السعودية نجوى رشيد فنانة مسكونة بتراث بلدها ونهضته الحديثة

المرأة العربية تغلبت على الصعوبات في الفن التشكيلي.
الأربعاء 2024/01/03
رسامة تعبر عن أفكارها ومشاعرها

تتحرك الفنانة التشكيلية نجوى رشيد للتعريف بتراث وطنها، السعودية، لكنها تؤمن بأهمية التواصل بين الفنانين العرب خاصة في ظل واقع ترى أنه منفتح على العالم ويمنح الفنان العربي فرصا كبيرة للتعريف بالموروث الحضاري العربي.

القاهرة - تمتلك الفنانة التشكيلية السعودية نجوى رشيد تجربة تشكيلية تمزج بين الالتزام بالمحلية والانفتاح على الأساليب الفنية العربية والعالمية، وهي إلى جانب ذلك تصر على التعريف ببلادها وحضارتها ومميزاتها المعمارية والثقافية عبر لوحات تنهل من أغلب المدارس التشكيلية المتنوعة.

وفي لقاء معها على هامش مشاركتها في إحدى الفعاليات الفنية بمدينة الأقصر التاريخية في صعيد مصر قالت الفنانة إن العالم العربي “يشهد حالة من التطور والازدهار في مجال الفنون البصرية”، وإن “الساحة التشكيلية العربية غنيّة بالقامات الفنية ممن أقاموا صروحا سامقة في سماء الفن ووصلوا بما قدّموه من إبداعات متفردة إلى العالمية.. لكن كثيرين منهم ما زالوا غير معروفين في أوطانهم نتيجة لعدم وجود منظومة إعلامية عربية تبرز أعمال الفنان وتروج له بشكل صحيح”.

وأضافت أن بلادها استطاعت أن تحقق ما يطمح له كل فنان تشكيلي من خلال تنفيذ مخرجات رؤية المملكة 2023، والتي وفّرت الكثير من الدعم للحركة الفنية على أرض السعودية. وتهتم الفنانة بالمشهد التشكيلي العربي، وتؤمن بضرورة وجود حالة اتصال دائمة بين الفنانين العرب. لذلك أسست عام 2012 الرابطة العربية للفنون، والتي تضم نخبة من فناني وكتاب ونقاد كل بلد عربي، وهي تشغل منصب رئيسة الرابطة منذ تأسيسها.

وترى رشيد أن “الفنانين العرب لا يقلون خبرة وقوة وإبداعا عن الأسماء الأجنبية اللامعة في عالم الفن التشكيلي”، وأن “العالم العربي لديه إرث حضاري وتاريخي وثقافي ضارب في القدم… والمشهد التشكيلي العربي لديه وجوه مبدعة قادرة على إيصال هذا الإرث العظيم إلى العالم من خلال الفن”. وأوضحت أن كل “فنان وفنانة عربييْن يطمحان إلى تحقيق الأفضل، خاصة وأنهما يمتلكان كل تلك المقومات”.

◙ لوحات متأثرة بالفن الحروفي والأماكن المقدسة
◙ لوحات متأثرة بالفن الحروفي والأماكن المقدسة

وأعلنت الفنانة التشكيلية السعودية التي ترأس الرابطة العربية للفنون عن وجود تعاون بين مجموعات كبيرة من الفنانين العرب، و”يظهر ذلك جليا في الملتقيات والمهرجانات والمعارض التشكيلية الجماعية، التي تقام داخل بلدان العالم العربي”. واعتبرت رشيد أن الفعاليات التشكيلية مناسبة جيدة يتمكن خلالها الفنان من تبادل الرؤى والأفكار والتجارب مع زملائه، والإطلاع على ثقافات مغايرة ومدارس فنية متنوعة.

أما حول رؤيتها لما يعاني منه الفنان التشكيلي العربي، فقالت الفنانة السعودية إن الفنانين العرب يعانون من عدم وجود منظومة إعلامية قادرة على تسليط الضوء على تجاربهم الفنية، وإبراز أعمالهم والترويج لها بما يساهم في تسويقها. ورأت أن ممارسة الفنون التشكيلية يُمكن أن تكون مصدر رزق مساعدا للفنان، وأن القليل من الفنانين استطاعوا أن يجعلوا ممارستهم للفن مصدر رزق وحيدا لهم.

