السعودية تتجاوز حذرها التقليدي وتدخل سوق المشتقات المالية

توفير أدوات تحوّط للمستثمرين لإدارة المخاطر بشكل أكثر فعالية.
الاثنين 2020/08/31
دور أكبر للبورصة لتمويل إنعاش الاقتصاد

دخلت السعودية مرحلة أكثر انفتاحا في خططها الاستراتيجية المتعلقة بإصلاح نشاط البورصة حين بدأت فعليا، الأحد، في عملية تسويق أوّل منتجات المشتقات المالية، في تحرك يتوقع محللون ومسؤولون أن يحقق إيرادات أكبر مع إمكانية استقطاب المزيد من المستثمرين بمخاطر أقلّ.

الرياض - احتفت البورصة السعودية، الأحد، ببدء تداول باكورة المشتقات المالية في البورصة، في خطوة اعتبرها محللون مهمة لزيادة جاذبية سوق المال لدى المستثمرين الأجانب رغم أن البعض يرى أنها مغامرة محفوفة بالمخاطر.

ويدرك المسؤولون أن طرح مشتقات مالية بنسبة تذبذب يبلغ 20 في المئة يبدو عاليا بعض الشيء قياسا لما هو معمول به عند نحو 5 في المئة، إلا أن العملية ستكون محاطة بعدة معايير لتجنب أية خسائر محتملة.

وأعطت شركة السوق المالية السعودية “تداول”، المشغلة للبورصة المحلية الضوء الأخضر لتداول العقود المستقبلية كأول منتج في سوق المشتقات المالية.

وتم افتتاح سوق المشتقات، من خلال مزاد للعقود المستقبلية، وكان المزاد بناء على العروض والطلبات المدخلة، وهي نفس الطريقة المطبقة في السوق الرئيسية.

وأوضحت الشركة في بيان أن “الإطلاق يمثل خطوة هامة في مساعي تطوير السوق، وتزويد المستثمرين بمجموعة كاملة ومتنوعة من المنتجات والخدمات الاستثمارية”.

وأضافت أنه تم تطوير العقود المستقبلية السعودية 30، والتي تتخذ مؤشر أم.تي 30 أساساً لها لتزويد المستثمرين بأدوات التحوط لإدارة المخاطر بشكل أكثر فعالية، وتوفير فرص متنوعة للاستثمار في السوق المحلية.

والمشتقات، هي عقود مالية تشتق قيمتها من قيمة أصول حقيقية أو مالية أخرى تشمل أسهما أو سندات أو عملات أجنبية أو سلعا أو ذهبا.

وائل الهزاني: البورصة تعتزم إطلاق منتجات أخرى بحلول نهاية 2021
وائل الهزاني: البورصة تعتزم إطلاق منتجات أخرى بحلول نهاية 2021

ويكون لتلك العقود مدة زمنية معينة، بالإضافة إلى سعر وشروط يتم تحديدها عند تحرير العقد بين البائع والمشتري، ومن أشهر صورها المستقبليات والاختيارات والعقود الآجلة والمبادلات.

ويقول المختصون إن منتجات المشتقات هي أدوات تداول بديلة توفر فرص تداول وتحوط للمستثمرين، كما تقدم ميزات مضمنة في منتجاتها مثل البيع على المكشوف والرافعة المالية.

غير أن البعض يرى أن منتجات المشتقات محفوفة بالمخاطر فهي مثل أي ورقة مالية أخرى، المعرفة هي المفتاح لبدء التداول، حيث يُنظر إليها أنها منتجات أكثر تعقيدا تتطلب معرفة أعمق بالاستخدامات والمخاطر والفوائد.

وحددت شركة السوق المالية السعودية الحد الأعلى المسموح به لصافي عدد مراكز الشراء والبيع لكل الشهور مجتمعة 10 آلاف عقد.

ويمكن للمتداولين الراغبين في تحوط أصولهم الأساسية امتلاك مراكز تتجاوز 10 آلاف عقد، تخضع لموافقة السوق المالية عند تقديم المستندات ذات الصلة بامتلاك الأصول الأساسية.

ويدعم هذا الإنجاز توسيع قاعدة المستثمرين في السوق المالية وتحسين مستويات السيولة فيها، وبالتالي دخول المزيد من الاستثمارات إلى البلاد.

ومن الواضح أن هيئة سوق المال ماضية في تنفيذ مبادراتها الاستراتيجية الهادفة لضمان سوق مالية سهلة التمويل ومحفزة للاستثمار وداعمة لثقة المتعاملين فيها.

