العنف ضد الصحافيين أصبح قرينا لتغطية الأحداث في العراق

منظمة اليونسكو تكشف في تقريرها الانتهاكات التي يواجهها الصحافيون خلال تغطية الحركات الاحتجاجية بما في ذلك مضايقتهم وترهيبهم وتعرضهم للاعتداء.
الأربعاء 2020/09/16
تصاعد ملحوظ في انتهاكات حرية الإعلام في العالم

بغداد- أصبح التعرض للاعتداءات جزءا روتينيا من عمل الصحافيين العراقيين أثناء تغطية الاحتجاجات على مختلف أنواعها، سواء السياسية أو التي يخرج المشاركون فيها من أجل تلبية مطالب محددة لقطاع معين، كما حدث لطاقم عمل قناة “النجباء” الذين تعرضوا للضرب لمنعهم من تغطية تظاهرة لمجموعة من الخريجين الاثنين.

وأفاد مقدم البرامج في القناة، مخلد الفيصل، أنه كان قرب وزارة الخارجية مع المصورين محمد عبد علي وعلاء زبون، لتغطية التظاهرات التي نظمها الخريجون للمطالبة بإيجاد عمل لهم، وقام عناصر من اللواء المكلف بحماية المنطقة الخضراء بالاعتداء عليهم بالضرب المبرح، ثم طالبوهم بالمغادرة على الفور.

وأضاف أن عناصر آخرين من القوة قاموا بالاعتداء على سائق السيارة الخاصة بالقناة دون سبب يذكر، بحسب ما نقلت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة.

اليونسكو: هناك اتجاه تصاعديّ إزاء استخدام القوة المفرطة على يد الشرطة وقوات الأمن في السنوات الخمس الأخيرة

وطالبت الجمعية وزير الداخلية والجهات المختصة بمحاسبة العناصر المسيئين، وإيجاد حل لوقف اعتداءات القوات الأمنية على الصحافيين أثناء أداء عملهم، وحمايتهم بدلا من مهاجمتهم لمجرد نقلهم الأحداث على الساحة وفق المبادئ التي أتاحها القانون وكفلها الدستور.

ويقول صحافيون إن تعامل قوات الأمن العنيف مع المراسلين في الاحتجاجات يشهد تصاعدا في مختلف أنحاء العالم وليس فقط في العراق، وتحول الأمر إلى أشبه بسياسة موحدة لقوى الأمن لتقييد عمل المراسلين ومنعهم من نقل ما يحدث في ساحات التظاهر.

وأفادت منظمة اليونسكو بازدياد القمع الذي تتعرض له وسائل الإعلام، بشكل حاد خلال عام 2020، من خلال تقرير أصدرته الاثنين، بعنوان “سلامة الصحافيين الذين يغطون الحركات الاحتجاجية: الحفاظ على حرية الصحافة في أوقات الاضطراب”، سلطت فيه الضوء على التصعيد الملحوظ في انتهاكات حرية الإعلام التي اقترفها رجال الشرطة وقوات الأمن خلال سلسلة من المظاهرات اندلعت حول العالم في النصف الأول من عام 2020.

وأشار التقرير إلى اتجاه تصاعديّ أوسع إزاء استخدام القوة المفرطة على يد الشرطة وقوات الأمن خلال السنوات الخمس الماضية.

أودري أزولاي: حرية الإبلاغ عن الأسباب التي تؤجج الاضطرابات والاستجابة التي تبديها سلطات الدولة تكتسي أهمية حيوية من أجل ازدهار الديمقراطيات
أودري أزولاي: حرية الإبلاغ عن الأسباب التي تؤجج الاضطرابات والاستجابة التي تبديها سلطات الدولة تكتسي أهمية حيوية من أجل ازدهار الديمقراطيات

وأوضحت المنظمة الأممية أن الفترة الممتدة بين شهري يناير ويونيو من العام الجاري شهدت 21 حركة احتجاجية شابتها انتهاكات لحرية الصحافة، ومن بينها الحركات الاحتجاجية التي تعرض الصحافيون فيها للاعتداء والاعتقال وحتى القتل.

ومارست الشرطة وقوات الأمن في عام 2015 مضايقات ضد الصحافيين الذين كانوا يغطون 15 حركة احتجاجية في جميع أنحاء العالم.

وتضاعف هذا الرقم ليصل إلى 32 حركة احتجاجية بحلول عام 2019. ويشير التقرير إلى تجاوز عتبة جديدة مُقلقة، وهو ما يكشف تهديدا كبيرا ومطّردا يحدق بحرية الإعلام وحرية الانتفاع بالمعلومات في جميع أنحاء العالم.

وذكرت اليونسكو أنّ هذه الأرقام لا تجسّد عدد الاعتداءات أو حالات السجن أو القتل التي تعرض لها الصحافيون خلال تغطيتهم للحركات الاحتجاجية، بل تجسّد عدد الحركات الاحتجاجية التي شابها قمع حرية الإعلام.

وخلص تقرير اليونسكو أيضا إلى مقتل عشرة صحافيين أثناء تغطيتهم للحركات الاحتجاجية على مدار السنوات الخمس الماضية. وقد ندّدت المديرة العامة لليونسكو بكل واحدة من جرائم القتل هذه لدى وقوعها.

وتفيد لجنة حماية الصحافيين أنّ عددا من هذه الحركات الاحتجاجية شهد ما يصل إلى 500 انتهاك منفصل. ويسفر العنف في بعض الحركات الاحتجاجية مثل تلك المتعلقة بحركة “حياة السود مهمة”، عن إصابات دائمة يتكبدها العديد من الصحافيين على غرار أولئك الذين يفقدون بصرهم إثر إصابتهم بالرصاص المطاطي أو كرات غاز الفلفل.

وأكدت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، أن “حرية إبلاغ المواطنين عن الأسباب التي تؤجج الاضطرابات، والاستجابة التي تبديها سلطات الدولة لهذه الظروف، تكتسي أهمية حيوية من أجل ازدهار الديمقراطيات”.

ويفصل التقرير الانتهاكات المختلفة التي يواجهها الصحافيون خلال تغطية الحركات الاحتجاجية، بما في ذلك وضعهم تحت المراقبة ومضايقتهم وترهيبهم وتعرضهم للضرب والاعتداء وإطلاق النار عليهم بالذخائر الفتاكة أو غير الفتاكة واحتجازهم واختطافهم وإلحاق أضرار متعمدة بمعداتهم.

ويقدّم مجموعة من التوصيات الملموسة الموجهة إلى جميع الجهات الفاعلة المعنية، بدءا من وسائل الإعلام والسلطات الوطنية وانتهاء بالمنظمات الدولية. وتهدف هذه التوصيات إلى تعزيز حماية الصحافيين.

18