القضاء التونسي يفتح ملف الفساد في الإعلام

منصات إسلامية تستخدم حرية التعبير مدخلا للتشكيك بالإجراءات القانونية.
الخميس 2021/08/19
ملف "نسمة" يعود إلى الواجهة

يتقصّى القضاء التونسي شبهات الفساد في وسائل الإعلام واستغلال المنابر للدعاية الحزبية دون إطار قانوني، فيما تستمر المنصات الإسلامية في استغلال تحقيقات القضاء لمنحها صبغة سياسية وإثارة المخاوف على حرية التعبير.

تونس - أحالت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تونس إلى القضاء ملف التّقصّي في شبهات فساد تتعلّق بقناة تلفزيونية خاصّة، يرجح بقوة أنها قناة “نسمة” المملوكة لنبيل القروي رئيس حزب “قلب تونس”، بالتوازي مع فتح ملفات فساد أخرى كشفت عنها وسائل الإعلام، الأمر الذي استغلته منصات إسلامية لتسييسها.

وسبق أن تقدّمت الهيئة العليا للاتصال السّمعي والبصري “الهايكا”، ببلاغ لهيئة مكافحة الفساد تضمن تجاوزات وشبهات مخالفة القوانين والتراتيب الجاري بها العمل، لإحدى القنوات التلفزيونية الخاصّة في شخص ممثلها القانوني ووكيلها السّابق.

وأفاد بلاغ “الهايكا” بتوظيف القناة للدّعاية الحزبية لصالح أحد المرشحين في الانتخابات التشريعية والرّئاسية 2019. وجمع التّبرعات عن طريق نشاط جمعية خيرية واستعمال المنابر الإعلامية بالقناة للدعوة لذلك. ومواصلة استغلال قناة تلفزيونية خاصّة رغم انتهاء مدّة التّرخيص المسند إليها بموجب اتفاقية مبرمة بين وكيلها والدّولة. واستمرار القناة في البث دون إجازة وعدم تسوية الوضعية المذكورة في الآجال القانونية، وتنطبق هذه الأوصاف على قناة نسمة.

وقالت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أنه ثبت لديها أنّ الشركة المستغلّة للقناة التلفزيونية الخاصّة، قد قامت بالطعن أمام المحكمة الإدارية في قرار الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السّمعي والبصري المتعلّق بإجراءات التسوية الصّادر عام 2018 وكذلك في القرار المتعلّق بدعوتها للتّوقف الفوري عن البث الصادر عام 2019. إلاّ أنّها لم تُقدّم ما يفيد صدور قرارات قضائية في إيقاف تنفيذ القرارات الصادرة عن الهيئة المطعون فيها بالإلغاء.

عبدالسلام الشمتوري: الإعلام العمومي عانى خلال العشرية السوداء من وهن وفساد

وأشارت إلى أن ذلك يُحيل إلى شبهة مخالفة القوانين والتراتيب من جانب القناة وذلك من خلال مواصلتها للبث دون إجازة قانونية ورفض تسوية وضعيتها رغم التّنبيه عليها من قبل الهيكل المختص وكذلك الغرامات المالية التي فرضت عليها جراء مخالفة القانون.

كما خصصت القناة برنامجا تلفزيونيا لجمعية خيرية هي “خليل تونس” أدارها صاحب القناة نبيل القروي لفترة طويلة. وقد عبرت “الهايكا” عن رفضها لما تقوم به القناة.

وقد أثار البرنامج انتقادات واسعة، وقال خبراء إعلام إن التلفزيون أداة فعالة في كشف الخفايا، غير أنه يتحول إلى أداة هدامة عندما يستخدم في غير محله مطية لاستعراض العمل الإنساني لخدمة أهداف سياسية كما حدث مع قناة “نسمة” التي وظفت حيزا من بثها لتصوير ما تقدمه من مساعدات للفقراء، بطريقة استعراضية تمس كرامة الناس.

وشنت السلطات حملة ضد الفساد منذ إعلان الرئيس قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي إجراءات استثنائية بإقالة رئيس الحكومة وحل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب الذين يواجه البعض منهم قضايا، خصوصا المالكين لوسائل إعلام مثل نبيل القروي وسعيد الجزيري مالك إذاعة القرآن الكريم ، وكل من الإذاعة والقناة تواجهان قضايا لمخالفتهما نظام البث.

وتحاول منصات إسلامية خصوصا الممولة من قطر، تسييس إجراءات القضاء التونسي ضد وسائل الإعلام المخالفة والترويج بأنها تصفية لخصومات سياسية، كما تتناول كل ما يتعلق بالصحافيين بطريقة تثير المخاوف على الحريات.

وبرز ذلك واضحا في قضية مثول مديرة إذاعة المنستير ليليا بن الشيخ والصحافية بالإذاعة نادرة إسماعيل ورئيس تحرير الأخبار محمد بشير الشكاكو، أمام قاضي التحقيق بوصفهم شهود، على خلفية تحقيق استقصائي نشرته إذاعة المنستير حول “استيلاء قضاة على أراض دولية بوثائق مزورة”.

Thumbnail

ونشرت وسائل إعلام تابعة للإخوان الخبر بطريقة توحي بأن هؤلاء الصحافيين يتم التحقيق معهم بسبب تقرير عن الفساد دون ذكر أنهم يمثلون بصفتهم شهود، كما استغلت الحادثة للإيحاء بخطر يتهدد حرية الصحافة والتعبير في البلاد.

وقد وجه الكاتب العام للنقابة الأساسية للإذاعة الوطنية عبدالسلام الشمتوري، الثلاثاء رسالة إلى الرئيس قيس سعيد طالبه فيها بإصلاح الإعلام العمومي الذي يعاني من الفساد وغياب الكفاءة منذ عشر سنوات.

وقال الشمتوري في رسالته إن “الإعلام العمومي عانى خلال العشرية السوداء من وهن وسوء تصرف وفساد يتطلب منكم وقفة حازمة حتى يعود لهذا القطاع بريقه وإشعاعه”.

18