الشارع اللبناني المحتجّ.. إخراج مختلف ومضمون واحد

المتظاهرون يحمّلون مجلس النواب مسؤولية عدم تضمين بنود جدول أعماله أي مقاربة للتحديات والهموم المعيشية.
الأربعاء 2020/04/22
بالكمامات.. الثورة مستمرة

بيروت – خرج اللبنانيون إلى الشارع للاحتجاج مجدّدا على أداء الطبقة السياسية وعلى ارتفاع صرف الدولار وذلك رغم الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة للتوقي من فايروس كورونا.

وعلى عكس الاحتجاجات التي غصت بها شوارع مدن لبنان في أواخر عام 2019، فإن المطالب حافظت على نفس المضمون تقريبا، لكن الشكل كان مختلفا بالنظر إلى ما فرضه الحذر من عدوى الوباء، حيث ارتدى المحتجون الكمامات الطبية واحترموا التباعد الاجتماعي بالبقاء في سياراتهم.

 على غرار مئات من اللبنانيين، اختار الشاب حسن حسين علي الثلاثاء العودة إلى الشارع احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية، لكنه بخلاف المرات السابقة ارتدى قناعاً طبياً ولازم ورفاقه سياراتهم احتراماً للتباعد الاجتماعي في زمن فايروس كورونا المستجد.

وتزامنت مسيرات المتظاهرين مع بدء البرلمان جلسة تشريعية تمتد ثلاثة أيام على جدول أعمالها اقتراحات ومشاريع قوانين مثيرة للجدل، وسط تدابير أمنية ووقائية مشددة، بعدما أجبر تفشي الفيروس النواب على نقل اجتماعهم إلى قاعة مؤتمرات في بيروت.

وبدأ مجلس النواب اللبناني الثلاثاء جلسة تشريعية تستمر على مدى ثلاثة أيام. وهذه الجلسة هي الأولى منذ تطبيق إجراءات العزل العام بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد.

اللبنانيون عادوا إلى الشارع للاحتجاج مرتدين أقنعة طبية وهم يقودون سياراتهم احتراما للتباعد الاجتماعي

ولدى وصولهم لمقر الجلسة امتثل النواب لسلسلة إجراءات احترازية لتفادي احتمال الإصابة بمرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا.

فقد استُقبل الأعضاء برش المطهرات لدى وصولهم لحضور الجلسة التي تغير مكان إقامتها من مقر البرلمان إلى مسرح للسماح بمسافات التباعد الاجتماعي بين الحاضرين للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد.

في المقابل، تجمّعت السيارات التي رفع معظمها العلم اللبناني تدريجياً في ساحة الشهداء، التي شكلت إحدى أبرز ساحات التظاهر إثر اندلاع حركة احتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية في 17 تشرين أكتوبر.

وقال حسن حسين علي (22 عاماً) بينما يمسك بمكبر صوت ويرتدي قناعاً واقياً “من الجيد العودة إلى الشارع، ما من شعور أفضل من ذلك”.

وأضاف “قضى فايروس كورونا على كل شيء إلا أنه لم يوقف فساد السياسيين لدينا، وبالتالي فهو لن يتمكن من وقف تحركنا أيضاً”.

وسجّل لبنان رسمياً 677 إصابة، بينها 21 وفاة، بينما تفرض السلطات منذ منتصف الشهر الماضي تدابير إغلاق مشددة وحظر تجول ليلي وتوقف حركة النقل البري والبحري والجوي.

احتجاجات على تردي الظروف المعيشية
احتجاجات على تردي الظروف المعيشية

وجاب موكب السيارات شوارع عدة من وسط بيروت مروراً بالطريق البحرية وصولاً إلى محيط قصر الأونيسكو، حيث عقد البرلمان جلسته التشريعية. ورافقهم عدد من المتظاهرين على دراجاتهم النارية.

وأطلق السائقون العنان لأبواق سيّاراتهم. وخرج عدد من المتظاهرين عبر النوافذ وهم يرتدون قفازات وأقنعة ملونة بعضها بألوان العلم اللبناني. ورفع بعضهم الاعلام اللبنانية وشارات النصر.

وأعادت المسيرة التي واكبتها مسيرات مماثلة في مناطق عدة، بينها مدينة طرابلس شمالاً، إلى الأذهان مشهد التظاهرات التي عمّت لبنان ولم تهدأ إلا بعد تشكيل حكومة جديدة مطلع العام الحالي.

وباتت التحركات رمزية مذاك، قبل أن تتوقف كلياً مع بدء انتشار فيروس كورونا المستجد بدءاً من شهر شباط/فبراير.

وطوال الأشهر الماضية، ازدادت حدّة الأزمة الاقتصادية. وفاقم انتشار الفيروس وخطة التعبئة العامة التي تلت الوضع سوءاً في ظل أزمة سيولة حادة وتراجع سعر صرف الليرة مقابل الدولار. وأعلن لبنان للمرة الأولى الشهر الماضي وقف سداد ديونه الخارجية مع تراجع احتياطات المصرف المركزي بالدولار.

نفس المطالب
نفس المطالب

وأوضحت لينا العدوي (34 عاماً) متكئة على سيارتها في وسط بيروت، أنها تشارك في التظاهرات احتجاجاً على تردي الظروف المعيشية.

وأكدت وهي مرتدية قناعاً طبياً “قررت النزول إلى الشارع لأن الدولة تفعل ما تريده، لم نر أي اصلاحات بعد والفساد والتعيينات والمحاصصات قائمة”.

وأضافت “نحن الثوار تركنا الشارع بسبب وباء كورونا، لكن الثورة لم تنته ولا تزال لدينا مطالب” لافتة الى ازدياد سوء “الحالة الاقتصادية والبطالة وارتفاع الدولار في ظل الفقر والجوع”.

وعلى غرار العديد من المتظاهرين، أعربت لينا عن اقتناعها بأن المتظاهرين سيعودون إلى الشارع عاجلاً أم آجلاً، وقالت “من لم يشارك سابقاً سينزل إلى الشارع بعد زوال كورونا”.

وبحسب تقديرات رسمية، يرزح 45 في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر، بعدما خسر عشرات الآلاف مورد رزقهم أو جزءاً من رواتبهم خلال الأشهر الستة الماضية.

وحمل المتظاهرون على مجلس النواب عدم تضمين بنود جدول أعماله أي مقاربة للتحديات والهموم المعيشية، في وقت لم تتمكن الحكومة بعد من اتخاذ أي خطوات جذرية على طريق حل الأزمتين المالية والاقتصادية.

وقالت رانيا التي شاركت بدورها في المسيرة “في هذه المحنة يجب أن يكون مجلس النواب بصدد إقرار قوانين من شأنها إحداث نهضة وتجد حلاً للشعب المتعب الذي خسر عمله وليس لديه ما يأكله”.

ويدرس مجلس النواب 66 بنداً بينها عفو عام يستفيد منه الآلاف من الموقوفين والمطلوبين بمذكرات توقيف في جرائم عدة.

ويثير هذا الاقتراح الذي تدعمه كتل رئيسية أبرزها حزب الله وتيار المستقبل غضب المتظاهرين.

وقال المتظاهر جاد عسيلي “بدل أن يقروا قانون العفو العام، من الأفضل لهم أن يقروا قانون استقلالية القضاء”، معتبراً أن “العفو العام استثناء وليس قاعدة”.

7