الشارع التونسي غاضب بعد مصادقة البرلمان على تعديل القانون الانتخابي

المعارضون يحشدون جهودهم للطعن في التعديلات التي تستهدف قطب الإعلام نبيل القروي وامرأة الأعمال ألفة التراس.
الخميس 2019/06/20
في خضم مرحلة جديدة من التعبئة

أثارت مصادقة مجلس نواب الشعب في تونس على مشروع قانون تعديل قانون الانتخابات والاستفتاء ردود فعل غاضبة بين الأوساط السياسية ومكونات المجتمع المدني الرافضة للمس بالتشريعات المنظمة للانتخابات قبل أشهر قليلة من موعدها، وهو ما دفع نواب البرلمان المعترضين على مقترح التعديل للتعبئة من أجل الطعن فيه أمام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين على أمل إبطاله.

تونس - زادت وتيرة ردود الفعل الرافضة لتعديل القانون الانتخابي بعد أن صادق مجلس نواب الشعب في تونس عليها.

ويشمل مقترح تعديل القانون الانتخابي المزيد من الشروط التي يجب أن تتوفر في من يرغب في خوض السباق نحو قصر قرطاج، حيث يعتبر الرافضون أنها تعديلات على المقاس تستهدف قطب الإعلام نبيل القروي وامرأة الأعمال ألفة التراس.

 كما تحدد التعديلات الجديدة السقف الأدنى لنسبة الأصوات التي يجب الحصول عليها للفوز بمقعد في البرلمان بـ3 بالمئة.

واعتبرت أوساط سياسية ومكونات من المجتمع المدني أن هذا الشرط الذي يسمى “العتبة الانتخابية” هدفه تقليل حظوظ الأحزاب الصغيرة والمرشحين المستقلين لصالح الأحزاب الكبيرة.

ويقول الداعمون لمقترح تعديل القانون الانتخابي إن الهدف منه ليس استهداف الخصوم السياسيين بل “تحصين الديمقراطية” من خلال قطع الطريق على التمويل الخارجي ومنع توظيف العمل الخيري في الحصول على مكاسب سياسية.

الفاضل بن عمران: مشروع قانون التعديلات يهدد المسار الديمقراطي
الفاضل بن عمران: مشروع قانون التعديلات يهدد المسار الديمقراطي

وقال محمد الفاضل بن عمران عضو البرلمان عن حزب نداء تونس، لـ”العرب”، إن “مشروع قانون التعديلات يهدد المسار الديمقراطي”.

كما يعتبر أن هذه التعديلات من شأنها أن تميز بين المواطنين تحت ذرائع الديمقراطية وأنها نتيجة مباشرة للفشل الذريع للحكومة في كل المجالات وهي تبحث عن غطاء لإجبار المواطنين على التصويت لها في الانتخابات. وذكر بن عمران “كنا نلوم الترويكا على محاولاتها ورغبتها في الانفراد بالحكم فوصلنا إلى منظومة جديد تأتي نفس الممارسات”.

وإلى جانب حزب نداء تونس تعارض تعديل القانون أحزاب أخرى من بينها الجبهة الشعبية، وهي أكبر ائتلاف لليسار في تونس تعديل القانون الانتخابي.

ووصف حمّة الهمامي المتحدث الرسمي باسم الجبهة الشعبية، خلال مؤتمر صحافي، مصادقة البرلمان على تعديل قانون الانتخابات بأنه “مهزلة وفضيحة جديدة تضاف إلى مجلس النواب” على أساس أنه “لا يمكن تغيير قواعد اللعبة قبل 4 أشهر من موعد الانتخابات”.

ومن الأطراف المنتقدة للمصادقة على مقترح الحكومة بتعديل القانون الانتخابي في هذا التوقيت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حيث قال رئيسها نبيل بفون لإذاعة محلية خاصة، إن “التعديلات المدرجة في القانون الانتخابي جاءت في فترة حرجة جدا”. لكنه أكد استعداد هيئة الانتخابات “للتأقلم مع الوضعية الجديدة”.

أما الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر النقابات العمالية في تونس فقد اعتبر أن التعجيل بتغيير القانون الانتخابي في هذا التوقيت قد يؤثر على الموعد المقرر لإجراء الانتخابات مشيرا إلى احتمال تأجيلها.

وقال نورالدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد، إن “تونس دخلت منعرجا خطيرا بسبب حسابات التموقع”.

وبدأ النواب المعترضون على مشروع قانون تعديل قانون الانتخابات والاستفتاء في إجراءات الطعن فيه، ليقدموه في مرحلة لاحقة للهيئة الوقتية للنظر في دستورية القوانين التي تعوض المحكمة الدستورية إلى حين إرسائها.

وأكد بن عمران أنه تم جمع عدد من التوقيعات اللازمة للتقدم بالطعن في التعديلات أمام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين وفق ما تنص عليه الإجراءات القانونية والمقدرة بحوالي 30 توقيعا.

ويبقى الطعن في دستورية التعديلات الأمل الأخير للمعترضين على هذه المقترحات في إفشالها وإلغائها.

تعديلات لإقصاء نبيل القروي بسبب تصدره استطلاعات الرأي
تعديلات لإقصاء نبيل القروي بسبب تصدره استطلاعات الرأي

وأوضح أحمد صواب، المحامي الحالي والقاضي الإداري السابق، بأن النقاش القانوني حول التعديلات المراد إدخالها على القانون الانتخابي يشمل المسائل الشكلية والأصلية. 

وتجمع الأوساط السياسية والمجتمع المدني في تونس على ضرورة تعديل القانون الانتخابي بسبب وجود ثغرات به كان لها المساهمة الكبيرة في ترك الباب مواربا لممارسات سياسية تتعارض مع مبادئ النزاهة والمنافسة الشريفة. لكن الجدل الذي تغرق تونس في دوامته في هذه الفترة سببه عدم الاتفاق على توقيت طرح التعديلات حيث لم يتبق سوى شهر واحد على فتح باب الترشح للانتخابات وقبل أربعة أشهر من يوم الاقتراع.

وقال صواب، لـ”العرب”، إنه من ناحية شكل الطعن في تعديل القانون الانتخابي هناك خرق لروح الدستور وللمعايير الدولية والنصوص التشريعية في تونس، مشيرا إلى أن الفصل 106 من القانون الانتخابي ينص على عدم تغيير الدوائر الانتخابية في سنة الانتخابات.

وأكد على أن هذا الأمر يمس من سلامة ونزاهة الانتخابات ونجاعة المرفق العام بحسب ما هو منصوص عليه في الدستور. وبيّن صواب أنه يمكن انطلاقا من هذه الأسباب أن يتم إبطال التعديلات ولو جزئيا.

ويرى صواب أن اعتماد تعديل القانون الانتخابي في هذا التوقيت “عمليا ليس أمرا ممكنا”.

4