الفولكلور تخلّف في نظر العروي

المفكر المغربي عبدالله العروي يبرز أن "الثقافة الجديدة البرجوازية هي التي تكوّن الأرضية لظهور الفنون الشعبية كفولكلور، إذ لم تكن من قبل سوى رواسب أثرية خلفها وراءه مجتمع فقد الحيوية".
الجمعة 2018/09/28
عبدالله العروي: الفولكلور ظاهرة تكرّس التخلف

منذ عدة سنوات تم إنشاء تخصص للدراسات الفولكلورية في جامعاتنا أسوة بما فعلته جامعات غربية كثيرة، على أساس أن هذا التخصص ركن مهم يعيد الاعتبار لما يدعى بثقافة الهوامش في مجتمعاتنا، ولكن المفكر المغربي عبدالله العروي له نظرة مخالفة تماما للاتجاه الأكاديمي وللاتجاه السياحي اللذين يحفلان بالثقافة الفولكلورية في مجتمعاتنا التقليدية حيث يعتبر العروي كافة أشكال التماهي مع الفولكلور، في بلداننا المستقلة حديثا، ظاهرة تكرّس التخلف وتعادي الحداثة.

في هذا السياق يبرّر العروي موقفه النقدي للفولكلور بقوله إن “كل عمل فولكلوري سواء أكان موسيقيا، أو تشكيليا أو أدبيا، إنما يرث عن المجتمع الذي يظهر فيه صفة التخلف، بل يمكن القول إنه يستمد منها ما يلصق به من قيمة، أما العمل التعبيري فهو بالعكس فيهدف إلى جبر النقص من خلال التعبير ذاته، أي يتخذ الوعي الفردي والجماعي”.

ويعلن العروي موقفه بصراحة من طقوس الترويج للفولكلور ببلداننا قائلا إن “مظاهر السياحة الفولكلورية التي تشجع في بلداننا، لا تقدم للأجانب سوى القسمات البدائية المتخلفة من مجتمعاتنا، وهي الصور التي يتسلون بها، إنها تؤكد لهم بأنهم أمام عالم غير متمدّن، يمدّهم بالغرائبيات ويطمئنهم بأنهم ليسوا من ذلك العالم البعيد الذي انفصلوا عنه منذ دخول الغرب في عصر التنوير”.

 ويحمّل الدكتور العروي الشرائح البرجوازية الوطنية بمجتمعاتنا مسؤولية تشجيع الفولكلور الذي يلعب في تقديره الدور السلبي في تقسيم “الفضاء الوطني إلى عالم عصري يمثلهم ويبرز وجودهم في السلطة المادية والسياسية والثقافية، وإلى عالم فولكلوري موغل في البدائية”.

وهكذا يبرز العروي أن “الثقافة الجديدة البرجوازية -يمكن أن ننعتها بالمستوردة- هي التي تكوّن الأرضية لظهور الفنون الشعبية كفولكلور، إذ لم تكن من قبل سوى رواسب أثرية خلفها وراءه مجتمع فقد الحيوية”. ويمضي العروي قدما في نقده لعناصر التخلف في البنية الثقافية- الاجتماعية العربية حيث يرى أن “المسرح الفكاهي الذي يروّج له في فضاء شمال أفريقيا ليس بمسرح وطني بل هو فولكلور في جوهره”.

لا شك أن نقد العروي يستند إلى التعريف الكلاسيكي القائل بأنّ الفولكلور هو “بقايا القديم وثقافة ما قبل التمدين أو الموروثات الثقافية في بيئة المدينة الحديثة”، وأنه أيضا “المعرفة الشعبية وليس المعرفة العلمية”. ومن الواضح أن العروي يلتقي برأي فرانز فانون وهو أن “الثقافة هي في جوهرها نقيض العادات الجامدة التي ليست إلا حطام الثقافة، فإن أردت أن تلتصق بالتقاليد أو أن تحيي التقاليد البالية، فإنك تعاكس تيار التاريخ بل كنت تعاكس شعبك”.

15