"القبة الزجاجية" دراما سويدية تناقش القتل العمد للأطفال

عمل يحمل إشارات حول العنصرية ضد العرب والحفاظ على البيئة.
الخميس 2025/04/24
من خطف الطفلتين؟

تحظى دراما الجريمة بشعبية كبيرة حول العالم، حيث يتابعها الجمهور بشغف وترقب لتطور أحداثها، فما بالك لو كانت هذه الدراما قادمة من مجتمعات متحضرة تخفي خلف صورتها الخارجية عنصرية ضد المهاجرين العرب. وهذا ما يتطرق إليه مسلسل "القبة الزجاجية" السويدي الذي يهتم أيضا بمشاكل البيئة.

القاهرة - تسبح الدراما والسينما الإسكندنافيتان، وفي القلب منهما السويديتان بوصفهما الأعرق والأكثر حصدا للجوائز العالمية، في سرديات ومعالجات فنية مرتبطة بطبيعة مجتمعاتهما شديدة الرقي والتحضر، وتمزج الكثير من الأعمال السويدية السرد المتفق عليه في العالم منذ نشأة السينما والدراما، وتتراوح بين أطياف التراجيديا والميلودراما والكوميديا، بقضايا المجتمع المهمة، ومنها المحافظة الصارمة على الحياة البيئية والهجرة والعنصرية التي يتبناها اليمين المتطرف كعقيدة سياسية راسخة.

في أحدث إصدارات الدراما السويدية أطلقت منصة نتفليكس منذ مدة قصيرة مسلسل “القبة الزجاجية” The glass dome، ويقدم صناع المسلسل دراما جريمة شديدة الغموض حول قاتل فتيات صغار متسلسل في إحدى المدن السويدية الصغيرة، وسط أجواء كفاح أهل هذه المدينة التي تتميز بثرواتها المعدنية ضد التعديات السافرة على البيئة من قبل شركة عملاقة للتعدين تعتزم تجفيف إحدى البحيرات الطبيعية الخلابة من أجل توسعة منجم للتنقيب عن أحد المعادن.

ولا يخبرنا صناع المسلسل ما هو نوع هذا المعدن الذي تجري توسعة منجم التنقيب عنه، لتقوية رمزية التصدي للتعدي على وجه من أوجه الحياة البيئية التي تزخر بها الطبيعة.

على الطرف الآخر، يبرز وجه اليمين المتطرف الذي يوجه أصابع الاتهام بالقتل إلى الشاب سعيد وهو مهاجر عربي لا تخبرنا الأحداث بالبلد العربي القادم منه، للدلالة على عداء العنصرية اليمينية المتأجج ضد كل ما هو ومن هو عربي أو شرقي.

صندوق زجاجي

جريمة غامضة
جريمة غامضة

يستهل المسلسل الذي كتبته كاميلا لاكبيرغ وأخرجته ليزا فيرز، ولعبت دور البطولة فيه ليوني فينسينت وجوان هيدنبرغ، أحداثه عام 2002، بتعرض الطفلة ليلى ذات الثمانية أعوام والتي تقيم مع والدتها بمفردهما للخطف من منزلها عبر تخديرها لتفاجأ عقب إفاقتها بأنها حبيسة صندوق زجاجي سميك، مضاد للكسر، ومجهز بفتحات صغيرة لضخ الأكسجين لتصرخ وتطرق بيديها جدران الصندوق دون جدوى.

تنقلنا سردية المسلسل رأسا إلى الولايات المتحدة في الوقت الحاضر، حيث تعمل ليلى أستاذة في علم الإجرام بإحدى الجامعات وتلقي أثناء المشهد محاضرة حول أساليب قتلة الأطفال المتسلسلين، عقب المحاضرة تتلقى محادثة هاتفية من والدها بالتبني فالتر نيس قائد الشرطة السابق في بلدة غراناس الصغيرة بالسويد يبلغها بوفاة والدتها بالتبني آن ماري، وتعود ليلى إلى موطنها مصحوبة بعاصفة من الذكريات.

