السعودية ترسخ مكانة تكنولوجيا المستقبل في الاقتصاد

عززت الحكومة السعودية جهود تطوير قطاع التكنولوجيا وترسيخ مكانته في التنمية عبر أكبر إطلاق تقني بمنطقة الشرق الأوسط لبرامج نوعية وصناديق استثمارية جديدة في هذا المجال لدعم رواد الأعمال والمبتكرين في إطار البرامج الشاملة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المستقبل.
الرياض – يؤكد تسارع خطوات السعودية في المراهنة على الاستثمار في تكنولوجيا المستقبل لتحقيق عوائد كبيرة لتمويل عملية التحول الاقتصادي غير المسبوقة التي تخوضها حقيقة الرغبة لدى المسؤولين في تجاوز جيرانهم عبر فورة استثمارية لم تشهدها من قبل في هذا المجال.
ودشن البلد مرحلة جديدة في مسار خططه في هذا الاتجاه من خلال تخصيص حزمة مالية بالشراكة مع عشرة صناديق ومؤسسات مالية عالمية وعمالقة التكنولوجيا لتوسيع الطريق أمام رواد الأعمال والمبتكرين لإرساء مشاريعهم الناشئة، في تحول يصفه المتابعون بأنه يرسخ مكانة قطاع المعلومات في التنمية الشاملة.
وتم إطلاق حزمة من المبادرات والبرامج التكنولوجية الجديدة خلال فعالية “لاونش”، التي احتضنتها العاصمة الرياض مساء الأربعاء الماضي، بقيمة إجمالية تناهز الأربعة مليارات ريال (قرابة 1.07 مليار دولار).
تمويل المبادرات
- 666.6 مليون دولار ستخصص لبرامج تدريب ومراكز لاحتضان الابتكارات وتمويل الشركات الناشئة
- 400 مليون دولار قيمة صندوق إي.دبليو.تي.بي أرابيا كابيتال السعودي – الصيني لدعم الشركات الناشئة
ونسبت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إلى عبدالله الغامدي رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) خلال افتتاح هذه الفعالية قوله إن “السعودية تهدف لأن تصبح ضمن أفضل 15 بلدا في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي”.
وبهذا التقدم، تكتسب الخطط الاستراتيجية للحكومة من أجل تحويل العاصمة الرياض إلى مركز إقليمي للأعمال زخما إضافيا بانضمام عمالقة وادي السيليكون إلى ورشة تطوير ريادة الأعمال بأكبر منتج للنفط في العالم، في مسعى يعكس اهتماما بالغا بمنافسة مدن خليجية باتت تفرض نفسها على خارطة الشركات الناشئة.
وستعاضد جهود السعودية في تنفيذ هذه المبادرات واقعيا نخبة من الشركات التكنولوجية العالمية تتقدمها غوغل وأمازون وآي.بي.أم وسيسكو وأوراكل ومايكروسوفت وترند مايكرو وافنسف سيكيورتي.
ويكمن أحد أبرز أسباب توجّه القيادة السعودية إلى الاستثمار في شركات التكنولوجيا في السعي إلى تحويل تلك الشراكات إلى بوابة لنقل المعرفة والخبرة والتكنولوجيا الحديثة إلى البلد مع مرور الوقت.
وتشمل المبادرات برامج تدريب ومراكز لاحتضان الابتكارات والأفكار الريادية فضلا عن برنامج موسع لتنمية قطاع تقنية المعلومات بميزانية تُقدر بحوالي 2.5 مليار ريال (حوالي 666.6 مليون دولار)، وضمانات للشركات المتوسطة والصغيرة العاملة في القطاع، بنسبة تصل 90 في المئة من قيمة التمويلات.
وتضمنت المبادرات إطلاق صندوق إي.دبليو.تي.بي أرابيا كابيتال السعودي – الصيني لدعم الشركات التقنية الناشئة في البلاد برأس مال يبلغ نحو 1.5 مليار ريال (400 مليون دولار).
ويأتي تأسيس هذا الكيان الجديد بالشراكة بين إي.دبليو.تي.بي الصينية والمدعومة من مجموعة علي بابا وصندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة السيادية) وبدعم من الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز.
وستكون شركة علي بابا كلاود التي تعتبر العمود الفقري للتكنولوجيا الرقمية في مجموعة علي بابا، أهم شريك في هذه البادرة حيث تهدف إلى التعاون مع الشركاء المحليين على مدار السنوات الخمس القادمة في الأكاديميات ومراكز التدريب والابتكار لبناء القدرات وتطويرها في مجال التكنولوجيا.
ومن المتوقع أن تعزز الخطوة القدرات الرقمية للبلاد وتحقق هدفا مبرمجا من كل 100 سعودي بحلول العام 2030، فضلا عن تشجيع الابتكار والإبداع وتحقيق الريادة العالمية ضمن خطط إصلاح الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل وتطوين الوظائف والتي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

عبدالله الغامدي: السعودية تهدف إلى أن تصبح ضمن أفضل 15 بلدا في مجال البيانات
ويؤكد خبراء والمحللون في قطاع التكنولوجيا أن هذه المبادرات والبرامج تعد أكبر إطلاق تقني من نوعه على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقالوا إن هذه المبادرات الضخمة ترسخ مكانة السعودية، أكبر اقتصادات المنطقة العربية، كمركز تكنولوجي إقليمي لأهم الرياديين والمبتكرين والمبرمجين من المنطقة والعالم.
وتنوي الرياض تطبيق خطتها من خلال ثلاثة برامج رئيسية هي “طويق” و”همة” و”قمة”، والتي تهدف في مجملها إلى رفع القدرات الرقمية للسعوديين والسعوديات في مجالات البرمجة وتعزيز الثقة بين الشركات التقنية والجهات التمويلية، وتشجيع الابتكار والإبداع من خلال التجمعات والمنصات المركزية.
وفي حين سيركز برنامج “طويق” على تحقيق الهدف الأساسي والمتمثل بمبرمج من كل مئة مواطن سعودي بحلول العام 2030، سيعمل برنامج “همة” على تحقيق هدف الريادة العالمية للسعودية في صناعة التقنية من خلال إطلاق البرنامج الوطني لتنمية قطاع تقنية المعلومات.
أما في ما يتعلق ببرنامج “قمة” فسيكون تركيزه الأساسي على تشجيع الابتكار والإبداع من خلال التجمعات والمنصات المركزية التي تدعم الجوانب التقنية والرقمية.
ولدعم هذه الجهود، أطلق الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات أضخم مبادرتين تكنولوجيتين تتمثلان بمبادرة “معسكر طويق 1000” المنتهي بالتوظيف، ومبادرة “مهارات المستقبل”.
وستشمل المبادرتان كافة مناطق البلاد البالغ عددها 13 منطقة من خلال إقامة أربعين معسكرا تدريبيا ضمن أربعة مسارات هي الأمن السيبراني والبرمجة والذكاء الاصطناعي وصناعة الألعاب الإلكترونية.
وتولي السعودية اهتماما كبيرا بالتكنولوجيا وبالذكاء الاصطناعي، إذ أنشأت مركزا للدراسات المتقدمة في الذكاء الاصطناعي إدراكا منها بضرورة دعم البحث العلمي في هذا المجال.