الشركات الرقمية الرابح الوحيد من الأزمة الصحية

سان فرانسيسكو - انفردت شركات وادي السيليكون بعيدا عن تداعيات كورونا إذ حققت أرباحا تشغيلية كبيرة بفعل تضاعف عدد المستخدمين للمنصات الإلكترونية والخدمات الرقمية بالتزامن مع فترة الإغلاق والتزام الملايين من الناس بيوتهم.
ورغم دخول الاقتصاد الأميركي في دوامة الركود وخسارة مؤسسات صناعية لمليارات الدولارات، فقد قاومت شركات السيليكون فالي التكنولوجية العملاقة التدهور الناجم عن الوباء، بل وحققت أرباحاً كبيرة، نشرتها غداة جلسة هاجمها فيها النواب الأميركيون.
وبعدما تلقت تأنيباً الأربعاء بشأن احترام شروط المنافسة، نشرت غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون الخميس نتائجها الفصلية التي جاءت أعلى من التوقعات، ما يظهر لأي مدى تعزز مركز الاقتصاد الرقمي بفضل الوباء.
وحققت أمازون خلال الفصل الثاني من العام ربحاً صافياً بقيمة 5.2 مليار دولار، أي ضعف ما حققته قبل عام، رغم استثمارها 4 مليارات من أرباحها التشغيلية في إدارة أزمة الوباء. وأشاد مديرها جيف بيزوس بتلك النتائج قائلاً “استحدثنا أكثر من 175 ألف وظيفة منذ شهر مارس وارتفعت المبيعات التي تتم عبر طرف ثالث بشكل أسرع من مبيعات أمازون المباشرة”.
ورفعت الشركة قدراتها على التسليم بنسبة 160 في المئة وتنوي استثمار ملياري دولار إضافيين، لحماية موظفيها بشكل أفضل وللاستجابة بشكل أقوى للارتفاع الكبير في الطلب.
وينتظر المحللون في المقابل تباطؤاً في نمو شركات آبل وفيسبوك وغوغل بسبب حالة عدم اليقين والاقتطاعات في الميزانيات الإعلانية للمؤسسات التي تستخدم تلك المنصات.
وسجلت آبل التي يبدو أنها لم تتأثر بالظروف، رقم أعمال بقيمة 60 مليار دولار (بزيادة بنسبة 11 في المئة)، وأكثر من 11 مليار دولار ربحاً صافياً، أي بأكثر من مليارين مما كان منتظراً. وقفزت عائدات فيسبوك أيضاً بنسبة 11 في المئة إلى 18.7 مليار دولار، وحققت الشركة الواقعة في كاليفورنيا 5 مليارات دولار من الربح الصافي.
وكانت تلك مناسبة لمديرها مارك زوكربرغ للتذكير بالدور الأساسي الذي لعبته المنصات الرقمية إبان مرحلة الإغلاق، غداة جلسة مساءلة برلمانية طرح فيها النواب أسئلة حادة اللهجة عن موقعه الاحتكاري.
وقال للمحللين خلال اجتماع عبر الهاتف “تخيلوا اختبار هذا الوباء قبل عقدين، حين كان الإنترنت قد بدأ بإبصار النور. لم يكن فيسبوك موجوداً حتى. ما كان ليكون لكم أي تواصل مع أصدقائكم وبالاقتصاد بشكل عام”.
وتجرأ زوكربرغ على القول إن من المخيب جداً للآمال “أن يتفشى كوفيد – 19 بسرعة في الولايات المتحدة.. لأنه يبدو أن تفادي هذه الموجة كان أمراً ممكناً لو أدارت حكومتنا الوضع بشكل أفضل”.
وشركة ألفابت التي تضم غوغل ويوتيوب هي الوحيدة التي سجلت تعثراً، فقد بلغ ربحها الصافي 7 مليارات دولار، أي أقل بـ3 مليارات مما سجلته العام الماضي. وتراجعت إيراداتها بنحو 2 في المئة، إلى 38.3 مليار دولار، أي بأكثر من مليار دولار مما توقعته وول ستريت.
وأكد سوندار بيشاي مدير ألفابت أن هناك “مؤشرات أولية على الاستقرار” وأضاف “لكن بالتأكيد يبقى المناخ الاقتصادي حساساً”، في وقت يرغم فيه تصاعد وباء كوفيد – 19 بعض المسؤولين على اتخاذ تدابير عزل محددة.
وبالنسبة لفيسبوك وأمازون، لا تشكل العودة إلى الحالة الطبيعية مصدراً للاطمئنان. وأقرت الشبكة الاجتماعية العالمية التي يستخدمها 1.8 مليار شخص كل يوم، بأن عدد المستخدمين قد ينخفض قليلاً في الفصل الثالث. وتقاطع المئات من الشركات فيسبوك في الوقت الحالي لاعتبار سياستها في إدارة المحتوى شديدة التراخي، لكن نتائج ذلك على عائداتها ستكون محدودة.
وسجلت أمازون أيضاً نتائج قياسية. وقال مديرها المالي براين أولسافسكي “إيراداتنا في الفصل الثاني جاءت أعلى من إيرادات الفصل الرابع (العام الماضي) أي في موسم الأعياد، وهو أمر غير مسبوق”.
ولكن، وفق المحلل نيل سوندرز من غلوبال داتا ريتايل، فإن “تلك النتائج المذهلة تثبت إلى أي مدى تغيرت عادات التسوق خلال فترة الوباء، في الولايات المتحدة والعالم”. وأكدت آبل من جهتها أنها ستصدر هاتفها الذكي الجديد هذا الخريف، لكن بعد أسابيع مما كان مقرراً.
ولا يرى المحللون في ذلك خطوة مثيرة للقلق. ويؤكد دانييل إيفيس من ويدبوش سيكورتيز أن “الأمر أعد بحيث ينفجر الطلب الذي تراجع خلال الوباء، خلال الخريف لصالح هاتف آيفون 12”.
وفي الجلسة البرلمانية التي أعدت لمساءلة الشركات التكنولوجية العملاقة التي يعبر عنها اختصاراً باسم غافا، قال النائب الديمقراطي ديفيد سيسيلين الذي أدار الحوار “إنها قوية جداً بعضها يجب أن يجزأ، ويجب أن تخضع جميعها للتنظيم والمساءلة بشكل أفضل”.