القاعدة تتحدى قمة حكومات منطقة الساحل وفرنسا باحتجاز رهائن

الجزائر - أعلن تنظيم القاعدة في تسجيل تداولته وسائط إعلامية على شبكة الإنترنت السبت، احتجازه لست رهائن من جنسيات مختلفة، وذلك عشية انطلاق قمة حكومات منطقة الساحل الصحراوي وفرنسا في العاصمة المالية باماكو.
و حمل الإعلان رسائل تحد لمشروع القوة العسكرية المشتركة، المنتظر إطلاقها في المنطقة، وللعملية العسكرية الفرنسية “برخان” ولبعثة الأمم المتحدة، ما يفتح المنطقة على مختلف الاحتمالات، ويضع المجموعة الدولية على محك حقيقي.
وظهر ستة محتجزين من جنسيات مختلفة (من جنوب أفريقيا، سويسرا، أستراليا، فرنسا، رومانيا، وكولومبيا)، في التسجيل الذي بثه التنظيم على شبكة الإنترنت، يطلبون من حكوماتهم والمنظمات الإنسانية التدخل لإطلاق سراحهم، وتخليصهم من الاحتجاز الذي دام عدة سنوات للبعض منهم.
وقالت المصادر التي بثت التسجيل إن جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، المقربة من تنظيم القاعدة، هي التي تقف وراء احتجاز الرهائن، وقد افتتح التسجيل بكلمة زعيم التنظيم أيمن الظواهري، حول ما أسماه بـ”المعادلة الصحيحة”.
ويرى مراقبون للشأن الأمني في المنطقة الصحراوية، أن وقوف جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” المشَكلة حديثا بتحالف بعض الفصائل المستقلة الناشطة في الساحل الصحراوي وعلى رأسها فصيل “المرابطون”، الذي يقوده الجزائري مختار بلمختار، يحمل العديد من الدلالات الأمنية والتحولات في مسار التنظيم.
ويستدل هؤلاء، على التواريخ المختلفة للاحتجاز وللجنسيات المختلفة، ولوظائف المحتجزين، مقارنة مع تاريخ الإعلان عن تشكيل الجماعة الجديدة في المنطقة عام 2016، مما يوحي بأن التحالف يريد إبراز قوته في التفاوض، وقدرته على توحيد وتجنيد الفصائل والخلايا الجهادية المنفردة.
توقيت بث التسجيل ينطوي على رسائل مباشرة لقمة حكومات منطقة الساحل وفرنسا، التي انعقدت في باماكو الأحد
وأظهر تسجيل “المعادلة الصحيحة”، أن المحتجزين الستة متواجدون في قبضته بالتراب المالي، وأن نداءات الاستغاثة لتحريك مشاعر المنظمات الإنسانية وحكومات دولهم من أجل التدخل لإطلاق سراحهم، جاءت لتحريك الاتصالات وحتى التفاوض حول المقابل المعين لإخلاء سبيلهم.
ويرى مختصون أن توقيت بث التسجيل ينطوي على رسائل مباشرة لقمة حكومات الساحل وفرنسا، المنعقدة في باماكو الأحد، هو تحد لجهود دعم القوى العسكرية المحلية والإقليمية المرابطة في المنطقة، لمحاربة التنظيمات الإرهابية، خاصة وأن التسجيل تم في دولة مالي ومن بين المحتجزين رعية فرنسية.
وتحيل التواريخ المختلفة للاحتجاز مع تاريخ تشكيل جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، إلى إمكانية وقوع بعض الرعايا الأجانب في قبضة الفصائل المسلحة، قبل إعلان التحالف الأخير، والإبقاء عليهم لفترة تفوق الخمس سنوات، كورقة تفاوض لاستعمالها في التوقيت المناسب”.
ولا يستبعد مراقبون، أن تكون العملية بغرض تنفيس الضغط المسجل على تنظيم داعش في العراق وسوريا، ومحاولة لتغيير اهتمامات الرأي العام الدولي.
وبحسب هؤلاء فإن الخلاف الشكلي بين التنظيمين، يمكن أن يلغى تحت ضغط الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب في سوريا والعراق من جهة، وفي الساحل الصحراوي من جهة ثانية، لصالح توافق ضمني على العقيدة الجهادية للتنظيمين.
وأظهر التسجيل الرهينة الجنوب الإفريقي ستيفي ماكغاون، مصرحا “لقد مرت أكثر من خمس سنوات على اعتقالي”، ويرافقه تعليق إن “دولته لم تكترث به، ولا تسعى لتحريره، رغم جهود عائلته، وعدد من المنظمات”.
كما يظهر في التسجيل أيضا الجراح الأسترالي آرثر كينيث إليوت المختطف في 2015، والفرنسية صوفي بيترونان المختطفة في 2016، والروماني يوليان غيرغوت المختطف في 2015، والمبشرة السويسرية بياتريس ستوكلي المختطفة في 2016، والراهبة الكولومبية غلوريا سيسيليا نارفايز ارغوتي المختطفة في 2017.
وتضع القاعدة حكومات الرهائن في حرج شديد، في التعاطي مع مبدأ تجفيف منابع تمويل التنظيمات الإرهابية، وعدم الخضوع لابتزازات الفصائل المسلحة التي توظف الرهائن في اكتساب أموال طائلة، تستعمل في الحصول على السلاح والذخيرة من الأسواق العشوائية.
ودأبت التنظيمات الناشطة في الساحل الصحراوي في وقت سابق، على التعامل بأسلوب “القطعة”، إلا أن اختيارها هذه المرة لجمع عدد معتبر من الرهائن، جاء في سياق البحث عن صفقة ضخمة من الناحية المالية والاستراتيجية.