القضاء الأردني يوقف نقابة المعلمين في خطوة قد تغذي الصراع مع الحكومة

الانتقادات بشأن هيمنة الإسلاميين على النقابة تعجل بوقفها، وتحويل أعضاء في مجلس النقابة إلى القضاء بخصوص قضايا تجاوز مالي وتحريض.
الأحد 2020/07/26
هل تم تجاوز الخطوط الحمر بوقف عمل النقابة؟

أدى التصعيد المتبادل بين الحكومة الأردنية ونقابة المعلمين التي تتعرض لانتقادات بشأن تغلغل الإخوان فيها إلى وقف النقابة السبت عن العمل وإغلاق مقراتها في خطوة من المتوقع أن لا تنهي معركة لي الأذرع بين المعلمين المطالبين ببعض الحقوق منذ أشهر والحكومة.

عمان  –  قررت النيابة العامة في الأردن السبت وقف نقابة المعلمين، وهي جهاز محسوب على الإخوان المسلمين، عن العمل وإغلاق مقراتها لمدة سنتين وتحويل أعضاء في مجلس النقابة إلى القضاء بخصوص قضايا تجاوز مالي وتحريض.

وتأتي خطوة القضاء في عمان بعد تصعيد متبادل بين الطرفين منذ أشهر، لكن الصراع احتدم أكثر بين النقابة التي ينتمي لها 140 ألف معلم والحكومة، منذ سبتمبر الماضي بسبب المطالبة بعلاوات وزيادات على الرواتب وما تبع ذلك من احتجاجات وإضراب استمر شهرا كاملا مع بداية العام الدراسي الماضي.

وقال النائب العام حسن العبداللات في تصريحات تداولتها وسائل الإعلام المحلية إنه قرر كف يد أعضاء مجلس نقابة المعلمين وأعضاء الهيئة المركزية وهيئات الفروع وإداراتها ووقف النقابة عن العمل وإغلاق مقراتها لمدة سنتين.

وأضاف أن عددا من المدعين العامين أصدروا مذكرات إحضار بحق المشتكى عليهم أعضاء مجلس النقابة ليصار إلى عرضهم على المدعي العام المختص لاستجوابهم عن الجرائم المسندة إليهم.

وأوضح أن “النيابة العامة تنظر في ثلاث قضايا تحقيقية متعلقة بتجاوزات مالية وقرارات صادرة عن مجلس النقابة وفيديوهات صادرة عن نائب النقيب ناصر النواصرة وتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي واشتملت على إجراءات تحريضية”.

ويرى مراقبون أن الأزمة بين الطرفين قد تشهد فصولا أخرى بالرغم من رغبة الحكومة التي يرأسها عمر الرزاز في منع الخوض في قضية النقابة في الفضاء العام حيث يعد للنقابة ثقل مهم.

النائب العام قرر منع النشر والتعليق على القضايا المتعلقة بنقابة المعلمين باستثناء الجهة الرسمية المصرح لها بذلك

ويعتقد هؤلاء أن النقابة تدفع ثمن تسلل الإسلاميين إليها خاصة وأنهم استنسخوا في ذلك تجاربهم مع النقابات الأخرى ولاسيما نقابة الأطباء حيث تتغلغل جماعة الإخوان.

كما يربط متابعون للشأن الأردني بين القرار الصادر السبت وقرار حل جماعة الإخوان مؤخرا خاصة وأن الأخير أعقبه تصعيد من نقابة المعلمين عجّل بحلها أيضا.

وخلال احتجاجاتهم التي اندلعت في أواخر العام 2019 سعت جماعة الإخوان إلى الركوب على تحركات المعلمين ونقابتهم ما جعلهم عرضة لانتقادات حادة.

وخلال محاولاتهم بعث هيكل نقابي جديد يدافع على حقوقهم ساند العاهل الأردني الملك عبدالله ثاني المعلمين في خطوة منه لقطع الطريق أمام استثمار الإسلاميين لذلك.

وبالفعل، توجت جهود العاهل الأردني والمعلمين بتأسيس نقابة المعلمين في العام 2011 وإجراء أول انتخابات لهيئات فروعها في مارس 2012 حيث جرى انتخاب 286 عضوا يمثلون الهيئة المركزية وهيئات الفروع.

ومنذ ذلك الحين، باتت الشكوك تحوم حول محاولات الإسلاميين نقل مشاهد الربيع العربي إلى الأردن من بوابة النقابات على غرار نقابة الأطباء والمعلمين. وكان القضاء الأردني قد قرر في وقت سابق من هذا الشهر حل جماعة الإخوان بشكل نهائي وقطعي، واعتبارها فاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية.

وقرر النائب العام، السبت، منع النشر والتداول والتعليق في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي كافة حول القضايا المتعلقة بنقابة المعلمين باستثناء الجهة الرسمية المصرح لها بذلك. وشارك المئات من المعلمين الأربعاء في مسيرة طالبوا خلالها الحكومة بالتزام الاتفاقية الموقعة بين الطرفين في أكتوبر حول علاوات المعلمين وذلك في أحدث خطوة تصعيدية مع حكومة الرزاز.

سلسلة احتجاجات للنقابة منذ العام الماضي
سلسلة احتجاجات للنقابة منذ العام الماضي

ومنتصف أبريل الماضي، أعلنت الحكومة وقف العمل بالزيادة المالية المقررة لموظفي الجهازين الحكومي والعسكري لعام 2020، بما يشمل المعلمين، اعتبارا من 1 مايو الماضي، وحتى نهاية 2020، لمواجهة تداعيات أزمة كورونا.

واجتمع مجلس نقابة المعلمين الشهر الماضي وأعلن تمسكه بالعلاوة.

ويأتي تمسك النقابة بالعلاوة ليفاقم أزمة الحكومة الأردنية حيث ناهز الدين العام في هذا البلد الـ40 مليار دولار.  ورفعت الحكومة مطلع العام الماضي أسعار الخبز وفرضت ضرائب جديدة على سلع ومواد تخضع بشكل عام لضريبة مبيعات قيمتها 16 في المئة، كما رفعت ضريبة الدخل وفرضت رسوما جمركية جديدة وضرائب أخرى. وأخذت احتجاجات المعلمين الأردنيين منذ سبتمبر أشكال عديدة بعد دخولهم في مواجهة مباشرة مع الحكومة التي أرغمتها الأزمة الاقتصادية الخانقة على مراوحة مواقفها من مطالب المعلمين بين الرفض والتفاوض.

وبالرغم من رسائل الطمأنة التي وجهها آنذاك الرزاز إلى المعلمين ومحاولة التهدئة معهم إلا أن التصعيد بين الطرفين ظل سيد الموقف لأشهر.

ومنذ ذلك الوقت (سبتمبر)، تم توقيف العشرات من المعلمين المحتجين وسرعان ما تصاعدت الأزمة حين قرر المعلمون الدخول في إضراب مفتوح عن العمل، استمر شهرا كاملا، وهو الأطول في تاريخ المملكة. وجاء هذا القرار الحاسم في الدعوى التي رفعتها الجماعة المنحلة على دائرة الأراضي والمساحة وعلى جمعية جماعة الإخوان في طلب إبطال نقل ملكية الأراضي والعقارات للجماعة القانونية التي صوبت أوضاعها عام 2015.

3