السلوك العدواني أبرز مساوئ المشاكل الأسرية على الأطفال

الأطفال المتضررون من المشاكل الأسرية يلحق بهم الكثير من القلق المستمر والخوف، بالإضافة إلى شعورهم الدائم بالحزن.
الجمعة 2024/05/17
الأطفال في حاجة إلى الدعم الأسري

الأسرة هي الوحدة الأساسية في المجتمع، وهي المكان الذي يتشكل فيه الفرد وتنمو شخصيته وقيمه فهي بمثابة جوهر الحب والدعم والتعاون والتضحية.

ففي المحيط الأسري يتعلم الأطفال كيفية بناء علاقات صحية ومستدامة، فالبيئة الأسرية الصحيحة يجب أن تنعم بالحب والأمان العاطفي والانتماء الاجتماعي.

ولأن الحياة كالبحر تماما فيها “مد وجزر” فهناك بعض العقبات التي تعترض الأُسر بين وقت وآخر من خلال بعض المشاكل التي يجب حلها في الوقت المناسب بدل تفاقمها حتى لا تشتد أكثر، لأن تفاقمها واستمرارها يؤثران سلبا على كل من في المنزل، خصوصا الأطفال.

فالأسرة هي المكان الذي يجب أن يشعر فيه الأطفال بالحب والأمان، ولكن عندما تنشأ المشاكل داخلها، فإنها تتحول إلى مناطق غامضة تسبب الكثير من التأثيرات السلبية على نفوس الأطفال ومن حولهم.

ولا يمكن اعتبار تأثير المشاكل الأسرية على الأطفال مسألة سطحية وتتلاشى مع مرور الوقت، بل إن تأثير تلك المشاكل يبقى راسخا في أذهانهم، فإذا كان الأطفال يعيشون في بيئة مليئة بالنزاعات والعنف الأسري، فمن الطبيعي أنهم سيواجهون تحديات نفسية وعاطفية لا يستطيعون التعامل معها بسهولة.

كل طفل له شخصيته المستقلة، وبالتالي فإن الاستجابة الأنسب لتأثير المشاكل الأسرية قد تختلف من طفل إلى طفل آخر ويجب أن تكون القرارات والإجراءات الخاصة بالوالدين مبنية على فهم دقيق لحالة طفلهما واحتياجاته الفردية

الأطفال المتضررون من المشاكل الأسرية يلحق بهم الكثير من القلق المستمر والخوف، بالإضافة إلى شعورهم الدائم بالحزن والإحباط والتشتت الذهني، هذا بالإضافة إلى تأثير ذلك على نموهم العاطفي والاجتماعي، مما يجعلهم عرضة للعزلة وصعوبة التواصل مع الآخرين.

من جانب آخر، فإن المشاكل الأسرية يمكن أن تؤثر على صحة الأطفال العقلية والجسدية، وقد نلاحظ على الأطفال الذين يعيشون في محيط مليء بالنزاعات والمشاكل، تأثرهم من أي ردة فعل، هذا بالإضافة إلى شعورهم الدائم بالإجهاد المستمر والصداع وآلام متفرقة بالرأس والصدر، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في النوم ونقص في النمو.

ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن الأطفال يعتمدون على الأسرة كمصدر رئيسي للرعاية والحماية والدعم العاطفي، ولكن عندما يرى الأطفال حولهم النزاعات المستمرة والعنف الأسري، فإنهم بلا شك سيشعرون بفقدانهم للدعم والأمان الذي يحتاجونه بشكل حقيقي.

تأثيرات المشاكل الأسرية قد تتعدى الجوانب العاطفية، فقد تؤثر أيضا على النمو الاجتماعي والسلوكي للأطفال فهو يكون سببا رئيسيا في الضغط النفسي الذي يعاني منه أولئك الأطفال والذي سيؤثر عليهم سلبا وعلى أدائهم وتركيزهم في المدرسة، مما يؤثر على مستقبلهم التعليمي ونشاطهم الحركي.

