة، بينما لا يعلم كثيرون ما يجري في الرقابة على التلفزيون حيث أصبحت الجلسات الغنائية التراثية وغيرها ممنوعة من العرض على تلفزيون الكويت بسبب المفاهيم الرقابية الجديدة التي يدفع بها مسؤولو الوزارة.
وأضافت المصادر أن المعيار لدى الرقابة هو الخوف من أي جدل، ومن أي رد فعل وانتقاد من الشارع أو بعض التيارات، والذي بدوره سينعكس على المنصب السياسي للمسؤول.
وبحسب وزير الإعلام المطيري تركز الإستراتيجية على التطور التقني والتكنولوجي أكثر من تركيزها على المحتوى نفسه، وتهتم بالتحول الرقمي لقنوات تلفزيون وإذاعة الكويت وكل منصاتها الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية.

عبدالرحمن المطيري: الشباب سيكونون العنصر الأهم الذي يقود تنفيذ الإستراتيجية
وستعمل الإستراتيجية على تطوير الشراكة بين وزارة الإعلام والجهات التابعة لها مع كل مؤسسات التنمية المعرفية والثقافية والفنية ذات العلاقة بالإعلام في البلاد سواء الحكومية أو تلك التابعة لمؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
وأشار المطيري إلى أن فريق عمل إعداد الإستراتيجية التابع للوزارة عقد العديد من الجلسات الحوارية الخاصة وورش العمل مع العاملين في الوزارة ومع الشركاء من خارجها، وقد وصل عدد الجلسات إلى 41 جلسة، لشرح رؤيتها وأهدافها التي تسعى لتنظيم وتطوير الإعلام الكويتي باعتباره حجر الأساس في إنجاح الإستراتيجية.
وبين أن الوزارة بدأت تنفيذ عدد من الإجراءات التي من شأنها تسهيل تطبيق الإستراتيجية ومن أهمها تطوير الهوية البصرية لقنوات التلفزيون من خلال تحديث شعار التلفزيون ونوعية البرامج والمسلسلات التي تعرض فيه وتطوير هوية ومحتوى حسابات وزارة الإعلام في منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.
وتم وضع مخطط زمني للإستراتيجية وتشكيل لجنة لإنتاج البرامج وتعيين متحدث رسمي للوزارة والبدء بعقد دورات تدريبية للموظفين من مذيعين ومقدمي البرامج ومعدين ومخرجين إضافة إلى وضع اللبنات الأساسية لتحقيق التحول الرقمي المقرر.
ويأمل متابعون أن تتدارك هذه الإستراتيجية مسألة أخرى تتعلق بنشر قرارات الدولة من قبل حسابات وهمية قبل أن يعلن عنها من قبل المسؤولين أو المؤسسات الرسمية، ما يجعل الإعلام الرسمي آخر من ينشر الخبر، إضافة إلى بطء الاستجابة الحكومية الإعلامية وعدم استعداد المتحدثين الرسميين وعدم وجود خطاب موحد للجهات الإعلامية في الدولة.
ومن ضمن المشكلات أيضا استخدام الطرق التقليدية والخطط الإعلامية غير الاحترافية في مخاطبة الجمهور وفي الإنتاج الإعلامي والتصوير.
ووفق المطيري تحاول الإستراتيجية الجديدة تدارك هذه المشكلات، رغم أنه لم يسمّها، لكنه أفاد بأنه تم الاطلاع على تجارب المؤسسات الإعلامية في الدول الخليجية والعربية والدولية في هذا الشأن.
كما تمت الاستعانة بالتجارب الماضية التي جرت داخل الوزارة سابقا والتعرف على مواطن القوة والضعف للاستفادة منها في صياغة مميزة لهذه الإستراتيجية وجعلها قادرة على النهوض بكل أوجه الإعلام الكويتي.
وأضاف أنه سيكون هناك تقييم دوري لمنجزات هذه الإستراتيجية على أرض الواقع، مؤكدا أن الإعلام الرسمي باعتباره من القوى الناعمة لتنمية ونهضة الأمم له دور في عكس صورة الكويت وتوضيح دورها المهم في محيطها الخليجي والعربي والدولي في كل المجالات.