العمل الثقافي المشترك جسر لبناء العلاقات بين الشعوب العربية

وزير الثقافة الأردني مصطفى الرواشدة: نستغل كافة المنابر لحماية تراث فلسطين.
السبت 2024/11/23
الأردن يمتلك مشروعا ثقافيا متكاملا

يواصل معرض الكويت الدولي للكتاب فعاليات دورته الـ47، مقدما، علاوة على أروقة الناشرين والآلاف من العناوين لكل شرائح القراء، برنامجا ثقافيا ثريا خاصة ما يتعلق بالاحتفاء بضيف الشرف الأردن، إذ يقدم المثقفون والناشرون والمسؤولون الثقافيون الأردنيون وجوها من ثقافتهم وتصوراتهم ورؤاهم، وعلى رأسهم وزير الثقافة الأردني مصطفى الرواشدة الذي لاقته “العرب” ضمن فعاليات المعرض.

قال وزير الثقافة الأردني مصطفى الرواشدة إن بلاده تعتبر القضية الفلسطينية ملفا داخليا أردنيا، وتحرص على تقديم كل الدعم لفلسطين وشعبها، مدفاعة باستمرار عن حقه في إقامة دولته المستقلة، والتأكيد على أن الحل العادل والشامل هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار بالمنطقة.

ونوّه الوزير الأردني، في تصريحات له الجمعة لـ”العرب” على هامش مشاركته بمعرض الكويت الدولي للكتاب، بدور الجهود التي تبذلها بلاده من أجل حماية التراث الفلسطيني، وأشار إلى أن المملكة الأردنية تستغل كل المنابر الإقليمية والدولية من أجل إبراز القضية الفلسطينية والدفاع عنها، والحفاظ على هوية مدينة القدس، وحماية آثارها وتراثها الإسلامي والمسيحي.

العلاقات العربية

وأضاف وزير الثقافة الأردني أن الأردن الذي يتقاسم لقمة الخبز مع الأشقاء في فلسطين، يؤمن ويدعو دائما إلى حل الصراع بعيدا عن العنف، مؤكدا أن الشواهد على ذلك كثيرة.

وأوضح الرواشدة أن بلاده تؤمن بأهمية العمل الثقافي العربي المشترك، باعتباره جسرا لبناء العلاقات بين الشعوب العربية التي تجمع بينها الكثير من القواسم المشتركة. وبيّن أن بلاده تتمتع بعلاقات ثقافية جيدة مع جميع الأقطار العربية، وأنهم يؤمنون بأهمية العمل المشترك على جميع الأصعدة.

واعتبر أن اختيار بلاده لتكون ضيف شرف الدورة الحالية من معرض الكويت الدولي للكتاب، هو تأكيد على تلك العلاقات التي تجمع بين بلاده وبلدان المنطقة العربية بوجه عام، وعلى عمق أواصر الصداقة والتعاون بين المملكة الأردنية ودولة الكويت.

الفعاليات الثقافية المشتركة مثل المعارض الأدبية والمهرجانات الفنية التي تجمع بين الكتاب والفنانين العرب باتت ضرورية اليوم

وتحدث الوزير الأردني عن مشاركة بلاده بالدورة الـ47 من معرض الكويت للكتاب، وقال إن الأردن يشارك بعدد كبير من دور النشر، إضافة إلى الجناح الخاص بوزارة الثقافة، والذي يشتمل على إصدارات تغطي كافة فروع الثقافة والمعرفة، وأنهم حريصون على المشاركة بالفعاليات الثقافية العربية والدولية، ويستعدون مبكرا للمشاركة الفاعلة بمعرض مسقط الدولي للكتاب في دورته المقبلة.

 وجدد الرواشدة شكره لدولة الكويت على اختيارها لبلاده لتكون ضيف شرف المعرض هذا العام، ورأى أن علاقات الأردن والكويت تعد بمثابة نموذج للتعاون المشترك بين الأشقاء العرب.

وتابع أن الأردن يولي اهتماما كبيرا للثقافة، ويمتلك مشروعا ثقافيا متكاملا، يشمل كافة فروع الثقافة والإبداع، من آداب وفنون وموروث شعبي، وصناعات تراثية، إضافة إلى المراكز الثقافية التي تنتشر بكل مناطق البلاد، وتعد منابر للتنوير والثقافة والإبداع.

وكان الأردن قد اختير ضيف شرف للدورة الـ47 من معرض الكويت الدولي للكتاب، والمقامة خلال الفترة من العشرين إلى الثلاثين من شهر نوفمبر الجاري، بمشاركة 31 دولة عربية وأجنبية و544 دار نشر.