لا نتحدث هنا عن التأثيرات السلبية للمشاكل الأسرية على الأطفال على أنها مجرد أرقام وإحصائيات فقط، بل هي قصص حقيقية لأرواح صغيرة تعاني وتتألم.

لذا، يجب علينا كمجتمع أن نكون حساسين لهذه المشاكل وأن نعمل على توعية الناس حول تأثيراتها السلبية. كما يجب أن نقدم الدعم والمساعدة للأسر المتأثرة ونوفر لها الخدمات اللازمة لإعادة بناء حياتها، ولا ننسى أننا مطالبون بتنشئة جيل واع قادر على مواجهة الحياة.

من المهم أن نؤكد أن التأثيرات السلبية للمشاكل الأسرية على الأطفال ليست ثابتة وأنه يجب علينا المساهمة في خلق بيئة ملائمة للأطفال المتضررين وأن نوفر لهم الدعم والرعاية اللازمين في كل وقت.

وإذا وقعت مشكلة حقيقية، من الضروري جدا أن يتم تحديد الأدوار والمسؤوليات في الأسرة بشكل واضح مما يساعد في تجنب الصراعات والتداخلات الزائدة.

ربما تؤثر المشاكل الأسرية على ثقة الأطفال بأنفسهم، لذا ينبغي تعزيز ثقتهم الذاتية من خلال تشجيعهم وتقديم الإشادة عند تحقيقهم أهدافهم وتجاوزهم للتحديات

ومن الطرق الصحية والمفيدة فتح حوار والاستماع الجيد لاحتياجات ومشاعر أفراد الأسرة، وتقدير اهتماماتهم ورغباتهم ومخاوفهم بشكل مفتوح ومحترم دون اللجوء إلى الانتقادات أو الهجوم الشخصي عليهم، كما يجب توفير بيئة آمنة ومفتوحة حيث يمكن للجميع التعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم بصراحة وبدون تهميش، وكذلك ينبغي الاستماع بعناية وتعاطف لما يقولونه ومحاولة فهم وجهات نظرهم.

وعند مواجهة مشكلة، يجب عدم مواجهتها بشكل عدواني بل تجب معالجتها بشكل بناء كما يجب التركيز على إيجاد حلول ومحاولة التركيز لحل الخلافات الواقعة.

وعندما نواجه صعوبات أسرية، ينبغي أن نتذكر دائما أنه لا يوجد حل مثالي، ولكن يمكن  التوصل إلى تسويات تلبي احتياجات الجميع من خلال البحث عن حلول هادئة وبناءة، وقد يحتاج الأهل إلى التفكير خارج الصندوق والعمل معا للعثور على حلول مرضية للجميع.

وقد يكون من الصعب حل المشاكل الأسرية إذا كان الأهل يعانون من الإجهاد والضغوط النفسية، لذا يجب الحرص على العناية بصحتهم العقلية والجسدية ومن الضروري جدا تخصيص وقت للراحة والاسترخاء خارج المنزل لجميع أفراد الأسرة للابتعاد عن الاحتقان الأسري بالمنزل، فقد يساعد ذلك في تخفيف التوتر وتعزيز الروابط الإيجابية بكل تأكيد.

وفي حال عدم قدرة الأسرة على حل المشاكل بشكل مستقل، يمكن اللجوء إلى مساعدة أحد المستشارين الأسريين أو الأخصائيين النفسيين.

ورغم جميع الحلول الموضوعة إلا أن الحل الرئيسي يكمن في محاولة حل النزاعات بعيدا عن أنظار الأطفال، فهم اللبنة الأساسية القادمة لبناء المجتمع وتجب حمايتهم من كل أنواع الضغوط النفسية.

يجب ألا ننسى أنه وعلى الرغم من مطالباتنا الدائمة بضرورة توفير بيئة أسرية ملائمة، إلا أننا يجب علينا إدراك أن المحيط الأسري ليس دائما مثاليا وقد يواجه بعض الضغوطات والنقاشات بين متوسطة وحادة.

