"الكنز".. فيلم مغربي يتوسل بالكوميديا ليرسخ التسامح بين الأديان

فيلم سينمائي يتناول قضية التعايش داخل المجتمع المغربي.
الاثنين 2021/10/11
رسالة للتعايش والسلام والمحبة

الدار البيضاء - تم أخيرا في المركب السينمائي ميغاراما في الدار البيضاء، تقديم العرض ما قبل الأول للشريط السينمائي “الكنز” لمخرجه عمر غفران، والذي ستستقبله مختلف القاعات السينمائية المغربية في سلسلة من العروض ابتداء من الثالث عشر من أكتوبر الجاري.

ويتناول هذا الفيلم السينمائي قضية التعايش داخل المجتمع المغربي في قالب كوميدي صرف، من خلال العلاقة التي تربط بين اليهودي المغربي جاد، ويجسد دوره الفنان محمد الحوضي، وحمدان الذي يشخصه طارق البخاري وزوجته سكينة درابيل، إذ يجتمع الثلاثة ليخوضوا معا مغامرة البحث عن كنز يعود إلى جد جاد، بحي الملاح داخل المدينة القديمة.

ويقدم الفيلم مشاهد كوميدية كثيرة في رحلة بحث جاد عن الكنز الذي اكتشف أمره بعد وفاة والده من خلال خارطة تبين أن هناك كنزا مدفونا في الرياض الذي ولد فيها قبل أن يهاجر رفقة عائلته.

وعلى هامش هذا العرض، كشف المخرج عمر غفران أن فكرة الفيلم، الذي قدم بحضور كافة الممثلات والممثلين المشاركين فيه، تولدت لديه بعد لقاء وتجاذب أطراف الحديث مع الفنانين شفيق بيسبيس وعلي قروي، مؤكدا أن هذا الشريط يشكل رسالة للتعايش والسلام والمحبة.

الفيلم يتناول قضية التعايش والتسامح في المجتمع المغربي بقالب كوميدي عبر شخصيتي مسلم ويهودي

وقال، في تصريح له إن “هاجس التعايش بين اليهود والمسلمين، فكرة كانت تراودني منذ وقت، إلى أن نبتت بذرة إنجاز هذا العمل شيئا فشيئا، وكانت ثمرتها هذا السيناريو الذي حول إلى شريط سينمائي”.

وأضاف أنه “في ظل الأزمة الحقيقية التي يعيشها الفن المغربي، الآن، والسينما تحديدا من خلال نفور الجمهور، فإن الأمر المهم الذي يفرض نفسه هو إعادة المتلقي إلى القاعات السينمائية من خلال إنجاز أفلام سينمائية ذات بعد وعمق معينين. وأنا متيقن من أن الجمهور سيستمتع كثيرا بتفاصيل قصة الفيلم الطريفة التي تستغرق ساعة و48 دقيقة”.

ومن جهتها، تحدثت الفنانة سكينة درابيل عن كواليس تصوير الشريط التي وصفتها بالرائعة، حيث ساد جو التعاون بين كل الفنانين سواء في المجال التقني أو الفني أو التشخيص.

كما أعرب محمد الحوضي عن اعتزازه بالمشاركة في هذا الفيلم، وتجسيد دور شخصية يهودية تعود إلى الوطن الأصل من أجل البحث عن كنز الأجداد المغاربة اليهود الذين هاجروا سنوات الأربعينات والخمسينات، وحتى الستينات.

وشدد على أن “الكنز الحقيقي هو محاولة اليهودي المغربي اكتشاف البلد الذي ولد به، وعاش فيه بعضا من سنوات طفولته قبل أن يهاجر، وأيضا اكتشاف العلاقات والمعاملات مع الناس التي لا يظهر فيها الانتماء الديني للشخص بقدر ما يظهر تعامله كإنسان”.

وفي السياق ذاته، أكد طارق البخاري أن من شيم الدين الإسلامي احترام ديانة الآخر والتسامح والتعايش معه ونبذ العنف.

واعتبر، في تصريح مماثل، أنه “آن الأوان لنفض الغبار عن بعض المفاهيم المغلوطة وغير الصحيحة التي تولد عنها عنف مجاني في الوقت الذي كان فيه أجدادنا يتعايشون مع اليهود في تسامح وسلام”.

ويشار إلى أن المخرج عمر غفران يمارس المسرح منذ ما يزيد عن 24 سنة، ودخل عالم الإنتاج من خلال إنتاج أول أفلامه المطولة، قبل أن يتولى إنتاج وإخراج الفيلم الكوميدي “الكنز”، وهو بصدد التحضير لفيلم ثالث بعنوان “رجل من زمن آخر”، الذي يعالج الواقع الاجتماعي بالمغرب في إطار درامي شيق.

وجدير بالذكر أنه تم تصوير أحداث هذا الفيلم، الذي كتب قصته المخرج نفسه، بمدينة الرباط، وهو من بطولة سكينة درابيل، وطارق البخاري، ومحمد الحوضي، وجمال العبابسي، وناصر المدغري، ومريم قدميري، وهند بالعلا، إلى جانب فنانين آخرين.

عمر غفران: إن هاجس التعايش بين اليهود والمسلمين، فكرة كانت تراودني منذ وقت، إلى أن نبتت بذرة إنجاز هذا العمل شيئا فشيئا، وكانت ثمرتها هذا السيناريو الذي حول إلى شريط سينمائي

وأكد متابعون في ردود أفعالهم بعد مشاهدة العرض الأول من العمل أن “الفيلم بهي ذو طابع كوميدي تراثي، من خلاله جعلنا كل الأبطال الفنانين المشاركين فيه نسافر في الحقبة التاريخية للمغرب حيث السلام والتسامح بين مختلف الأعراق والأديان”.

ويجسد المغرب نموذجا للتعايش السلمي بين الديانات والثقافات المختلفة، وهو ما تبرزه أمثلة كثيرة لذلك في الحياة اليومية في هذا البلد الواقع في شمال أفريقيا ومن بين هذه الأمثلة كنيسة نوسترا سينورا ديل بيلار بمدينة العرائش شمال المغرب، والتي يعد طرازها المعماري الفريد أبرز شاهد على انتشار قيم التسامح في المغرب حيث بنيت هذه الكاتدرائية منذ عقود على الطريقة الإسلامية في بناء المساجد.

ويثمن كثيرون تجربة المغرب في تكريس التعايش بين الثقافات والأديان المختلفة والتسامح وهي سمات وإن تراجعت في السنوات الأخيرة في المغرب وبلدان عربية كثيرة بتأثيرات متداخلة لعل أهمها انتشار التعصب وعدم توفر معالجات ثقافية وفنية وتعليمية متكاملة ومتجددة ضد هذه التيارات التي لا تتوقف عن محاولة بث الصوت الواحد والرأي الواحد والتأليب ضد المختلفين في العرق أو الدين.

ويبقى دور السينما والفنون هاما في التأكيد على ثقافة التعايش والتسامح ومقاومة التعصب، ومن ناحية أخرى فإن الكوميديا قالب سهل التقبل، ما سيضمن بلوغ رسالة الفيلم إلى مختلف الشرائح.

15