الكاتب المغربي محمد كوهن: الكتابة بلسان امرأة مغامرة

محمد كوهن يرى أنه أثناء كتابة هذه الرواية، أعاد اكتشاف جزء الأنوثة المخفي داخل كل واحد منا.
الثلاثاء 2021/10/05
أكتب من أجل المتعة لا من أجل الهروب

الرباط – بعد أقل من أربع سنوات على إصدار روايته الأولى “كتلة التناقضات”، يعود محمد كوهن، الذي يشتغل طبيبا جراحا، برواية جديدة باللغة الفرنسية بعنوان “من أجل المتعة”، والتي تعد عملا أدبيا تلتقي فيه الأنماط العاطفية والخطابة والحزم في بوتقة واحدة.

نتطرق معه بداية حول روايته، بشكل عميق وبارع، قصة بطلتين متناقضتين، وكيف استطاع من موقع الرجل قبل الروائي أن يخوض هذه المغامرة، ليقول “هي مغامرة رائعة مثل كل مغامرة، فهي تنطوي على شكوك وتردد وتخوف معين وتتطلب الاستعداد للقيام بها من أجل الاستمتاع بالنتيجة في نهاية المطاف. مثل متسلق الجبال الذي يبحث عن جبل شديد الارتفاع يصعب الصعود إليه. فالقمة تعطيك شعورا مزدوجا جسديا ونفسيا”.

سبر أغوار الجنس اللطيف

ويضيف “من خلال هذه القصة كنت أرغب فك رموز المشاعر الأنثوية، والارتقاء بالحقيقي منها. فنحن الرجال مختلفون جدا في المشاعر، فإذا كانت امرأة اليوم تتمتع بقدرات جسدية وفكرية، تفوق الرجل أحيانا، فإن طريقة تعاملها مع المشاعر مختلفة. لا أقول إنها أفضل أو أسوأ بل هي مختلفة”.

ويتابع “بدا لي أنه من المثير للاهتمام أن أخوض في هذا المجال مع ما يطرحه ذلك من التوجس من عدم النجاح أو الخطأ، ولكن في النهاية لم يذهب الجهد سدى، فقد خرجت الراوية إلى الجمهور وتعرفت الكثير من القارئات على أنفسهن من إحدى البطلات، وكانت ردود الفعل جيدة وتثلج الصدر، هكذا كان الشك والنتيجة ويبقى على القارئ شرح النزوعات المسبقة”.

ويوضح أنه في النهاية، ليس لديه أي ميزة. فقد ترعرع وسط النساء، في منزل كبير في فاس حيث كانت نسبة النساء ثلاثة أضعاف الرجال. ويعتقد أيضا أنه أثناء كتابة هذه الرواية، أعاد اكتشاف جزء الأنوثة المخفي داخل كل واحد منا.

عن المتعة التي شعر بها لدى سرده هذه القصة الغريبة والآسرة، يقول كوهن “إنه لأمر مثير للاهتمام أن تضع شخصيات متناقضة وغير كاملة وجها لوجه. عالية نشأت في سجن من ذهب، وتلقت تربية قاسية. وبعد حصولها على شهادة البكالوريا، سافرت إلى الخارج لمتابعة دراستها الجامعية وتمكنت من التحرر من قيودها والانحراف عن المسار الذي أراده لها والدها”.

ويضيف لكنها “عادت إلى المغرب دون دبلوم لتختبر دراما عائلية وتنطوي في النهاية على نفسها. منذ ذلك الحين، وهي تعيش بعيدا عن الناس. تمارس الرياضة، رفقة كلبها، رفيقها المثالي، حتى التقت صوفيا، المرأة الجميلة، رائدة الأعمال، الجذابة، الغنية، الذكية، والاجتماعية. وهي أيضا ‘خاطفة رجال’. معا ستعقدان صداقة جميلة وتلتقيان برجل سيلقي بهما إلى الجحيم. فهل ستنبعثان من رمادهما؟ لقد استمتعت بكتابة هذه الرواية”.

"من أجل المتعة" رواية تفكك رموز المشاعر الأنثوية وتعيد اكتشاف جزء الأنوثة المخفي داخل كل واحد منا

ويتابع كوهن “أنا طبيب جراح وأمارس الجراحة ليس فقط باعتبارها مهنة وإنما شغفا يتغذى على ابتسامة الارتياح التي يجدها المرء مرسومة على شفاه مريض خضع لعملية جراحية في اليوم السابق ولم يعد يعاني من الألم. أما الكتابة فهي شغفي الثاني. وفي نهاية كل فقرة وفي نهاية كل فصل، تغمرني مشاعر مختلطة وشعور بالفرح والرهبة. وفي نهاية هذه الرواية انتظرت بفارغ الصبر حكم قرائي. وكان ترحيبهم بهذه الرواية بمثابة ابتسامة مرضاي الذين تماثلوا للشفاء”.

أما عن الصعوبة الأكبر التي واجهته في تأليفه لعمله الجديد، فيقر الكاتب المغربي أنه لم يواجه أي صعوبة أو قيد معين.

يقول “أكتب من أجل المتعة وليس من أجل الهروب أو البحث عن ملجأ. إنه نشاط ممتع وبناء يثريني ويثقفني. لا أعاني من القلق من الصفحة البيضاء، لأنني أكتب عندما يناسبني ذلك، وعندما أشعر بالحاجة، وعندما أقوم بذلك أشعر بسعادة عارمة. الصعوبة الوحيدة التي أواجهها

هي ما يختبره معظم الكتاب المغاربة الذين يسعون لنشر أعمالهم. فالعثور على دار نشر تلتزم بجدية بدعم المؤلف، والقراءة والتدقيق اللغوي، وترقيم الصفحات والطباعة، والتوزيع والترويج في المقام الأول، ليس بالأمر الهين. كنت محظوظا بما يكفي لتتقاطع طريقي مع دار النشر ‘ملتقى الطرق’، الجديرة بحمل هذا الاسم، والتي تقوم بعمل ممتاز”.

14