الكاتبة المصرية نجلاء علام: نحتاج إلى طرق مناطق جديدة في أدب الطفل العربي

الاستلهام من التراث لا يكفي في أدب الطفل.
الثلاثاء 2024/07/23
أزمات أدب الطفل في العالم العربي مادية بالأساس

رغم تطور نشر كتب الأطفال في العالم العربي وتطور النصوص والمواد المقدمة من رسوم وغيرها، مازالت كتب الأطفال تواجه صعوبة في تحقيق غاياتها التي تتجاوز مجرد الانتشار إلى التأثير العميق في الأجيال الجديدة، وهذا يعود إلى عدة أسباب كما تبين الكاتبة المصرية نجلاء علام التي كان لنا معها هذا الحوار.

القاهرة - قالت الكاتبة المصرية نجلاء علام إن أدب الطفل في العالم العربي يواجه عدة معوقات تحول دون ازدهاره وانتشاره، وفي مقدمتها مشاكل ارتفاع أسعار الطباعة والتوزيع.

وتوضح علام في مقابلة معها “تسببت الزيادات المستمرة في أسعار الورق والأحبار، إلى جانب غياب منظومة توزيع فاعلة، في عدم تحقيق الحضور المطلوب لأدب الطفل عربيا، وعدم توفر كتب تلبي حاجات القراء الصغار وتحقق طموح الكتاب والرسامين”.

النهوض بأدب الطفل

غ

تؤكد الكاتبة أن الأزمات التي يعيشها أدب الطفل في العالم العربي هي “أزمات مادية يكمن حلها في توفير الدعم اللازم للكتاب والناشرين ووضع رؤية تضمن وصول الكتاب إلى كل الأطفال العرب بمختلف فئاتهم”.

وتتابع قائلة إن “مخاطبة الطفل تعتمد على مستويين؛ الأول هو العمل المقدم له، والثاني هو الوسيط الذي سيقدم من خلاله العمل. وعلينا في الفترة القادمة أن نطمح إلى تجديد المستويين معا”.

وتضيف علام، المتخصصة في أدب الطفل، عن حاضر أدب الطفل ومستقبله في العالم العربي أن “المتابع لحركة أدب الطفل عربيا يجد أن هناك تركيزا على الاستلهام من التراث وتوظيف القيمة الإيجابية والقصة المجتمعية والحكي الممتع ومعالجة قضايا منطقتنا العربية والمشهدية”.

وتؤكد ضرورة التركيز في المستقبل على “الحوار مع مفردات الطبيعة والانسلاخ من التوجيه المباشر وطرق مناطق جديدة في أدب الطفل والعمل على تقديم كتب تفاعلية”.

وحول أهمية حضور التراث في أدب الطفل العربي تقول الكاتبة المصرية إن “التراث الثقافي يستحق أن يقف عنده كل مبدع عربي لأنه ثري ومتنوّع ويعد البوتقة التي انصهرت فيها القيم العربية بالهوية والشخصية، وهو بالفعل حاضر بقوة في الكتابات الموجهة إلى الطفل”.

وتشير إلى أنه تم تناول التراث على مستوى أدب الطفل بثلاث طرق: الأولى هي تقديم قصص التراث كما هي بنفس الأحداث والمعالجة التراثية مع التكثيف وتبسيط اللغة، والثانية هي تقديم معالجة جديدة للأحداث التراثية، مع المحافظة على الشخصيات والجو العام الذي تدور فيه الأحداث، والطريقة الثالثة هي استيحاء المضمون التراثي مع عصرنة الأحداث.

