الطفل العربي تغير ولا بد أن يتغير معه الأدب الموجه إليه

الكاتبة المصرية مي عبدالهادي: أدب الأطفال يحتاج إلى دعم أكبر.
الجمعة 2023/03/10
استقطاب الأطفال للأدب رهان صعب

رغم طغيان حضور وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف توجهاتها، إلى أن أصبح جيل الأطفال الحالي بعيدا عن الكتاب الورقي، فإن هذا الأخير لا يزال له حضوره البارز في التكوين الثقافي للطفل وتنشئته، ولكن المصاعب كثيرة أمامه والتحديات تزداد مع التطور التكنولوجي وتطور القراء الأطفال أنفسهم. فيما يلي حوار مع الكاتبة للأطفال مي عبدالهادي حول هذا النوع الأدبي.

القاهرة- الكثير من كتاب أدب الطفل العرب مازالوا يقعون في فخ التلقين وإلقاء المواعظ، وهو ما لا يناسب مع طفل اليوم المنفتح على الثقافات والتكنولوجيا وعوالم أكثر اتساعا.

من ناحية أخرى لا تتوقف التحديات التي تواجه هذا النوع الأدبي في حدود الكتّاب، وإنما تشمل أيضا منظومة النشر والتوزيع، وحتى الحكومات والمؤسسات نفسها، وهي المطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بدعم نشر أدب الطفل.

قارئ صعب

◙ أسلوب تقديم النصائح لا يستهوي الأطفال
أسلوب تقديم النصائح لا يستهوي الأطفال

تقول كاتبة الأطفال المصرية مي عبدالهادي إن أدب الطفل في العالم العربي يعاني من تحديات كبيرة، خاصة مع اتساع سطوة التكنولوجيا والمنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي سبب انتشارها تراجعا كبيرا في الآداب الموجهة للأطفال.

وأكدت عبدالهادي، في مقابلة معها، أن الطفل اليوم أصبح معزولا عن بيئته، خاصة في ظل تراجع دور الكتاب الذي كان مصدرا من مصادر المعرفة والترفيه.

وتنوّه بأن حقل الكتابة للطفل بالعالم العربي يشهد حالة من ضعف المحتوى وعدم التجديد، والاعتماد على النصائح المباشرة فيما يقدم من نصوص، وقد بات أسلوب تقديم النصائح لا يستهوي الطفل.

وحول أهم المشكلات التي تواجه حركة النشر في مجال أدب الطفل العربي، تقول عبدالهادي إن ارتفاع أسعار مستلزمات الطباعة بات مشكلة من المشكلات التي تعوق حركة النشر في هذا الحقل من الأدب، خاصة وأن طباعة كتب الأطفال تحتاج إلى طباعة مبهرة وجاذبة للطفل، وهو أمر بات يحتاج إلى تكاليف توصف بـ”الباهظة” من قبل الناشرين.

وشددت الكاتبة على ضرورة قيام المؤسسات المعنية بثقافة الطفل، بتقديم الدعم اللازم لدور النشر لتشجيعها على الاستمرار في القيام بدورها المتمثل في طباعة المؤلفات الهادفة التي تسهم في التنشئة السليمة للأطفال العرب.

وتلفت إلى أن عدم الاطلاع على اهتمامات أطفال هذا العصر، وعدم مواكبة أفكارهم، وفقدان القدرة على مخاطبتهم باللغة التي تثيرهم وتلفت انتباههم، جميعها أمور تأتي كعقبات في طريق نهضة الآداب الموجهة للطفل العربي، الذي باتت مشكلاته أكثر تعقيدا، وصار بحاجة إلى المزيد من الاحتواء والدعم النفسي، وذلك في ظل ما تشهده المجتمعات كافة من تغيرات.

وحول الجهود المبذولة من أجل دعم حركة نشر المؤلفات الموجهة للطفل بالعالم العربي، تقول الكاتبة إن هناك اجتهادات متفرقة في هذا الشأن، وذلك من قبل دور النشر المختلفة التي يسعى بعضها للنهوض بحقل أدب الطفل.

بوكس

وتعتبر أن تجربة إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة في دعم حركة النشر، وإقامتها لمعرض دوري لكتب الأطفال، هي عمل يستحق الإشادة والتقدير ويدلل على وجود وعي من قبل المسؤولين الإماراتيين بأهمية الآداب الموجهة للأطفال.

وحول رؤيتها لحضور التراث في الآداب الموجهة للطفل العربي، تقر بأن التراث حاضر فيما يكتب من نصوص تخاطب الأطفال العرب وحاضر بقوة في كتاباتها، مشددة على أن التراث يعبّر عن الهوية العربية.

النهوض بأدب الطفل

توضح عبدالهادي أنها حرصت في آخر مؤلفاتها الموجهة للأطفال على سرد قصة من التراث العربي، وهي أسطورة النجم سهيل، نجم الخير عند العرب.

وحول رؤيتها لدور المؤتمرات والمعارض في خدمة حقل أدب الطفل، تقول إن ما يقام من مؤتمرات ومعارض وفعاليات مختلفة تعنى بالطفل وثقافته يقوم بدور كبير في دعم أدب الطفل، مشيرة إلى أن معرضي القاهرة الدولي للكتاب والشارقة لأدب الطفل يعدان بمثابة تظاهرتين ثقافيتين تسهمان في نهضة أدب الطفل عربيا وتروجان بشكل كبير للمؤلفات الموجهة للأطفال واليافعين.

وعن رؤيتها لدور المجلات العربية المعنية بالطفل وما تراه من مقترحات لتحقيق النهضة المرجوة لأدب الطفل العربي، تقول الكاتبة المصرية إن مجلات الأطفال في البلدان العربية تحتاج إلى تحقيق المزيد من الانتشار وأن تصل إلى الأطفال من كل الفئات والطبقات المجتمعية.

وتضيف أن الكاتب أيضا مطالب بالقيام بدوره في النهوض بأدب الطفل العربي وأن يوسع ثقافته بالمزيد من القراءة ويعزز موهبته ويمتلك أدواته الإبداعية بقوة، مطالبة الحكومات بدعم أدب الطفل العربي وتقديم مؤلفات تواكب العصر، لأن أدب الطفل له دور مهم في تشكيل وعي الأطفال العرب ووجدانهم وشخصياتهم.

وتؤكد أن أدب الطفل أسهل طريقة تربوية غير مباشرة قادرة على التأثير السريع في الأطفال واليافعين، داعية المؤسسات المعنية بثقافة الطفل في الوطن العربي إلى التعاون في تنظيم مؤتمر موسع يناقش حاضر ومستقبل أدب الطفل العربي، ويضع الرؤى التي تضمن تقديم نصوص أدبية جيدة وتضع حلولا لمشكلات الطباعة والتوزيع.

يُذكر أن مي عبدالهادي كاتبة أطفال مصرية تنشط في تقديم عدد من البرامج الموجهة للأطفال، إضافة إلى مجموعة الكتب التي قدمتها في مجال أدب الطفل، أبرزها “كان يا ما كان”، و”حواديت ماما مي” وغيرهما.

13