وقال خالد الحصان، الرئيس التنفيذي لسوق المال السعودية في تصريح لمحطة العربية، إن “إطلاق سوق للمشتقات المالية يوفر أداة للتحوط في البورصة وهي خطوة هامة في مساعي تطوير السوق المالية وتزويد المستثمرين بمجموعة كاملة ومتنوعة من المنتجات والخدمات الاستثمارية”.

وأكد أن السيولة الأجنبية ستجذب في الدرجة الأولى لسوق الأسهم وتكون سوق المشتقات وسيلة للتحوط في تغيرات أسواق الأسهم.

وكان الحصان قد قال، منتصف يوليو الماضي، إن “المشتقات المالية ستجعل البورصة السعودية أكثر جاذبية خاصة بالنسبة للمستثمرين الأجانب”.

ويعتقد محللون أن الأجانب يرون البورصة السعودية جذابة جدا في ظل الوضع القوي للاقتصاد الكلي بأكبر مصدر للنفط في العالم رغم أزمة الوباء والعوامل السكانية وانخفاض تكلفة الطاقة والإنفاق الحكومي على البنية الأساسية إلى جانب توقعات النمو الإيجابية والتقييمات الرخيصة للكثير من الأسهم في السوق.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن وائل الهزاني، المدير التنفيذي لشركة مركز مقاصة للأوراق المالية، قوله إن “البورصة السعودية تعتزم إطلاق منتجات أخرى مرتبطة بالمشتقات مثل الخيارات واستكمال المنظومة بأسرها بحلول نهاية 2021”.

أهم المشتقات المالية

  • العقود المستقبلية
  • العقود الاختيارية
  • العقود الآجلة
  • عقود المبادلات

وتسعى تداول إلى تعديل قواعد التداول والعضوية المعدلة ومسودة قواعد مركز مقاصة الأوراق المالية المعدلة ومسودة قواعد مركز إيداع الأوراق المالية المعدلة ومسودة قائمة المصطلحات المستخدمة في قواعد السوق المعدلة لاستطلاع مرئيات المهتمين والمعنيين.

وتضم تداول، وهي أكبر الأسواق المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث القيمة السوقية، 187 شركة موزعة على 20 قطاعا.

وقد زادت قيمتها بعد أن تم إدراج شركة النفط العملاقة أرامكو، التي بلغت قيمتها السوقية 1.7 تريليون دولار، في ديسمبر الماضي حينما جمعت 25.6 مليار دولار من عملية بيع 1.5 في المئة من أسهمها لمستثمرين محليين وخليجيين.

وطبقت الرياض مجموعة من الإصلاحات لاستقطاب مشتري ومصدري الأسهم من الخارج في إطار جهودها لجذب رأس مال أجنبي وتنويع الاقتصاد المعتمد على النفط.

وفي يونيو العام الماضي، انضمت البورصة السعودية لمؤشر فوتسي العام للأسواق الناشئة ومؤشر أم.أس.سي.آي للأسواق الناشئة مما جذب المزيد من تدفقات الأموال الخارجية.

وتتوقع هيئة السوق المالية أن تساعد إضافة البورصة السعودية إلى مؤشر أم.أس.سي.آي في جذب استثمارات بقيمة 40 مليار دولار من الصناديق الأجنبية.

ورجح رئيس مجلس إدارة الهيئة محمد القويز في وقت سابق هذا العام أن تأتي التدفقات من الصناديق الخاملة والنشطة على حد السواء، وأن يعزز ذلك جاذبية الطرح العام الأولي المقترح لشركة النفط العملاقة أرامكو.

وتأتي خطوة أم.أس.سي.آي بعد ثلاثة أشهر من قيام مزود مؤشرات آخر هو مؤسسة فوتسي راسل، بإعطاء السعودية وضع السوق الناشئة.

وكانت سوق المال السعودية قد فتحت أبوابها أمام المستثمرين الأجانب قبل أكثر من خمس سنوات في تطور سمح بجذب مليارات الدولارات من الخارج، إلى أكبر البورصات العربية.

وصرح الحصان خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت مؤخرا بأن جائحة فايروس كورونا لم تؤثر بدرجة كبيرة على التداول في البورصة السعودية حيث كانت أحجام التداول أعلى من العام الماضي.

ومع تعرض العالم بأكمله للوباء وتأثيره على أسواق المال، تحتاج الأسواق لهذا النوع من المنتجات، لذلك يتوقع الحصان أن ترفع من فاعلية التداولات في سوق الأسهم وتزيد من جاذبية تداول عقود الأسواق في سوق المشتقات.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن المشتريات الأجنبية بلغت خلال العامين الماضيين أعلى مستوياتها منذ السماح للمؤسسات الأجنبية المؤهلة بالاستثمار المباشر في الأسهم المحلية منذ 2015، بهدف جذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية، وتقليل اعتمادها على عائدات النفط.

11