القضاء يرفض عزل المحقق العدلي في قضية انفجار بيروت

أهالي الضحايا يدعون القاضي البيطار إلى تطبيق إجراءاته المتبقية بسرعة كي لا يتم التلاعب بالقوانين عبر الحصانات.
الثلاثاء 2021/10/05
التجاذبات السياسية تعرقل سير التحقيق

بيروت – رفضت محكمة الاستئناف اللبنانية الإثنين عزل المحقق العدلي طارق البيطار المكلف بقضية انفجار مرفأ بيروت من منصبه، ما يسمح له بمواصلة طلبات استجواب مسؤولين كبار.

ولم يحرز التحقيق في ملابسات انفجار المرفأ في الرابع من أغسطس 2020، وهو أحد أكبر الانفجارات غير النووية المسجلة في التاريخ، أي تقدم يذكر وسط حملة تشويه للقاضي ومقاومة من جماعات سياسية لبنانية نافذة.

وقضت المحكمة بعدم الاختصاص النوعي في الدعوى القضائية، وإلزام المدعين بغرامة مالية قدرها 800 ألف ليرة (نحو 500 دولار أميركي).

ولم يتضح إن كان متاحا تجديد طلبات كف يد البيطار أمام المحكمة ذاتها أو محاكم أخرى، لكن مصادر لبنانية ذكرت أنه بإمكان البيطار متابعة تحقيقاته في ملف الانفجار بعد صدور قرار محكمة الاستئناف.

وفي الرابع والعشرين من سبتمبر الماضي تقدم وزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق بطلب أمام محكمة الاستئناف في بيروت لعزل القاضي البيطار عن قضية انفجار المرفأ وتعيين آخر بدلا عنه.

والمشنوق نائب في البرلمان ادعى عليه القاضي البيطار في يوليو الماضي في قضية انفجار المرفأ، وطلب رفع الحصانة النيابية عنه تمهيداً للتحقيق. كما تقدم النائبان غازي زعيتر وعلي حسن خليل بدعوى مماثلة لذات المحكمة، طالبين كف يد البيطار، وذلك بعد أن ادعى عليهما الأخير بقضية المرفأ.

وقوبلت جهود البيطار لاستجواب مسؤولين سابقين وحاليين بالدولة بينهم رئيس الوزراء في فترة وقوع الانفجار حسان دياب ووزراء سابقون ومسؤولون بارزون في قطاع الأمن للاشتباه في الإهمال بالرفض مرارا.

وتتهم قوى سياسية بارزة على رأسها جماعة حزب الله وتجمّع رؤساء الحكومات السابقين البيطار بـ”تسييس” التحقيق في قضية انفجار المرفأ.

ويأتي هذا التطور بعد أيام على تسريب إعلاميين رسالة على لسان مسؤول في حزب الله إلى القاضي البيطار تتضمن امتعاض الحزب الذي يعتبر القوة السياسية والعسكرية الأبرز على الساحة اللبنانية، من مسار التحقيق وتهديده بإزاحته.

وقام رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، الذي يُجاهر حزبه بالاعتراض على مسار التحقيق في قضية تفجير المرفأ، مؤخرّاً بتمرير رسالة مباشرة وعبر جهات إعلامية إلى القاضي البيطار أبلغه فيها أنّ الحزب سيبقى “معارِضاً شرساً” لعمل المُحقق العدلي، ناقلاً إليه رسالة حازمة إن “استمرّ في اعتماد أسلوبه المرفوض في التحقيق فإنّ الحزب لن يتوانى عن اقتلاعه” من منصبه.

وينتاب الغضب الكثير من اللبنانيين خاصة أقارب ضحايا الانفجار الذي أودى بحياة أكثر من مئتي شخص، إذ مر أكثر من عام دون محاسبة أي مسؤول بارز على ما حدث.

ودعا الأهالي الاثنين القاضي البيطار إلى تطبيق إجراءاته المتبقية بسرعة كي لا يقوموا بالتلاعب بالقوانين عبر حصاناتهم، قائلين “ونحن لا نتّهم إلّا من يتّهمه القضاء وقضيتنا ليست قضية سياسية بل لبنانية جامعة وهي قضية دموع وألم ووجع”.

ومنذ وقوع الانفجار رفضت السلطات تحقيقاً دولياً، فيما تندّد منظمات حقوقية وعائلات الضحايا والناجون من الانفجار بمحاولة القادة السياسيين عرقلة التحقيقات.

وقالت الباحثة المتخصصة في شؤون لبنان في منظمة هيومن رايتس ووتش آية مجذوب إن ما يحصل “يظهر بوضوح أن الطبقة السياسية اللبنانية ستفعل ما بوسعها لتقويض وعرقلة التحقيق (…) وللإفلات من العدالة مجدداً في إحدى أكبر الجرائم في تاريخ لبنان الحديث”.

وفي بلد شهد خلال السنوات العشرين الماضية اغتيالات وتفجيرات وحوادث عديدة لم يكشف النقاب عن أي منها إلا نادرا ولم يحاسب أي من منفذيها.

ولا يزال اللبنانيون ينتظرون أجوبة عن أسئلتهم: من أتى بهذه الكمية الضخمة من نيترات الأمونيوم إلى بيروت؟ لماذا تُركت سبع سنوات في المرفأ؟ ومن كان يعلم بها وبمخاطرها؟ .

ويُشكك كثيرون في إمكانية التوصل إلى حقيقة ما حصل أو حتى محاسبة أي مسؤول سياسي أو أمني بارز.

2