السرقات العلمية في الجامعات الجزائرية

الجمعة 2015/03/20

تعتبر الجامعة في العرف العالمي ركنا أساسيا في الحياة الثقافية والعلمية والمعرفية في أيّ بلد من بلدان المعمورة، وأكثر من ذلك فهي بمثابة العقل المفكر الذي بدونه لا يمكن أن تتحقق التنمية بكل أنماطها. في هذا السياق نجد الجامعات الجزائرية لا تلعب أيّ دور له شأن في الحياة الجزائرية، بل إنها أصبحت متخصصة في تخريج أنصاف المتعلمين، والبطالين ما عدا استثناءات قليلة شاذة لا يقاس عليها.

إن وزارة التعليم العالي الجزائرية التي تفتقد إلى الإطارات العلمية والفكرية في أجهزتها المركزية عن عمد وسبق إصرار قد لعبت ولا تزال تلعب أدوارا سلبية في تأخير الجامعات الجزائرية عن الركب العلمي والفكري والثقافي، ويتمثل ذلك في إسناد المسؤوليات الحساسة في مديرية البحث العلمي والتكوين إلى عناصر لا تفقه شيئا في هذا المجال الحساس والمصيري.

والأدهى والأمرّ أن نخبا من الأساتذة الجيدين، والطلاب النجباء الذين يفلتون من الجهل المتفشي في هذه الجامعات بقدراتهم الشخصية، وعصاميتهم فإنهم يغادرون البلد بأعداد كبيرة جدا إلى دول أخرى بحثا عن المناخ العلمي، والبيئات الفكرية الإبداعية ولا يعودون إلى وطنهم نهائيا.

ففي الأسبوع الماضي من هذا الشهر فجّرت بعض الصحف اليومية قنبلة من العيار الثقيل وتتلخص في قيام عدد لا يستهان به من الدكاترة وما يدعى بسلك الأساتذة “البروفسورات” بما فيهم عمداء الكليات بسرقة الأبحاث، ومضامين الأطروحات التي أنجزها باحثون أجانب في فيتنام، وإيران، وفلسطين وغيرها من الدول الأخرى.

ومن العجائب والغرائب التي تحدث في حرم الجامعات الجزائرية قيام مجلة “البرهان” المدعوة بالأكاديمية المحكمة التي تصدرها كلية العلوم الإنسانية بجامعة عباس لغرور بولاية خنشلة بسرقة الكثير من الأبحاث التي نشرتها والادّعاء أنها ملك علمي لها. رغم تنديد الصحف الجزائرية التابعة للقطاع الخاص بهذه السرقات المتكررة والمخلة بشرف البحث العلمي وسمعة منظومة التعليم فإن وزارة التعليم العالي لم تحرّك ساكنا إلى يومنا وكأن ما حدث أمر بسيط لا يستدعي إنزال العقاب بمرتكبيه.

من المظاهر الأخرى التي جعلت الجامعات الجزائرية تحتل ذيل قائمة التصنيف العالمي لأبرز الجامعات في العالم، التي حققت إنجازات كبرى في مجالات البحث العلمي، انعدام المناخ العلمي والثقافي والفكري فيها لحدّ يبعث على الخوف على مستقبل البلاد برمتها، وفضلا عن ذلك فإن الأموال الضخمة التي تصرف على مخابر البحث العلمي الكثيرة التي تقدر ميزانياتها بمليارات الدنانير تذهب أدراج الرياح بلا نتيجة تنعكس إيجابيا على التنمية الوطنية وعلى المحيط العام.

كاتب جزائري مقيم بلندن

15