الغموض يكتنف موقف روسيا من سحب عناصر فاغنر من ليبيا

طرابلس - أثارت الأنباء المتواترة عن بدء تركيا ترحيل مرتزقتها السوريين المتواجدين في ليبيا تساؤلات عن مصير مرتزقة فاغنر الروسية في ظل الدعم الدولي الذي تحظى به السلطة الانتقالية الليبية لإخراج القوات الأجنبية من البلاد، حيث لا يزال الغموض يخيّم على موقف موسكو من قضية سحب عناصر فاغنر، ولم ترسل روسيا أي إشارات بشأن ذلك.
وفي الوقت الذي جددت فيه الولايات المتحدة، شأنها في ذلك شأن العديد من القوى الدولية، التأكيد على ضرورة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا من أجل إتمام العملية السياسية، تداولت العديد من التقارير الإعلامية أنباء عن مغادرة أول دفعة من المرتزقة السوريين الذين زجت بهم تركيا في النزاع الليبي.
وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض رامي عبدالرحمن عودة دفعة من المقاتلين السوريين من ليبيا إلى الداخل السوري ليل السبت وذلك بعد انتهاء المهلة المحددة لإخراج كل القوات والمرتزقة الأجانب من ليبيا في الـ23 يناير الماضي.
ويرى مراقبون أن تركيا قد تُقدم على نقل مرتزقتها مدفوعة بالضغوط الدولية الرامية لإنهاء وجود القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا، علاوة على أن حضور أنقرة العسكري في ليبيا سيستمر في ظل تواصل العمل بالاتفاقيات الأمنية والعسكرية الموقعة مع حكومة الوفاق سابقا برئاسة فايز السراج.
ويُنتظر أن يتم وضع تلك الاتفاقيات ومصير التعاون الليبي – التركي في العديد من المجالات على الطاولة خلال زيارة رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة إلى تركيا والتي لم يُحدد تاريخها بعد.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد وجه دعوة رسمية للدبيبة والمنفي من أجل زيارة تركيا مساء السبت خلال اتصال هاتفي مع المنفي أكد خلاله أردوغان على “عمق العلاقات الثنائية بين تركيا وليبيا”.
ويثير سحب تركيا لمرتزقتها السوريين والعرب الذين جلبتهم خلال الحرب التي دارت رحاها بين الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر وحكومة الوفاق منذ 2019 تساؤلات عما إذا كانت هذه الخطوة ستمهد لسحب عناصر فاغنر الذين تتهم الولايات المتحدة روسيا بجلبهم لمساندة الجيش من خلال المشاركة في عمليات القتال أو تأمين الحقول والموانئ النفطية وغيرها.
وتنكر روسيا أي دور لها في ليبيا، لكن في مايو من العام الماضي أكد خبراء من الأمم المتحدة وجود مرتزقة في ليبيا من مجموعة فاغنر المعروفة بأنها مقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وغير معلوم بالضبط عدد القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا، إلا أن المبعوثة الأممية السابقة بالإنابة ستيفاني وليامز أكدت خلال ديسمبر الماضي وجود 20 ألفا من “القوات الأجنبية والمرتزقة” في ليبيا.
وأشارت وليامز آنذاك إلى وجود عشرات القواعد العسكرية سواء غربي ليبيا أو شرقها تشغلها بشكل جزئي أو كلي تلك القوات الأجنبية.

ويعد ملف المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا محط اهتمام العديد من القوى الفاعلة في الأزمة الليبية، حيث وجدت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة دعما دوليا هاما من أجل إتمام عملية سحب هؤلاء للسماح للعملية السياسية بالمضي قدما، علاوة على فسح المجال لتوحيد المؤسسة العسكرية.
ومساء الاثنين أجرى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة اتصالا هاتفيا مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أكدا خلاله على ضرورة إجراء انتخابات حرة ونزيهة واتخاذ إجراءات أخرى لإنهاء الصراع الليبي.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن المسؤوليْن “أكدا أيضا الحاجة للتطبيق الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 23 أكتوبر 2020 بما في ذلك إخراج كل القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا دون تأخير”.
ومن جهته بحث السفير الألماني في ليبيا أوليفر أوفيتشا مع نائب رئيس المجلس الرئاسي عبدالله اللافي الاثنين انسحاب القوات الأجنبية من ليبيا.
وقال أوفيتشا في تغريدة له على حسابه عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر إنه “تبادل مع اللافي الآراء حول الخطوات المقبلة للعملية السياسية، لاسيما انسحاب القوات الأجنبية، وإعادة توحيد المؤسسات المنقسمة والأرضية القانونية للانتخابات الوطنية”.
وقال مسؤول الشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الجمعة إن “خروج المرتزقة جزء من مسار الحل السياسي المستدام”، مؤكدا ضرورة الالتزام بحظر توريد الأسلحة إلى ليبيا قائلا “هو أمر حيوي لتطبيق الحل السياسي”.
وكان الدبيبة قد أكد خلال كلمته أمام مجلس النواب في جلسة منح الثقة لحكومته أن “‘المرتزقة خنجر في ظهر ليبيا، ولا بد من العمل على إخراجهم ومغادرتهم، وهو أمر يتطلب الحكمة والاتفاق مع الدول التي أرسلتهم”، مضيفا “سنتواصل مع بعثة الأمم المتحدة” لبحث إخراج هذه القوات.
وتعيش ليبيا مرحلة انتقالية، حيث تسلمت السلطة الانتقالية زمام الأمور من أجل إيصال البلاد إلى انتخابات عامة كما نصت على ذلك خارطة الطريق المتفق عليها في ملتقى الحوار السياسي بتونس في الـ24 من ديسمبر المقبل، لكن هناك العديد من الملفات الأخرى التي يُنتظر أن تعالجها تلك السلطات (المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية) أبرزها إخراج المرتزقة من البلاد وتوحيد المؤسسة العسكرية وغيرها.