القاعدة أن ننتصر

كسر فوز المنتخب المغربي على المارد الإسباني القاعدة التي يكتبها كل لاعب عربي يشارك منتخبه في منافسات المونديال على جبينه ومفادها: يكفينا شرف المشاركة، وهزيمة مشرفة وانسحاب مشرف، تعاليق تبرر خنوع وهزيمة زرعها خوفنا من الآخر. الآخر الذي نعجب به بلا أسباب، أو لأننا كائنات هشة كالبسكويت نُكسر أمام كل غامض. هكذا نحن ولذلك نتقوقع في ماضينا.
لا أعرف لماذا يذكّرني تصفيق الجماهير العربية لمنتخباتهم المهزومة بتلك الصفعة التي كانت تباغتنا ونحن أطفال حين نريد أن نتحدى لاءات الكبير ونغامر. المغامرة هي التي تعلمنا حتى وإن أخطأنا؛ فالخطأ سيد الدروس. ولا تعلمنا أخطاء الآخرين ولا تجعل منا شخصيات مستقلة تتكئ على إصرار سيزيف لا عكاز أسلافنا.
ولا أعرف أيضا لماذا ندعي الانتصار في كل تاريخنا المكتوب بقلم السلطات التي ترضعنا الخنوع لنكون كائنات رخوة سهلة التوجيه والتحريك كالحمص في قدر من المرق.
الشعوب العربية ترنو إلى الانتصار والخروج من قدر الحمص المسلوق في المرق، لذلك تجدها تتعاطف مع كل فريق منتصر بل مع كل هدف يسجل اعتقادا منها أن هذا الهدف هو لطمة في وجه الخنوع اللزج الذي رضعناه منذ أجيال وعبر عقود، فانتصرت لفوز السعودية الوحيد وفوز المنتخب التونسي الوحيد ولكل ما أنجزه المنتخب المغربي.
ربما نعتقد أن الترشح للربع النهائي انتصار باعتباره أول إنجاز عربي في تاريخ الكرة الملطخ بالهزائم، كما انتصرنا لترشح تونس لمونديال المكسيك وما أتى بعده من مشاركات نذهب إليها لنرفع علما عربيا ونعود بيد فارغة وأخرى مجرحة بالهزائم.
المنتخب المغربي كسر كل هذه الحواجز بركلات الترجيح وبحارس لو رميت له قذيفة لصدها قبل أن تخرق الشباك، فقط لأن الآخر ليس ماردا ولا غوريلا؛ هو لاعب كرة قدم فقط. والساحرة المستديرة لا تحسن المجاملة ولا تعامل أقداما على حساب أخرى، فقط هي تطيع من يحسن مداعبتها.
من لا يذهب للفوز والانتصار في كل المنافسات الرياضية وغيرها فليتف في رداء صوفي دافئ ويشرب الشاي وليغنّ على ليلاه وما أنجزه عنترة ومن لحقه من الأجداد.
لاعبو المنتخب المغربي آمنوا بقدراتهم وبراعتهم لا ليستعيدوا مجدا أندلسيا غابرا ولكن من يلعب كرة القدم يجب أن يضع الانتصار أمام عينيه. غير ذلك يجعله مكسور الخاطر يلفّ رأسه بالهزائم.
قد يقول البعض إن ما حققه المنتخب المغربي إنجاز. نعم، لكن المنتخب المغربي لن يقف عند الربع النهائي ليعود مخاتلا أمام من لم يحلم بتحقيق هذا الإنجاز؛ سيلعب ليفوز، ليفوز فقط، وإن انهزم فلأنه أراد وجاهد لينتصر.