العدالة الدولية تنتصر للإمارات

السؤال اليوم لم يعد عن الإمارات بل عن المجتمع الدولي: متى يلتفت إلى أصل الأزمة ومتى يدفع باتجاه حل جذري يُنهي الحرب ويعيد للسودان مساره السياسي الطبيعي؟
الأربعاء 2025/05/07
العدل قال كلمته

في لحظة مفصلية من تاريخ التقاضي الدولي أسقطت محكمة العدل الدولية دعوى النظام العسكري في بورتسودان ضد دولة الإمارات، معتبرة أنّ لا ولاية لها على القضية، وبالتالي فإن الدعوى كأنها لم تكن. لم يكن هذا القرار مجرد إجراء قانوني تقني، بل إعلان صريح بأن ساحات العدالة لا تُستخدم منصة لتسويق الافتراءات أو تصدير الفشل السياسي.

منذ البداية، اتضحت دوافع تلك الدعوى التي افتقرت إلى أبسط مقومات الجدية القانونية، وتحوّلت إلى واجهة عبثية أطلق من خلالها قادة الجيش السوداني – ومن ورائهم تنظيم الإخوان – حملة تضليل للتغطية على جرائم الحرب والانهيار السياسي الذي جرّ السودان إلى كارثة إنسانية مستمرة. لكن الإمارات، بثبات مواقفها، وبوصلتها الإنسانية، لم تنجرّ إلى هذا المستنقع، بل قابلت الاتهامات بالهدوء، والحقائق، والالتزام بمسار القانون الدولي.

قرار المحكمة، الذي لم يُتّخذ مثيله منذ 25 عاما، لم يكن فقط تأكيدا على قوة الموقف القانوني الإماراتي فحسب، بل هو فضح موثق للفراغ القانوني والسياسي الذي يقف خلف نظام البرهان، والذي يحاول تقديم نفسه بوجه سيادي، بينما تغيب عنه شرعية الداخل ويُشكّك فيه الخارج.

◄ الإمارات ستظل ثابتة في التزامها الإنساني تجاه الشعب السوداني، داعمة لحل سياسي عادل، حريصة على استقرار المنطقة، بينما يسجل التاريخ سقوطا آخر لزيف ادعاءات البرهان ومن خلفه

الدعوى لم تكن سوى محاولة يائسة للهروب من مسؤولية داخلية، فالقضية السودانية لا تتعلق بالإمارات ولا بأيّ طرف خارجي، بل تتعلق بانقلاب على مسار ديمقراطي، وبقيادة عسكرية اختارت الحرب على حساب الحوار، والدمار على حساب الاستقرار. وبدلا من التفاعل مع مبادرات السلام، لجأ القائمون على الأمر الواقع في بورتسودان إلى القضاء الدولي بحثا عن نصر وهمي.

أثبتت الإمارات أن التزامها الحياد الإيجابي في النزاعات ينطلق من رؤية سياسية أخلاقية، لا من موقع المصلحة الآنية أو الاستقطاب. دعمها للسودان إنسانيا، وموقفها الداعي لحل سياسي تقوده حكومة مدنية مستقلة عن “العسكر” ومصالحهم الضيقة، هو ما أثار حفيظة زمرة البرهان. فهؤلاء يخشون النموذج الإماراتي المتفوق والنقيض لهم في الحكم الرشيد والنهج والمسؤولية.

لقد كشفت الوثائق والتقارير الأممية أن لا دليل على تورط الإمارات في النزاع، بل إن الإمارات هي من كانت دائما حاضرة في مؤتمرات دعم السودان، وصوتها يعلو بالدعوة إلى وقف إطلاق النار وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية. في المقابل، لا يزال نظام البرهان يماطل، ويرفض الحوار، ويواصل ارتكاب انتهاكات وثّقتها منظمات حقوقية دولية.

ولأن الحقائق لا تُدار في الظلام، فقد جاء حكم محكمة العدل الدولية ليعيد التوازن الأخلاقي إلى السردية الدولية. فقد بات واضحا أن ما قدّمه نظام البرهان في دعواه لم يكن سوى مجموعة من الادعاءات المفككة، بلا أدلة أو مرجعية قانونية، بل محاولة فجة لإقحام الإمارات في صراع داخلي ليس لها فيه يد، لا من قريب ولا من بعيد.

◄ قرار المحكمة الذي لم يُتخذ مثيله منذ 25 عاما لم يكن فقط تأكيدا على قوة الموقف القانوني الإماراتي فحسب بل هو فضح موثق للفراغ القانوني والسياسي الذي يقف خلف نظام البرهان

الأهم أن هذه الخطوة تمثل هزيمة إستراتيجية لمحاولات تنظيم الإخوان – المتغلغل في المؤسسة العسكرية السودانية – لإرباك المشهد الإقليمي واستهداف القوى المعتدلة. فقد أرادوا أن يجعلوا من الإمارات خصما مزعوما، فقط لأنها تقف مع المستقبل والتنمية والسلام، بينما يراهنون هم على الخراب.

خرجت الإمارات من هذه الأزمة أكثر صلابة، حيث أثبتت أن من يلتزم بالقانون والحق، لا تهزه عواصف الكذب ولا زوابع الادعاء. موقفها الحازم، وشفافيتها في التعامل، وحرصها على منع أيّ إساءة لاستغلال أراضيها، كما حدث في واقعة إحباط تهريب الأسلحة، جميعها رسائل واضحة أن الإمارات لا تحيد عن التزاماتها الدولية.

والسؤال اليوم لم يعد عن الإمارات، بل عن المجتمع الدولي: متى يلتفت إلى أصل الأزمة؟ ومتى يدفع باتجاه حل جذري يُنهي الحرب ويعيد للسودان مساره السياسي الطبيعي؟ إن العدل قد قال كلمته، وعلى الدبلوماسية أن تواصل المسير.

وستظل الإمارات ثابتة في التزامها الإنساني تجاه الشعب السوداني، داعمة لحل سياسي عادل، حريصة على استقرار المنطقة، بينما يسجل التاريخ سقوطا آخر لزيف ادعاءات البرهان ومن خلفه، تحت وقع كلمة القضاء الدولي: فلا مجال للكذب في محراب العدالة.

التفوق يجلب المزيد من عُقد الفاشلين ليكيلونها نحو أكتاف الواقفين.. لكن عدالة الله قبل أي عدالة وأيّ محكمة تأخذ حتما مجراها.

 

اقرأ أيضا:

     • الإمارات تكتب سطر الحقيقة الأخير

8