الكساد يضرب سوق الملابس في المغرب

انهيار الطلب بفعل العزل يتسبب في فائض المعروض.
الجمعة 2021/01/08
نسيج يراكم غبار الركود

ضرب الكساد تجارة الملابس الجاهزة في المغرب، حيث قادت إجراءات العزل وفترة الحجر الصحي إلى عرقلة مواسم ذروة البيع المرتبطة بالمناسبات والأعياد. وهذا الأمر تسبب في تراجع الطلب إضافة إلى فائض المعروض، وهو ما انعكس سلبا على حجم معاملات القطاع.

الرباط - يعيش قطاع الملابس الجاهزة في المغرب على وقع كساد غير مسبوق بفعل تداعيات جائحة كورونا التي ضربت التسوق وقوّضت إمدادات السلع، حيث تشهد الأسواق حالة من الركود مما عمّق متاعب المهنيين جراء الخسائر التي بات يتكبّدها القطاع.

ويكافح قطاع الملابس أزمة مزدوجة في العرض والطلب على السواء، إذ يواجه تجار الجملة والتفصيل مشكلة الفائض الكبير في مخزوناتهم من التشكيلات القديمة وحتى من المنتجات التي لم تجد طريقها إلى التسويق خلال العطلة الصيفية.

وعلى صعيد الطلب، فإن التوقف المفاجئ للنشاط إبان فترة الحجر الصحي الشامل الذي فُرض من مارس إلى يونيو 2020 من أجل وقف تفشي فايروس كورونا المستجد، فرض على المستهلك المغربي التقليص بشكل كبير من نفقاته المخصصة لاقتناء الملابس والتركيز على الحاجيات الضرورية كالغذاء والصحة ودفع الرسوم المدرسية والإيجار.

ونسبت وكالة الأنباء المغربية لمحمد، وهو صاحب متجر للملابس الجاهزة بدرب عمر في الدار البيضاء، قوله إن “عام 2020 كان كابوسا بالنسبة إلينا. فغالبية التجار اضطروا إلى إغلاق متاجرهم حتى بعد رفع الحجر الصحي، نظرا للعديد من الأسباب منها عدم عودة المستخدمين إلى عملهم خوفا من الإصابة بكوفيد – 19 وعدم كفاية السيولة النقدية”.

ويسرد محمد بأسف كبير الأضرار التي لحقت تجارته بسبب الوباء، قائلا “لقد خسرنا تقريبا كافة مواسم ذروة البيع التي يكون فيها النشاط التجاري عادة في أوجه، من قبيل بداية شهر رمضان وعيد الفطر وأيضا موسم الصيف. إجمالا، فإن حجم رقم معاملاتنا تراجع بأكثر من 70 في المئة بالمقارنة مع 2019”.

وأضاف أن تشديد الإجراءات الوقائية ضد كوفيد – 19 مؤخرا، أثر بشكل كبير على تدفق الزبائن والسياح وحتى سكان الدار البيضاء، مما أفقد مهنيي القطاع الأمل في الاستفادة من الرواج الذي يميّز عادة أعياد نهاية السنة.

وتقول جمعية الشركات المتوسطة والصغرى لصناعة النسيج والألبسة، إن القطاع تأثر سلبا بفترة الحجر الصحي التي دامت أكثر من ثلاثة أشهر، بعدما استغرق أغلب الفترة المهمّة من الموسم التجاري والمناسبات والأعياد، ما ساهم في تراكم كميات كبيرة من السلع الموسمية لدى التجار والمعامل والمصانع.

وتضع هذه الوضعية الصعبة التجار أمام معادلة صعبة، حيث تفرض تصفية المخزون الحالي من أجل الاستعداد بشكل سريع لموسم تخفيضات فصل الشتاء، أو منح أنفسهم وقتا إضافيا من خلال المراهنة على موسم ربيع 2021 الذي يبدو واعدا خاصة مع وصول اللقاحات المضادة للفايروس.

وتكفي جولة في المراكز التجارية بالعاصمة الاقتصادية لمعاينة العمليات الواسعة التي أطلقتها العلامات التجارية الكبرى، المغربية والأجنبية، لتصريف مخزونها حتى لا يفوتها موسم فصل الشتاء.

وينطلق موسم التخفيضات السنوي لتسويق المنتوج في بداية شهر يناير. لكن بالنسبة إلى العام 2021، فإن تاريخ انطلاق فترة التخفيضات قد حُدد ليوم 21 من الشهر الجاري.

70

في المئة نسبة تراجع معاملات تجارة الملابس الجاهزة مقارنة بعام 2019

وهذا التاريخ يقرره مكتب الفيدرالية المغربية للتجارة الشبكية، حيث أن تغيير الموعد المحدد لتخفيضات فصل الشتاء يهدف إلى منح التجار وقتا إضافيا لتصريف مخزونهم.

وفي مواجهة هذا الوضع الصعب، اختار العديد من التجار التحول نحو التجارة الإلكترونية سعيا لتقليص التكاليف والرسوم، خاصة نفقات الإيجار والكهرباء والماء.

ومع ذلك، فإن هذا الخيار لا يكون دائما مجديا نظرا لطبيعة هذا القطاع الذي يعتبر التحول فيه إلى التجارة الإلكترونية أمرا صعبا، لأن أفضل الظروف لشراء وبيع الملابس الجاهزة تتمثل في الحضور الفعلي للزبون لانتقاء وارتداء الملابس التي تناسبه.

ويتطلب نشاط التجارة الإلكترونية وضع استراتيجية لوجيستية مهيكلة بشكل جيد حتى لا تتحول إلى مغامرة غير محسوبة العواقب.

ويتعلق الأمر على الخصوص بوسيلة إيصال الطلبيات وتكاليف التوصيل، ونمط الدفع (نقدا أو الدفع الإلكتروني أو التحويل)، وعملية إعادة واستبدال المنتجات، والتسويق للوصول إلى جمهور واسع على شبكة الإنترنت.

وتظهر الأرقام الرسمية تراجع قيمة صادرات المصانع بحوالي 627 مليون دولار خلال الفترة الممتدة ما بين يناير ومايو الماضيين، مقابل مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، مسجلة تراجعا بقيمة 400 مليون دولار.

ولجأ أصحاب المصانع إلى السوق المحلية لبيع الألبسة والملابس الجاهزة بعد تراجع صادراتهم بنسبة تجاوزت 38 في المئة نظرا لغلق الحدود وتقلص المبادلات التجارية.

وكان العاملون في القطاع قد طالبوا بمنحهم قروضا من أجل مساعدة الشركات التي هي في وضعية صعبة، على العودة إلى النشاط مجددا مع ضرورة الإعفاء من جميع الفوائد، وفي حالة عدم سدادها يتم تحويلها إلى قروض دون توظيف للفوائد لمدة 5 سنوات.

وسعى القطاع إلى التكيّف مع أزمة الوباء، حيث أنتج 7 ملايين كمامة واقية ذات استعمال واحد ومليون كمامة قماشية تخرج كل يوم من سلاسل الإنتاج المغربية.

ولتعزيز الثقة في المنتج المحلي طالبت جمعية الشركات المتوسطة والصغرى لصناعة النسيج والألبسة في وقت سابق، باتخاذ قرارات جريئة من أجل دعم علامة “صنع في المغرب” ودعم القدرة التنافسية للمنتج المحلي في وجه المنتجات الأجنبية المنافسة، واعتماد سياسة حمائية قوية إلى جانب إعفاء ضريبي كلّي للقطاع بصفته قطاعا متضررا 100 في المئة.

11