صناع المسلسل يقدمون دراما جريمة شديدة الغموض حول قاتل فتيات صغار متسلسل في إحدى المدن السويدية الصغيرة
صناع المسلسل يقدمون دراما جريمة شديدة الغموض حول قاتل فتيات صغار متسلسل في إحدى المدن السويدية الصغيرة

تكشف ومضات خاطفة من هذه الذكريات تمكن ليلى من الهرب من قفصها الزجاجي دون أن توضح هذه الومضات كيفية هذا الهروب ونجدة فالتر لها (رجل شرط كان مارا على طريق هروبها بالصدفة) واتفاقه وزوجته على تبني الطفلة ليلى بعد ثبوت انتحار أمها بالأقراص المنومة إثر اختطاف ابنتها.

تصل ليلى إلى بلدتها غراناس لتجدها غارقة في معركة حامية الوطيس بين أهالي البلدة من جهة، وممثلين عن إحدى شركات التنقيب عن المعادن العملاقة التي ترغب في ردم بحيرة غراناس الخلابة لتوسعة منجم التنقيب، في الوقت الذي يمتطي فيه اليمينيون المتطرفون صهوة غضب الأهالي مطالبين بالعنف ضد الشركة ليقوموا بمصادمات دموية مع العمال البسطاء من المهاجرين العاملين في المنجم، وتحضر ليلى مراسم دفن وتأبين والدتها بالتبني آن ماري وتلتقي بصديقة طفولتها لويز.

تتخذ القصة منعطفا حادا عندما تقرر ليلى زيارة لويز صديقة طفولتها في منزل الأخيرة، قبل عودتها إلى الولايات المتحدة، وعند وصولها إلى منزل لويز تجد الباب مفتوحا، والموسيقى الصاخبة تدوي في أرجاء البيت، وتبحث ليلى عن لويز لتجدها غارقة في حوض الاستحمام الممتلئ بدمائها الناجمة عن جرح غائر بطول ذراعها الأيمن وقبضت بيدها اليسرى على سكين مغطى بدمائها، ما يشير إلى أنها انتحرت.

ولا يقتصر الأمر على صدمة المحيطين بلويز بسبب مصرعها، حيث يكتشف زوجها الشاب العربي الأصل سعيد اختفاء طفلتهما أليسا ذات الثمانية أعوام من المنزل وهو العمر ذاته الذي كانت اختطفت فيه ليلى منذ 23 عاما.

عنصرية الشرطة

غموض مريب
غموض مريب

يحول اختفاء الطفلة أليسا مأساة مصرع والدتها لويز إلى لغز يحمل بين طياته قلقا عميقا يعيشه أهالي البلدة الصغيرة، حيث تحشد قوات الشرطة والمتطوعون جهودهم للبحث عن أليسا عبر أرجاء الغابة القريبة من البلدة، إضافة إلى مفتشي الغابة، بينما يتولى توماس رئيس الشرطة الحالي والصديق القديم لفالتر والد ليلى بالتبني مسؤولية التحقيق. يعثرون على ملابس أليسا وحذائها عند مدخل منجم قديم في المدينة، ليبدأ التعامل مع القضية رسميا كجريمة.

تكشف لنا الأحداث أن اختطاف ليلى قديما وأليسا حاليا ليسا الجريمتين الوحيدتين، بل هناك العديد من حالات الخطف لطفلات ذوات الثماني سنوات تمت خلال عقدين من الزمن ولم يتم العثور عليهن أو على جثثهن.

بعنصرية شديدة يلقي توماس رئيس الشرطة القبض على سعيد العربي الأصل زوج لويزا متهما إياه بقتلها وإخفاء طفلتهما أليسا قسرا مستندا فقط على خلافاتهما المتكررة وطلب لويزا الطلاق من سعيد، إلا أن القضاء يبرئ سعيد ويطلق سراحه لعدم وجود أدلة اتهام دامغة.

