السلطة الجزائرية تعود إلى خيار تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها

رئیس حزب تجمع أمل الجزائر عمار غول يؤكد أن الانتخابات الرئاسیة ستجرى موعدها المحدد دستوريا.
الأربعاء 2019/01/02
قريبا الاستعداد للولاية الخامسة

الجزائر - أطلقت السلطة الجزائرية رسالة جديدة عبر إحدى أذرعها السياسية تشدّد خلالها على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد في أبريل المقبل، وذلك نتيجة الانتقادات الواسعة لسيناريو المساس بدستور البلاد، لتمرير خيار التمديد للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.

وأكد رئیس حزب تجمع أمل الجزائر (تاج) عمار غول الذي يبدو وكأنه يضطلع بمهمة إطلاق بالونات الاختبار، أن الانتخابات الرئاسیة ستجرى موعدها المحدد دستوريا، مما يوحي إلى أن المرسوم الرئاسي لاستدعاء الهيئة الانتخابية سيعلن خلال منتصف الشهر الحالي، لتبقى مهلة الثلاثة أشهر أمام الإدارة والمترشحين لمباشرة العملية لوجستيا وسياسيا.

واستبعد عمار غول في ندوة صحافية عقدها في مقر حزبه الثلاثاء، أي تأجيل للانتخابات الرئاسية، وهو ما يعني نهاية الخيار المذكور، بعد ردود الفعل القوية الصادرة من الطبقة السياسية، والتحذيرات المتنامية من إمكانية المساس بالدستور، على اعتبار أن العملية تتطلب تعديلا جديدا يوسّع في حالات تأجيل الموعد، بعدما كان محصورا في حالة واحدة فقط وهي الحرب.

وكانت مساع سياسية موالية للسلطة وحتى محسوبة على المعارضة، بذلت جهودا لتمديد الولاية الرئاسية الحالية لبوتفليقة، عبر إطلاق مبادرات سياسية، تفضي إلى تأجيل الاستحقاق الرئاسي، مقابل استغلال المهلة الإضافية في إجراء إصلاحات سياسية عميقة. وتعدّ مبادرة التوافق الوطني التي أطلقتها حركة مجتمع السلم الإخوانية، أبرز المبادرات التي جهرت بخيار التأجيل، من أجل تحقيق ما أسمته بـ”التوافق الوطني بين جميع قوى الموالاة والمعارضة وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية عميقة”.

ويرى متابعون للشأن السياسي الجزائري، بأن تصريح عمار غول، الذي يوصف بإحدى أدوات السلطة السياسية، يمثل ميلان كفة توازن جديد داخل الحلقة الضيقة في هرم السلطة، ويعبّر عن موقف جديد، يكون قد تبلور لدى صنّاع القرار، بعد فشل بالونات اختبار التأجيل، بسبب حالة الاحتقان السياسي المبكر الذي أفضى إليه.

ويضيف هؤلاء “إذا كان عمار غول يمثل إحدى القنوات الناقلة لتوجهات السلطة، فإن رئيس حركة حمس عبدالرزاق مقري هو الآخر قد اضطلع بنفس المهمة خلال الأسابيع الأخيرة، خاصة بالنظر إلى تلميحاته في أحد التصريحات، إلى وجود من يتقاسم مبادرة التوافق الوطني داخل النظام”.

رسالة بوتفليقة وبيان الجيش يحملان رسائل سياسية تحذر الدوائر المحسوبة على السلطة والمعارضة لجناح الرئاسة

وتحدثت تسريبات سابقة، عن اتصالات جرت بين مقري وبين شقيق ومستشار رئيس الجمهورية سعيد بوتفليقة، ويكون خيار التأجيل هو القاسم المشترك بين الرجلين، من أجل قطع الطريق على تنامي نفوذ رئيس الوزراء أحمد أويحيى المحسوب على ما يعرف بـ”الدولة العميقة”، جيوب جهاز الاستخبارات المنحلّ.

وبهذا المعطى الجديد، تكون مبادرة الإخوان أول ضحايا إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الرسمي، ولو أنّ بيان الحركة الأخير تحدث عن “خطط مناسبة لجميع الاحتمالات”.

وفي تعليقه على بيان وزارة الدفاع الوطني الأخير ذكر عمار غول بأنه “جاء في الوقت المناسب” وأنه “سيضع حدا للجدل المتنامي حول دور وصلاحيات المؤسسة العسكرية في الشؤون السياسية، وأن مفعوله سيكون بمستوى مفعول رسالة الرئيس بوتفليقة للرأي العام خلال اجتماع الحكومة والولاة”.

وانتقد بيان وزارة الدفاع بشدة من أسماهم بـ”ذوي الأفق الضيق والدوائر الضيقة، في توظيف المؤسسة العسكرية كورقة ضغط في الانتخابات الرئاسية”، في إشارة للجنرال المتقاعد علي غديري، الذي دعا عبر عدة منشورات له، الجيش إلى المساهمة في تحقيق الانتقال السياسي في البلاد، وإلى الوقوف في وجه المساعي لانتهاك الدستور.

واشتركت رسالة الرئيس بوتفليقة الأخيرة وبيان قيادة الجيش في عدة مفردات انطوت على رسائل سياسية تحذر الدوائر المحسوبة على السلطة والمعارضة لجناح الرئاسة، الأمر الذي أثار استغراب المعارضة من حدة خطاب السلطة، تجاه منتسبين سابقين لها ولمؤسسات الدولة وأكد على حالة من التخبط التي تعيشها.

وأكد غول أن بيان وزارة الدفاع أكمل رسالة بوتفليقة قائلا “رسالته كانت قاطعة لأي جدل أو شك ووضعت النقاط على الحروف وصوّبت نهائيا الجدل السياسي وأطّرته دستوريا وقانونيا”، في إشارة للتهديدات العقابية التي لوّح بها البيان تجاه ضباط سابقين، باللجوء للقضاء لاحترام قانون التحفّظ المهني الصادر في 2016.

وبشأن مبادرة “الندوة المفتوحة من أجل إجماع وطني حول جزائر جديدة” التي أطلقها مؤخرا، شدّد غول بأنها لا زالت قائمة.

4