الصحافيون وقود المعركة السياسية في تونس

النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين تحمّل معارضي قيس سعيد مسؤولية الاعتداءات التي تعرض لها الصحافيون وتحذر من خطر العودة لما أسمته بـ"تكميم الأفواه".
الثلاثاء 2021/10/12
تغطية من قلب الحدث

تونس- وصفت الجامعة العامة للإعلام في تونس الاعتداءات التي طالت الصحافيين الأحد من محتجين محسوبين على حركة النهضة الإسلامية بالعمل ”الجبان والخطير”، واعتبرته ”إعلان حرب وعداء ضد القطاع وضد الصحافة التونسية”.

وأفادت المنظمة التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل “تعمد عدد من المحتجين المشاركين في المسيرة التي أقيمت وسط العاصمة والمناهضة للقرارات التي أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، الاعتداء بالحجارة والقوارير على صحافيين وخاصة الطاقم الصحافي للتلفزة الوطنية التونسية، ورفع شعارات معادية للإعلام، مما أدى إلى الاعتداء على عدة إعلاميين”.

وتعرّض معظم الصحافيين المكلفين بتغطية احتجاج دعت له حركة النهضة الإسلامية وحلفاؤها للدفاع عما سموه بـ”الشرعية ضد الانقلاب” في شارع الزعيم الحبيب بورقيبة إلى اعتداءات بالعنف المادي واللفظي والرشق بالحجارة، وتم نقل الصحافيين المصابين ومنهم طاقم التلفزيون الحكومي إلى المستشفى.

وحذرت الجامعة العامة للإعلام من تواصل الاعتداءات ومن خطاب التحريض والكراهية ضد الإعلاميين، ولوّحت بمقاطعة كل طرف يتعمد الاعتداء أو التحريض على الإعلام مهما كانت الجهة، ونبّهت إلى “خطورة عودة البلاد إلى مربع 2012 المتسم بالاعتداء على الإعلام واعتصام روابط حماية الثورة أمام التلفزة والاغتيالات السياسية”.

وقامت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين برفع دعوى لملاحقة المعتدين وكل من سيكشف عنه البحث، وحمّلت الأطراف الداعية لهذه المظاهرة مسؤولية الاعتداءات التي تعرض لها الصحافيون والمصورون أثناء تغطيتهم احتجاجات بالعاصمة تونس.

وقالت نقابة الصحافيين في بيان، إن “الصحافيين والمصورين تعرضوا إلى اعتداءات فظيعة من قبل معارضي قيس سعيد خلال تغطيتهم لوقفة احتجاجية نظموها بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس”.

وذكرت أن “المحتجين استهدفوا فريق التلفزة التونسية (التلفزيون الرسمي) الذي تمركز فوق أحد الأكشاك (دكان صغير) لتغطية الأحداث بقوارير الماء والحجارة، بعد رفعهم شعار ارحل في وجوههم”.

كما أدانت ما اعتبرته “إصرار بعض الأطراف السياسية (لم تحددها) على إقحام الصحافيين في معارك لا علاقة لهم بها”. ودعت النقابة “النيابة العمومية إلى التحرك السريع ضد المعتدين”.

ومسلسل تواصل الاعتداءات على الصحافيين رافقه صمت لمعظم الأحزاب التي تدعي الدفاع عن الديمقراطية. وحمّلت عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين أميرة محمد نائبة نقيب الصحافيين التونسيين المسؤولية للأحزاب الداعية للاحتجاج ضد قرارات سعيد ولكل من يقف وراء التحريض على الصحافيين والتجييش ضد الاعلام.

ويذكر أن الصحافيين لم يسلموا منذ عشر سنوات من اعتداءات من أنصار حركة النهضة. وفي الوقت الذي تخلّصت فيه الصحافة من رقابة السلطة السياسية، يعاني الصحافيون من نوع آخر من الرقابة وهو “التدافع الاجتماعي” كما سمّاه زعيم حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي، فالجميع يريد توجيه الصحافة.

وسبق أن حذر صحافيون من خطر العودة لما أسموه بـ“تكميم الأفواه”، ودعوا الرئيس قيس سعيّد إلى تفعيل تعهداته السابقة بضمان الحقوق والحريات.

ويخشى حقوقيون ومتابعون دوليين أن الإجراءات الأخيرة تنذر “بعودة الاستبداد وتكميم الأفواه الذي عايشه التونسيون في فترة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي”.

منظمات حقوقية أدانت إصرار بعض الأطراف السياسية على إقحام الصحافيين في معارك لا علاقة لهم بها

وقالت نقابة الصحافيين إنها “تتابع بانشغال كبير تردي وضع الحريات وتصاعد وتيرة الاعتداءات والملاحقات وخاصة الإحالات الأخيرة على القضاء العسكري على خلفية الآراء والأفكار؛ ما من شأنه أن ينسف مكتسبات الثورة وأسس مدنية الدولة وقيم الديمقراطية والتعدد والتنوع”.

وأكدت “رفضها المطلق للمحاكمات العسكرية للمدنيين على خلفية آرائهم ومواقفهم ومنشوراتهم”، معتبرة ذلك “انتكاسة لحرية التعبير وضربا للديمقراطية وحق الاختلاف”.

كما أعلنت النقابة “رفضها التام لتتبع الصحافيين وأصحاب الرأي على خلفية آرائهم وأفكارهم”، معتبرة أن “الأخطاء المهنية وقضايا النشر مجالها الهيئات التعديلية (الجهات المنظمة) للمهنة والمرسوم 115 للصحافة والطباعة والنشر”، الذي يحظر سجن الصحافيين بسبب عملهم.

وقال الرئيس التونسي مرارا إنه “لا ينوي إرساء نظام دكتاتوري ولا المس بالحقوق والحريات”، وإنما يهدف إلى “إصلاح الأوضاع بعد أن تأكد من وجود خطر داهم يهدد الدولة”.

ويدعو صحافيون الرئيس قيس سعيد إلى الانفتاح على المنظمات المهنية والهيئات الدستورية والاستماع إليها وأخذ تخوفاتها على محمل الجد واتخاذ إجراءات في اتجاه حماية حرية التعبير.

ويستبعد أستاذ القانون الدستوري القريب من قيس سعيّد، أحمد محفوظ في تعليق سابق له أن تكون هناك إرادة من الرئيس للدوس على الحقوق والحريات. ويشير محفوظ إلى أن “تضمين سعيّد لتوطئة الدستور والفصلين 4 و20 المتعلقة بحقوق المرأة وحقوق الإنسان، هو دليل على أن الرئيس لن يمس الحريات والحقوق العامة”.

 

16