الشكوك تحاصر خطط الجزائر للتحول إلى الطاقة النظيفة

خبراء يشككون في استراتيجية السلطات الجزائرية الجديدة من خلال رهانها على الطاقة النظيفة، دون وضع أسس عملية وقانونية لتحقيق الأهداف المرجوة.
الاثنين 2019/12/23
ثقة منعدمة في الخطوات الحكومية

تعكف الحكومة الجزائرية على حشد جهودها لخوض معركة التحول إلى الطاقات النظيفة والخروج من الارتهان للطاقة التقليدية عبر اتخاذ استراتيجية جديدة يعتبرها خبراء غير جديّة نظرا لعدم وضع أسس عملية وقانونية لتحقيق الأهداف المرجوة، في وقت تمر فيه البلاد بأزمة انحسار عوائد صادراتها النفطية بشكل متسارع.

الجزائر - استقبلت الشكوك خطط الجزائر المتعلقة بتطوير الطاقات المتجددة بغية إعطاء رؤية واضحة للمستثمرين لجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية للقطاع في الفترة المقبلة.

ولطالما أكد محللون أن على السلطات وضع منظومة تشريعية متكاملة لضمان حسن استغلال الطاقات النظيفة بحيث تركز اهتماماتها عليها وتقلل الارتهان لعوائد النفط والغاز.

وتعتبر مسألة تنويع مزيج الطاقة من أكبر التحديات التي تواجه الحكومة المقبلة بعد انتخاب عبدالمجيد تبون رئيسا جديدا للبلاد.

نورالدين ياسة: سنطلق خطة شاملة لخلق مناخ استثماري جذاب ومرن للقطاع
نورالدين ياسة: سنطلق خطة شاملة لخلق مناخ استثماري جذاب ومرن للقطاع

وبذلت الجهات المعنية بتطوير قطاع الطاقة البديلة في السنوات الخمس الأخيرة جهودا كبيرة، لكنها واجهت عقبات لتنفيذ خططها، ولعلّ من أبرزها البيروقراطية والفساد بقيادة لوبي من السياسيين ورجال الأعمال الذين يرفضون إصلاح قطاع الطاقة.

ورأى نورالدين ياسة المحافظ الوطني للطاقات المتجددة والنجاعة الطاقوية، وهي مؤسسة حديثة الإنشاء، على هامش ملتقى حول الطاقة عقد مؤخرا، أن “هذه الاستراتيجية الشاملة المستقبلية تهدف إلى خلق مناخ استثماري جذاب ومرن للقطاع”.

ونسبت وكالة الأنباء الرسمية لياسة قوله إن “تحديات الجزائر المستقبلية في هذا القطاع تخص تسريع وتيرة إنجاز الأهداف من قبل السلطات العليا للبلاد لضمان أمن الطاقة واستدامتها”.

وتحاول الجزائر، العضو بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، في ظل أزمة تراجع عائداتها النفطية، إيجاد مصادر تمويل إضافية من خلال دعم استثمارات الطاقة النظيفة.

ومع ذلك، لا توجد مؤشرات عملية تدعم المضي قدما نحو التحول الفعلي إلى الطاقات المتجددة، إضافة إلى وضع سياسي متسم بالتجاذبات.

ويأتي لجوء الحكومة إلى هذا القطاع الواعد في ظل تسارع وتيرة تبخر الاحتياطات النقدية ما جعل الجزائر في مفترق طرق على اعتبار أن كل الخيارات المتاحة للخروج من نفق الأزمة تبدو مؤلمة بعد أن تضررت التوازنات المالية بسبب تراجع أسعار الخام منذ منتصف 2014.

وتأمل الجزائر في بناء محطات توليد كهرباء من الطاقة الشمسية لإنتاج 22 ألف ميغاواط، أي ما يعادل 27 بالمئة من احتياجات البلاد من الكهرباء بحلول 2030 ارتفاعا من نحو 350 ميغاواط حاليا.

وأقر وزير الطاقة محمد عرقاب في حكومة تصريف الأعمال بصعوبة تحقيق هذه الأهداف بقوله إن ”الجزائر تعتمد على الطاقات التقليدية وينبغي تطويرها قبل أن نفكر في الطاقات غير التقليدية”.

وقال المدير العام للطاقة بوزارة الطاقة زبير بولقرون، الشهر الماضي، إن “إنشاء صناعة محلية للطاقات المتجددة هو شرط أساسي للانتقال في قطاع الطاقة بالبلاد”.

وأشار حينها إلى أن بلاده اتجهت نحو إنشاء استراتيجية تسمح لها بأن تصبح فاعلا نشطا في قطاع الطاقة بتشجيع استعمال طاقات أخرى خارج المحروقات، خصوصا الطاقة الشمسية التي يجب توسيع وتنويع إنتاجها.