وقد استهل معرض الكويت الدولي للكتاب البرنامج الثقافي لدورته الحالية بمحاضرة حملت عنوان “العلاقات الثنائية بين الكويت والأردن”، وقدمها الدكتور سالم الدهان، مدير إدارة الدراسات والنشر ومدير مهرجان القراءة للجميع في وزارة الثقافة الأردنية، وذلك بحضور وزير الإعلام الأسبق في المملكة الأردنية مهند مبيضين، والأمين العام المساعد للثقافة بالمجلس الوطني عائشة المحمود، وعدد من المهتمين بالشأن الثقافي، وتم خلالها تسليط الضوء على العلاقات التاريخية والعميقة بين الكويت والأردن، وتنسيق البلدين الدائم على كافة الأصعدة.

وافتتح الدكتور سالم الدهان المحاضرة بتقديم لمحة تاريخية عن العلاقات بين الكويت والأردن، مؤكدا أن الروابط بين البلدين متجذرة وتمتد لعقود طويلة من التعاون المشترك على مختلف الأصعدة، واستعرض أبرز المحطات التي طبعت هذه العلاقة، بدءا من الدعم المتبادل بين الكويت والأردن في قضايا الإقليم وصولا إلى التعاون الثنائي في العديد من المجالات الحيوية.

تعاون ثنائي

ضمن فعاليات ضيف شرف معرض الكويت الأردن يشارك بعدد كبير من دور النشر إضافة إلى الجناح الخاص بوزارة الثقافة

ركز الدكتور الدهان في الجزء الأكبر من محاضرته على الجانب الثقافي، حيث أشار إلى البرامج والمبادرات المشتركة التي أسهمت في تعزيز الروابط بين الكويت والأردن، والالتزام بالارتقاء بالوعي الثقافي وتشجيع القراءة، كما تحدث عن أهمية الفعاليات الثقافية المشتركة مثل المعارض الأدبية والمهرجانات الفنية التي تجمع بين الكتاب والفنانين من كلا البلدين، مما يساهم في خلق بيئة ثقافية غنية ومؤثرة.

وقال الدكتور الدهان “هناك اتفاقية موقعة بين البلدين عام 2012 تضمنت برنامجا ثقافيا اشتمل على العديد من الأنشطة مثل المسرح والتراث والفنون التشكيلية وصناعة الكتاب وغيرها من مناحي العمل الثقافي، (…) لذا نحن نقف على أرضية صلبة في التعاون بين البلدين، والأساس متين.”

وشدد على أن الثقافة هي التي تخلق الوجدان والمساحات الدافئة بين شعبي الكويت والأردن، فالعادات والتقاليد متشابهة، ولديهما عوامل مشتركة وتراث مشترك، كما أنهما تتسمان بالاستقرار وهذا انعكس على التفاهم بينهما على كافة المستويات.

وتناول الدكتور الدهان دور التعليم كأداة هامة في تعزيز التعاون الثقافي بين الكويت والأردن، واستعرض البرامج الأكاديمية المشتركة والطلاب الكويتيين الدارسين بالجامعات في الأردن، مشيرا إلى أن هذا التعاون يمثل جزءا أساسيا من الجهود المبذولة لبناء جسر من الفهم المتبادل بين البلدين، وهو ما يساهم في تعزيز مكانتهما على الساحة الإقليمية والدولية.

من جهته قال وزير الإعلام الأسبق في المملكة الأردنية مهند مبيضين “الجانب الأكاديمي والعلمي له عمق تاريخي كبير بين الأردن والكويت فهناك أسماء كثيرة من الأردنيين كانوا يعملون هنا، وكلمة للتاريخ لا توجد دولة وقفت مع الأردن مثلما وقفت الكويت، فالصندوق الكويتي للتنمية منذ عام 1962 وحتى عام 2017 قدم مبالغ مالية كبيرة ساهمت في العديد من المجالات بالمملكة الأردنية وفي مشاريع تنموية كبرى مثل المستشفيات ومحطات المياه وغيرها من القطاعات.”

وختم وزير الإعلام الأردني الأسبق مهند مبيضين، قائلا “الكويت قدمت الكثير والكثير للقضايا العربية بهدوء، وهي تسير بخطط ثقيلة ومحترمة مما أكسبها وأكسب مكانتها سمعة عالية وثقة كبيرة من المجتمع الدولي.” واختتمت المحاضرة بالتأكيد على أهمية مثل هذه الفعاليات الثقافية في تعزيز الفهم المتبادل بين الشعوب، ودورها في توطيد العلاقات بين الكويت والأردن في ظل التحديات الراهنة.

12