وبخصوص رؤيتها لمكانة المرأة في المشهد التشكيلي العربي، ومدى تمكن الفنانات التشكيليات العربيات من تحقيق طموحهن الفني، قالت إن المرأة العربية كانت تعاني في السابق من وجود صعوبات تعيق إبداعها، و”خاصة تلك المتعلقة بالواقع الاجتماعي للمرأة العربية وتأثيره على قدراتها الإبداعية، أما اليوم فإن أكثر النساء تغلبن على هذه الصعوبات، وبات هناك تطوّر كبير في مجال تمكين المرأة على جميع الأصعدة، وهو أمر حفّز المرأة على الإبداع في المجال الفني ومكّنها من وضع بصمتها في الساحة التشكيلية العربية خاصة بعد أن تمكنت من امتلاك أدواتها بقوّة”.

وفي ما يتعلق بتجربتها مع الفنون التشكيلية والمدارس الفنية التي تنتمي إليها قالت إنها بدأت الرسم في سن مبكرة حيث كانت ترسم ما تراه من حولها، وإنها سعت إلى صقل تلك التجربة من خلال المشاركة في دورات تدريبية وورش فنية داخل وطنها السعودية وخارجه، وإنها ككل فنان كانت بدايتها مع المدرسة الواقعية باعتبارها المدرسة التي يجب على كل فنان إتقانها قبل الانتقال إلى أي مدرسة أخرى يُحبها.

◙ نجوى رشيد تنقلت بين عدة مدارس وأحبت فن البورتريه، ثم فن الحروفيات الذي قدمت فيه تجارب بتقنيات مختلفة

وتابعت قائلة إنها تنقلت بين عدة مدارس فنية، وأحبت فن البورتريه، ثم فن الحروفيات الذي قدمت فيه تجارب بتقنيات مختلفة في هذا المجال الذي يؤكد على مدى مرونة الحروف العربية بما يمكن الفنان من دمجها في أعمال فنية بات لها جمهورها الخاص.

وحول علاقتها باللوحة والفرشاة والألوان وعوالمها الفنية وما تعيشه من مشاعر حين تمارس الرسم، أجابت رشيد بأن الفرشاة والألوان بالنسبة إليها كالماء والهواء حيث لا يمكن العيش بدونهما، وأن باستخدام الفرشاة والألوان تُعبّر عن أفكارها ومشاعرها وأحاسيسها، وأن لها مع كل قصة حكاية وذكريات. وبيّنت أن الفن بالنسبة إليها هو “غذاء الروح” وأنها حين تشرع في رسم لوحة تُحب أن تختلي مع نفسها وتعيش مع اللوحة في عالم من الخيال حتى تنتهي من تأسيس اللوحة والانتهاء من كل تفاصيلها.

وبشأن موضوعات لوحاتها قالت رشيد إنها “مسكونة بالأماكن المقدسة، وبتراث وطنها وطبيعته، وما يشهده من نهضة”، وإن الرجل حاضر في لوحاتها وإنها ترى أنه إذا كان هناك من يقول إن وراء كل رجل عظيم امرأة فإنها تؤمن بأن “وراء كل امرأة عظيمة رجل”، لافتة إلى حضور المرأة في لوحاتها حيث تعبر عنها بصورة تتماشى مع عقيدتها وما تربت عليه من تعاليم دينها.

يُذكر أن رشيد تتمتع بعضوية عدد من الجمعيات الثقافية والفنية، وانتقلت إلى دراسة الفنون الجميلة بين المملكة والولايات المتحدة، وروسيا وماليزيا. وحازت الفنانة التشكيلية السعودية العديد من الجوائز والتكريمات داخل وطنها والعديد من البلدان الأخرى، مثل مصر وسلطنة عُمان والمملكة الأردنية واليمن والجزائر وإسبانيا والولايات المتحدة، كما أقامت وشاركت في العديد من المعارض الفنية محليا وعربيا ودوليا. ولديها ثلاث قصص أدبية هي “ربيع بلا زهور” و”عين تُبصر بالظلام” و”اليقين”.

14