وأضاف أن “التطور التقني والتكنولوجي للصناعة المحلية بأكملها هو شرط أساسي للحصول على كل المكاسب، التي من شأنها ضمان ظهور حقيقي لصناعة وطنية حقيقية وحديثة وتنافسية ومبتكرة”.

وطيلة السنوات الماضية، لم تفلح الحكومات المتعاقبة في عقد شراكات استراتيجية بين كل الفاعلين في هذه الصناعة وحتى بين القطاعين العام والخاص لضمان نقلة حقيقية للتكنولوجيا والخبرة مع مساهمة المؤسسات المختصة.

ودخلت الجزائر معركة الانتقال إلى الطاقات المستدامة منذ 2015 حين أبرمت شراكة مع الاتحاد الأوروبي بهدف تطوير المحروقات والكهرباء والطاقات المتجددة.

وقال نورالدين ياسع مدير مركز تنمية الطاقات المتجددة في وقت سابق هذا العام إن السلطات لديها “خطة تهدف إلى الحفاظ على التزاماتنا من حيث إمدادات الغاز”.

ووفق بيانات رسمية، وصل متوسط الزيادة في الطلب على الكهرباء إلى نحو 6.9 بالمئة سنويا على مدى السنوات العشر الأخيرة.

وكانت شركة الغاز والكهرباء الحكومية “سونلغاز” قد أبرمت، الثلاثاء الماضي، اتفاقية مع شركة جنرال إلكتريك الأميركية لإنتاج قطع غيار الكهرباء والتوربينات في البلاد.

ووجدت الجزائر نفسها، بفعل الأزمة الاقتصادية، التي تعيشها منذ أكثر من أربع سنوات، مضطرة إلى خفض الإنفاق على محطات الكهرباء التي تبتلع الملايين من الدولارات سنويا لتشغيلها.

ومن الواضح أن هذه الخطوة تأتي في إطار خطط حكومة تصريف الأعمال بقيادة نورالدين بدوي لإعادة هيكلة الاقتصاد، ومعالجة الاختلالات المالية وزيادة القدرة التنافسية للدولة النفطية العضو في منظمة أوبك للتأقلم مع عهد النفط الرخيص.

Thumbnail

وأعلنت شركة توزيع الكهرباء والغاز “سونلغاز” الحكومية في أكتوبر الماضي عن خطط لبناء عدّة محطات هجينة لتعزيز منظومة الطاقة في البلاد، والاستعداد لمواجهة الطلب المحلّي المتزايد في السنوات المقبلة.

وقال الرئيس المدير العام لسونلغاز بولخراص شاهر، حينها إنه “تم إبرام عقود لبناء 9 محطات كهربائية جديدة، بغية الشروع في تهجين المحطات في الجنوب، التي تستهلك إلى حدّ الآن المازوت“.

واعتبر أن هذه التكنولوجيا الجديدة للتهجين ستسمح بتقليص ما بين 30 و40 بالمئة من الوقود المستهلك حاليا في المحطات المستخدمة في الجنوب.

وستكون هذه المحطات، الأولى من نوعها في الجزائر تعمل بنظام هجين بعد محاولة سابقة في عام 2007 كانت بالشراكة بين سونلغاز وشركة سوناطراك النفطية.

ووفق البيانات الرسمية، تمتلك الجزائر محطة واحدة هجينة تعمل بالطاقة الشمسية والغاز في حاسي الرمل بولاية الأغواط، حيث تنتج 150 ميغاواط.

وكانت الجزائر قد كشفتفي أكتوبر الماضي عن معالم الإستراتيجية الجديدة لإنتاج الكهرباء بإنشاء محطات هجينة وتطوير المصادر المتجددة لمواجهة الاحتياجات المستقبلية، بعد تزايد التكاليف التشغيلية للمحطات القديمة العاملة بالنفط والغاز.

 ويرى خبراء أن ذلك يعكس إقرار الجزائر بأزمتها الاقتصادية، التي تعيشها منذ أكثر من أربع سنوات، مما دفعها إلى خفض الإنفاق على محطات الكهرباء التي تبتلع الملايين من الدولارات سنويا لتشغيلها.

ومن الواضح أن هذه الخطوة ستمثل تحديا أمام الرئيس الجديد عبدالمجيد تبون لإعادة هيكلة الاقتصاد، ومعالجة الاختلالات المالية وزيادة القدرة التنافسية للدولة النفطية العضو في منظمة أوبك للتأقلم مع عهد النفط الرخيص.

11