كما أن بعض النقاشات قد تكون سببا في اشتداد الكثير من الصراعات أو الاختلاف في الرأي، ربما يعود سبب ذلك إلى ضغوط وتوترات من العمل أو المدرسة أو أطراف آخرين، ولكن ما يجب التأكيد عليه هو ضرورة التعامل مع هذه الضغوطات بطرق صحية وبناءة للمحافظة على استقامة كيان الأسرة ولحماية الأطفال من التعرض لانهيارات وتوترات عصبية.

وعندما يتأثر الأطفال بسبب مشاكل أسرية، من المهم التعامل معهم بشكل حساس وملائم.

التأثيرات السلبية للمشاكل الأسرية على الأطفال ليست ثابتة ويجب علينا المساهمة في خلق بيئة ملائمة للأطفال المتضررين وأن نوفر لهم الدعم والرعاية اللازمين في كل وقت

بداية يجب على الأهل الاستماع بعناية إلى مشاعر وتجارب الأطفال وتأكيد أنهم يفهمون ما يشعرون به، قد يكون من المفيد توضيح أن المشاكل ليست بسببهم وأن الأمر لا يتعلق بأفعالهم لأن الأطفال كثيرا ما يشعرون بالذنب أو الإحباط، ومن الضروري توفير الدعم العاطفي لهم. كما على الأهل محاولة شرح الوضع للأطفال بلغة مناسبة لعمرهم.

ينبغي توفير الشعور بالأمان والثقة للأطفال في الوقت الذي يتعاملون فيه مع المشاكل الأسرية، ومحاولة توفير الراحة والاستقرار من خلال الحفاظ على الروتين اليومي وتوفير الحب والاهتمام.

قد يكون هناك تأثير سلبي للمشاكل الأسرية على سلوك الأطفال لذا ينبغي تحديد الحدود والقواعد الواضحة للسلوك المقبول وغير المقبول فهم يحتاجون إلى توجيه إضافي لمعرفة كيفية التعامل مع المشاعر السلبية والتعبير عنها بطرق صحية.

في بعض الأحيان، قد يحتاج الأطفال إلى الدعم الإضافي من مختصين في الاستشارات الأسرية أو طلب المساعدة من أخصائي نفسي.

يجب أن يهتم الوالدان أيضا براحتهما الذاتية وصحتهما العقلية، لذا ينبغي عليهما الاهتمام بنفسيهما لاستدامة طاقتهما العاطفية والجسدية، ليتمكنا من التعامل مع الأطفال الذين تأثروا بسبب المشاكل.

ربما تؤثر المشاكل الأسرية على ثقة الأطفال بأنفسهم، لذا ينبغي تعزيز ثقتهم الذاتية من خلال تشجيعهم وتقديم الإشادة عند تحقيقهم أهدافهم وتجاوزهم للتحديات.

يجب أن يحصل الأطفال على فرصة للاستمتاع بوقتهم والاسترخاء، لذلك ينبغي تخصيص وقت للألعاب والأنشطة الترفيهية المفيدة لهم للتخفيف من التوتر وتعزيز المشاعر الإيجابية لديهم.

يمكن للتعبير الإبداعي، مثل الرسم والكتابة والموسيقى، أن يكون مفيدا في المساعدة على تفريغ المشاعر والتعبير عنها بشكل صحي.

كونهم قدوة إيجابية للأطفال، قد يكون للأهل تأثير كبير بتوفير نموذج سلوك صحي لهم وإرشادهم إلى كيفية التعامل مع المشاكل الأسرية بشكل بناء وإيجابي.

يجب أن نتذكر دائما أن كل طفل له شخصيته المستقلة، وبالتالي فإن الاستجابة الأنسب لتأثير المشاكل الأسرية قد تختلف من طفل إلى طفل آخر ويجب أن تكون القرارات والإجراءات الخاصة بالوالدين مبنية على فهم دقيق لحالة طفلهما واحتياجاته الفردية.

16