"الصمت الزوجي" يفقد العلاقة الزوجية الثقة والاحترام

تتعرض الكثير من العلاقات الزوجية للفشل لأسباب تكاد تكون مبهمة لكلا الطرفين، حيث لا يدركان السبب الرئيسي في بادئ الأمر ثم بعودتهما إلى تاريخ تلك العلاقات الزوجية يكتشفان أن السبب واضح جليّ، فهو في واقع الأمر يعود إلى “الصمت” نعم؛ الصمت الزوجي الذي بات يهدد الكثير من العلاقات.
وغالبًا ما يكون الصمت الزوجي سببا للتوتر والاحتقان في العلاقة مما يؤدي إلى انعدام التواصل الحقيقي والتباعد بين الشريكين.
بداية، أرى أن أحد الأسباب المؤدية إلى الصمت الزوجي هو هيمنة أحد الشريكين وقوة شخصيته أمام الطرف الآخر مما يجعل الآخر يخشى التعبير عن مشاعره بصدق ووضوح.
أما السبب الآخر فهو أن يكون أحد طرفي العلاقة يتمتع بشخصية ساخرة مما يجعل الطرف الآخر للعلاقة يخشى التعبير عن رأيه خشية التعرض للسخرية والاستهزاء من شريكه.
وبعض الأزواج أيضا يكونون مُحمّلين بشحنات سلبية سابقة بسبب كثرة الخلافات لذا يصمتون ولا يعلمون بأن هذا الصمت قد يؤدي إلى تراكم المشاعر السلبية وعدم حل المشكلات بشكل فعال.
إضافة إلى ذلك، قد يكون الصمت الزوجي نتيجة لانشغال أحد الطرفين أثناء الحديث مما يجعل الطرف الآخر يشعر بعدم الارتياح لإتمام كلامه دون مستمع له، فيصمت لأنه لا يتلقى الاهتمام والاستماع الذي يستحقه، لذا فإنه يتجنب الحديث ويختار الصمت كوسيلة لرد اعتباره.
المشكلة التي تواجهنا مع هذا النوع من الصمت هي أنه قادر على أن يُفقد العلاقة الزوجية الثقة والاحترام بين الطرفين فيؤثر سلبًا على العلاقة.
الصمت الزوجي قد يتحول إلى كارثة تشعر الشريك الآخر بالإهمال والعزلة وعدم القدرة على فهم ما يفكر به الشريك الصامت
وقد يرتبط الصمت الزوجي بعدم القدرة على التعامل مع الصراعات بشكل صحيح، كما أن بعض الأزواج يخشون الحديث عمّا يشعرون به وما يحتاجون إليه خوفًا من تصاعد الصراع وتفاقم المشاكل، فيختارون الصمت بدلاً من الكلام.
وقد يتحول الصمت الزوجي إلى كارثة تُشعر الشريك الآخر بالإهمال والعزلة وعدم القدرة على فهم ما يُفكر به الشريك الصامت، ذلك أن كثرة الصمت تؤدي إلى تراكم الغضب والاستياء مما يقلل الارتباط العاطفي والاشتياق بين الزوجين، وكثيرًا ما يشعر الشريك الصامت بالإحباط من مواصلة هذه العلاقة وربما يتطور الأمر لديه ويتحول إلى إحدى حالات الاكتئاب.
وحتى يتمكن الشريكان من التغلب على تلك الكارثة على أحدهما التذكر دومًا أنه يجب عليه توفير الجو الرومانسي والآمن للحديث مع شريكه، ويحاول أن يهتم بمشاعره وآرائه دون مقاطعة. وأيضا يحاول معرفة الأسباب التي أدت إلى هذا الصمت ليتمكن من التعامل معها بشكل أفضل.
وقد لا يكون الحديث هو الطريقة الوحيدة للتواصل بين الشريكين، فهناك تواصل أشد قوة من الكلام، وهو التواصل غير اللفظي الذي يساعد كثيرا في توصيل مشاعر أحدهما إلى الطرف الآخر وجعله يشعر بمدى تعاطفه معه، مثل لمسة اليد أو الابتسامة على إظهار الدعم والتفهم للشريك.
كما يلجأ البعض إلى طلب مساعدة أحد المختصين بالعلاقات الزوجية بينما يتهرب الكثير من الأزواج من ذلك حرصا منهم على الحفاظ على خصوصيتهم، وهنا، وإذا كان الصمت الزوجي يستمر ويؤثر بشكل سلبي على الحياة الزوجية للشريكين، فلا ينبغي التردد في طلب الاستشارة من مختص.
وبعض الأزواج يختارون الصمت كوسيلة لتجنب الصراعات والمشاجرات، ولكن هذا ليس حلا، فالصمت لا يحل المشاكل ولا يساهم في تطوير العلاقة، بل يجعلها تتدهور بشكل أكبر.
علاقاتنا مع من نُحب تتطلب منّا التضحية ومنح الشريك الوقت الكافي للرعاية والحب والاهتمام، كلنا أرواح تبحث عن الطمأنينة والسلام فكن تلك الروح الطيبة التي يبحث عنها شريكك ليكون لك بالمثل.