السعودية تقطع الطريق على فتاوى "الدين عن بعد"

الاستغراق في قضايا شكلية بدل معالجة المخلفات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لوباء كورونا.
الأحد 2020/04/26
وعظ عن بعد

الرياض - قطعت السعودية الطريق، السبت، أمام موجة الفتاوى والاجتهادات التي تطالب بأداء صلاة التراويح والعيد “عن بعد” وراء أئمة الحرمين عبر التلفزيون، في وقت بدا أن هذه المطالب تهدف بالأساس إلى تسليط ضغوط على المملكة للانشغال بقضايا شكلية محسومة دينيا، وإرباك معالجتها الميدانية للمخلفات الصحية والاجتماعية والاقتصادية لوباء كورونا.

وأفاد عضو هيئة كبار العلماء في المملكة الشيخ عبدالله بن محمد المطلق، السبت، بعدم صحة صلاة التراويح وراء أئمة الحرمين الشريفين من خلال النقل المباشر للصلاة عبر التلفزيون.

وقال الشيخ المطلق ، خلال استضافته “عن بعد” في برنامج “فتاوى” المذاع على القناة السعودية، إنه لا يحسب أجر الجماعة لمن فعل ذلك، لأنه بين الشخص وبين الحرمين مئات الكيلومترات، وأنه يمكن للإنسان أن يصلّي في بيته مع أهله أولاده.

واستنكر الشيخ المطلق اهتمام الناس بالتراويح أكثر من اهتمامهم بالفرائض قائلًا “إننا نصلّي الآن الفرائض في بيتنا والحمد لله، نأخذ أجر الجماعة وأجر الذهاب للمسجد، لماذا؟ لأننا ممنوعون من المسجد لمصلحتنا ومصلحة المسلمين “.

وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وافق على إقامة صلاة التراويح في الحرمين الشريفين وتخفيفها إلى خمس تسليمات وإكمال القرآن الكريم في صلاة التهجد مع استمرار تعليق دخول المصلين، وذلك لمنع انتشار فايروس كورونا.

وأعلنت وزارة الصحة السعودية، السبت، تسجيل تسع وفيات جديدة ليرتفع إجمالي الوفيات بالفايروس في البلاد إلى 136 حالة. كما أعلنت عن تسجيل 1197 إصابة ليرتفع إجمالي الإصابات في المملكة إلى 16299.

وتكشف الدعوة لاستنباط “الدين عن بعد” وتحوّلها إلى هاجس رئيسي لدى الناس، في السعودية ومختلف دول العالم الإسلامي، وذلك في نقاشتهم المباشرة أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي حجم الفراغ الروحي الذي يعيشونه وأنهم يربطون الدين بالشكليات بدل الاهتمام ببعده الهادف إلى دعم قيم التضامن والتعاون والتسامح.

المتشددون لا يستطيعون التحرك والتأثير خارج مربع التمسك بالشكليات
المتشددون لا يستطيعون التحرك والتأثير خارج مربع التمسك بالشكليات

كما يكشف هذا الجدل بتفاصيله المختلفة أن المجتمعات في العالم الإسلامي سلبية ومنشغلة بهذه الأمور الشكلية، في الوقت الذي يبحث فيه العالم عن خلاصه الصحي والاقتصادي والاجتماعي، خصوصا أن الدين لا يمكن أن يتأثر بإجراءات وقتية لحفظ الأنفس، فضلا عن كونه بات متاحا أمام الجميع في ظل التطورات العلمية.

وزادت التقنيات الحديثة في عالمنا من مركزية الدين والوعظ الديني من خلال الفضائيات والإنترنت والتطبيقات وقد تمت الاستفادة منها إلى أبعد درجة خلال العشرين سنة وأكثر الأخيرة.

وقال متابعون للشأن السعودي إن هناك جهات متشددة، كانت خسرت نفوذها مع بداية الإصلاحات في السعودية، باتت منزعجة من انفتاح الجهات الدينية الرسمية، خاصة ما تعلق بإغلاق الحرمين أمام المصلين والمعتمرين لمحاصرة الوباء، وهو انفتاح يسحب منها المبادرة في الشأن الديني، كما يجرّدها من صورة الجهة الحريصة على الدين والمتحدثة باسمه.

وأضاف هؤلاء المتابعون أن الدعوات للصلاة عن بعد الهدف منها إحراج السلطات وإظهارها في صورة المتهاون عن “حماية الدين” أو تهديد نقاوته، لافتين إلى أن الأمر مرتبط بالتوظيف السياسي لجماعات متشددة تريد أن تعود إلى الواجهة بأيّ شكل بعد أن همّشتها الإصلاحات.

وأشاروا إلى أن المتشددين لا يستطيعون التحرك والتأثير خارج مربع التمسك بالشكليات، ما يجعلهم يهاجمون أيّ خطوة رسمية تعتمد في أسلوبها على الاعتدال والتسامح، مثل إلغاء الجَلْدِ.

وأظهرت وثيقة من المحكمة العليا السعودية، الجمعة، أن المملكة ألغت الجَلْدَ كشكل من أشكال العقاب، واستبدلته بالسّجن أو الغرامة أو بكليهما.

1