مخاطبة الطفل تعتمد على مستويين؛ الأول هو العمل المقدم له، والثاني هو الوسيط الذي سيقدم من خلاله العمل

وحول رؤيتها لدور المعارض والمؤتمرات والندوات والمهرجانات في خدمة أدب الطفل تقول علام إن هذه الفعاليات الثقافية لا تفيد الطفل فحسب، بل تفيد أسرته التي تتعرف على عالم رحب يمكن أن يساعدها في إثراء مدارك أطفالها وإقامة حوار معهم، و”هذه الفعاليات تفيد أيضا كتاب أدب الطفل لأن عليهم أن يظلوا على تواصل دائم مع جمهورهم من الأطفال لقياس مدى تفاعلهم مع إنتاجهم، الأمر الذي يمكن الكتاب من معرفة وفهم احتياجات وتوجهات جمهورهم من القراء الصغار و تحديد اتجاه بوصلة إبداعهم الجديد”.

أما عن رؤيتها لدور الكاتب والمؤسسات الحكومية في النهوض بأدب الطفل في العالم العربي فترى علام أن الكاتب يعمل الآن “بني ومناول”، وهو مثل مصري معناه أنه يقوم بعمله وعمل غيره، “فهو لا يقدح زناد عقله ليأتي بفكرة مبتكرة يقوم على كتابتها والتطوير فيها حتى يرضى عنها فحسب، بل يحاول أيضا اختيار الناشر المناسب الواعي بأهمية إخراج كتاب موجه إلى الأطفال في أفضل صورة”.

وتضيف أن دور المؤسسات الحكومية يتفاوت من دولة إلى أخرى، منوهة إلى أن بلدان المنطقة العربية بعضها يعاني من آثار الحروب والنزاعات وبعضها الآخر يعاني من أزمات اقتصادية، وأنه على المهتمين بمجال أدب وثقافة الطفل البحث عن بدائل غير مكلفة ماليا من أجل ازدهاره وتحقيق نهضته.

الكتابة والتراث

غ

حول رؤيتها للنهوض بحركة النشر والتوزيع في مجال أدب الطفل تقول علام إنه لا بد من تسيير مكتبات متنقلة في كل مدن وقرى العالم العربي، والتوسع في إنشاء مواقع إلكترونية ومنصات موثقة للأطفال، تقدم لهم المفيد وتسهم في نشر الكتب الموجهة إلى الصغار، وإقامة الجوائز والمسابقات لتحفيز دور النشر على إنتاج كتب في مجالات نوعية ومختلفة للأطفال، والتوسع في إقامة معارض كتب الأطفال على مستوى البلدان العربية.

ونتطرق إلى الحديث عن حضور التراث في كتاباتها، فتعلق الكاتبة قائلة إن من ينظر إلى مؤلفاتها وما أصدرته من روايات وكتابات كتلك الموجهة إلى الطفل أو الدراسات التي تدور في فلك ثقافة الطفل، ربما لا يجد التراث حاضرا بشكل مباشر، ولكنه يمثل ركيزة أساسية في بناء ذاتها الكاتبة، والذات كما تفهمها هنا هي ذات جامعة راصدة، وهي مجموع المدركات عن النفس والوجدان والقيم والانحيازات والتراث والمجتمع.

وتضيف أنها تعتقد أن ذاتها الكاتبة استوعبت التراث ولكنها عملت على إعادة تأويله مثلما حدث في رواية “الخروج إلى النهار” التي تناولت مساحة زمنية متسعة منذ آدم وقابيل وهابيل ودور الأنثى في هذا الحدث التأسيسي في بداية البشرية، حيث تقوم الرواية على استيلاد معان مختلفة للبشرية منذ فجر التاريخ.

يذكر أن نجلاء علام كاتبة وباحثة مصرية ترأس تحرير مجلة “قطر الندى” الموجهة إلى الأطفال والتي تصدرها الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة، وهي عضو في عدد من المؤسسات المصرية المعنية بالثقافة والفنون، من بينها النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، وأتيليه القاهرة. وسبق لها أن عملت مديرة للإدارة العامة لثقافة الطفل في الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة.

كما سبق لعلام أن تولت رئاسة لجنة ثقافة الطفل في المجلس الأعلى للثقافة بمصر، وقد صدر لها عدد كبير من المؤلفات ما بين دراسة وقصة ورواية ومسرحية.

12