في هذه الأثناء تكشف الأحداث عن علاقة غير شرعية كانت تربط توماس رئيس الشرطة بالراحلة لويزا، ويعترف توماس بتلك العلاقة لصديقه فالتز أثناء سكره.

تذهب مسارات المسلسل إلى شكوك واسعة كون توماس هو نفسه القاتل المتسلسل، وتعلم ليلى من والدها بالتبني بالعلاقة غير الشرعية التي كانت تربط توماس بصديقة طفولتها لويزا، واتهامه الغريب وغير المبرر للزوج سعيد بالقتل.

عند شعوره بتوسيع دائرة الشكوك حوله يسارع توماس إلى إلقاء القبض على الشاب جو، وهو أحد الشبان من غلاة اليمين المتطرف بعد مطالبة الأخير لسعيد بالرحيل عن البلدة لكونه عربيا واعتدى بالضرب عليه.

يفتش توماس منزل جو ليجد ضمن محتوياته حذاء غارقا في الدماء ليسارع بتوجيه تهمة القتل له لإبعاد الأنظار عنه وتثبت المعامل أن الدماء على الحذاء لحيوان الظبي.

العودة إلى الصندوق

القصة تتخذ منعطفا حادا
القصة تتخذ منعطفا حادا 

خلال تواجدها بالمنزل يتم تخدير ليلى بيد مجهولة للمشاهد لتفيق وتجد نفسها أسيرة نفس الصندوق الزجاجي الذي بدأت به الأحداث منذ 23 عاما وبجوارها الطفلة المختفية أليسا، وتظن أن خاطفها هو توماس، القاتل المتسلسل، إلا أن الأحداث تكشف في النهاية عن وجه هذا القاتل وهو نفسه فالتر والدها بالتبني الذي كان يتعقبها عقب هروبها وهي طفلة من الصندوق خلسة في لحظة نسي فيها غلق الصندوق وعندما عثر عليها ثانية غيّر خطة قتلها، وكانت زوجته آن ماري تطالبه بتبني إحدى الطفلات لعدم قدرتها على الإنجاب فقام بتربيتها، وبعد وفاة زوجته عاد إلى خطته القديمة بالتخلص منها هي والطفلة أليسا.

وعند انشغال فالتر بتنفيذ خطته يذهب صديقه توماس إلى المنزل للقائه كصديق، ويعثر على بعض القرائن التي تؤشر على ضلوعه في القتل ويفتش المنزل والكوخ القديم الذي يجاوره ليعثر عليه وينقذ ليلى وأليسا، ويعترف فالتر أثناء التحقيق معه بأنه ألقى جثث الفتيات الصغار اللاتى قتلهن في بحيرة غراناس.

اقتحمت السينما والدراما العالميتان عالم القتلة المتسلسلين منذ بواكير نشأتهما، وقدمت العشرات من السرديات التي تدور حول هذا العالم السادي المظلم، ومن أبرز هذه الأعمال فيلم هوليوود حاصد جوائز الأوسكار “صمت الحملان” الذي أنتج عام 1992 وجسد فيه أنتوني هوبكنز دور عالم النفس هانيبال ليكتر آكل لحوم البشر والمحكوم عليه بالسجن مدى الحياة، والذي تضطر المباحث الفيدرالية، عبر عميلتها البارعة ولعبت دورها جودي فوستر، إلى الاستعانة به لكشف هوية قاتل فتيات متسلسل خطير عجزت عن الوصول إلى هويته.

هناك أيضا فيلم “قبلة الفتيات” للمخرج غاري فيلدر الذي أنتج عام 1997.ولعب دور البطولة فيه نجم هوليوود الكبير مورغان فريمان والنجمة أشلي جود ويدور موضوعه حول قاتل متسلسل يتخفى تحت اسم الجوكر ويقوم بتخدير الفتيات وخطفهن في قبو وتعذيبهن قبل قتلهن.

14