السجن المركزي في الكويت يردّد أصداء غضب العمال الأجانب

الكويت - شهد السجن المركزي بالعاصمة الكويت، مواجهات وصفت بالمحدودة بين عدد من نزلاء السجن ورجال الأمن القائمين على حراسته، أسفرت عن عدد قليل من الجرحى بحسب ما أعلن رسميا الأربعاء.
وعزت وزارة الداخلية "الاحتكاك المباشر" بين الجانبين إلى اكتشاف وجود هواتف نقالة لدى السجناء الذين رفضوا تسليمها وواجهوا رجال الأمن الذين أرادوا مصادرتها بالقوّة.
غير أنّ مصادر غير رسمية تحدّثت عن "حركة احتجاجية" حاول القيام بها مساجين من أوساط العمّال الوافدين الذين يشكّلون غالبية المقيمين في السجن المركزي.
وقال أحد المصادر، وهو عامل من بنغلاديش تربطه علاقة قرابة بأحد السجناء، إنّ ما حدث في السجن المركزي هو صدى لحالة الامتعاض والتذمّر السائدة في صفوف العمّال الوافدين بالكويت جرّاء سوء المعاملة والضغوط التي تضاعفت خلال السنوات الأخيرة على العمال الأجانب والتي اشتدّت مع انتشار وباء كورونا وتوجّه السلطات الكويتية نحو تقليص عدد هؤلاء العمّال بشكل كبير، ودون مراعاة ظروف هؤلاء المهاجرين والتضحيات التي قدمّوها في خدمة البلد.
وجاء في بيان للداخلية الكويتية أنّه "أثناء القيام بجولة تفتيشية مفاجئة على عنابر السجن المركزي لوحظ أن بعض النزلاء يستخدمون هواتف نقالة داخل إحدى الزنزانات، فتم التوجه إليهم لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم ومصادرة تلك الهواتف".
وأضاف "عند القيام بمصادرة الهواتف قام بعض النزلاء برفض تسليمها والاحتكاك المباشر ومقاومة عناصر الأمن".
وتابع البيان "فرض عناصر الأمن السيطرة بالعنبر حفاظا على سلامة باقي النزلاء، ما أدى إلى وقوع إصابات بين عناصر الأمن والنزلاء، وتمت إحالة المصابين إلى مستشفى الفروانية لتلقي العلاج اللاّزم"، دون ذكر عدد هذه الإصابات ومدى خطورتها.
وأكدت وزارة الداخلية أنها "لن تقبل بأي إجراء يخالف القوانين المنظّمة، وأن حق التقاضي مكفول للجميع"، بحسب البيان ذاته.
ويرصد متابعون لشؤون الجاليات الأجنبية في الكويت وبلدان الخليج عموما، تغيّرا في ظروف تلك الجاليات التي أقبلت بكثافة خلال العشريات الماضية على سوق العمل في بلدان مجلس التعاون في ظل الازدهار السريع الذي شهدته المنطقة كنتيجة لثراء بلدانها بعائدات النفط. وبدأ العمال الوافدون يواجهون مشاكل في الحفاظ على مواطن شغلهم فيما بدأت المجتمعات الخليجية تحمّلهم مسؤولية العديد من المشاكل الأمنية والاجتماعية وتنظر إليهم كعبء مادي عليها.
التغيّر في أوضاع العمّال الأجانب بالخليج رافقه تغيّرٌ في أمزجتهم من الاستكانة والهدوء إلى الرغبة في الاحتجاج والتمرّد
وبلغت مشاكل تلك الفئة مداها مع ظهور جائحة كورونا التي أبطأت الحركة الاقتصادية وعطّلت الكثير من المشاريع الأمر حتّم "التخلّص" من أعداد كبيرة منهم، وهو ما قامت به الكويت بشكل عملي خلال الأشهر الأخيرة، فقد بدأ منذ سنة 2017 تطبيق برنامج توطين الوظائف المعروف محلّيا بـ"التكويت" والذي يعني نظريا حصر شَغل الوظائف في المواطنين الكويتيين، لكن انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا زادا من تعقيد القضية.
وتظهر الأرقام وجود خلل فعلي في التركيبة السكانية للكويت حيث يبلغ عدد سكان البلد 4.7 مليون نسمة بينهم 1.4 مليون مواطن و3.3 مليون وافد من بينهم 1.5 مليون هندي. وسيجبر تشريع جديد أقرّه البرلمان الكويتي حوالي 800 ألف عامل هندي على العودة إلى بلدهم.
وأشار تقرير صدر عن موقع "ميغرانتس رايتس" في أوائل أبريل الماضي حين بدأت أرقام الإصابات بفايروس كرونا في الارتفاع، إلى أن تطبيق توصيات السلطات الصحية المحلية ومنظمة الصحة العالمية مستحيل على العديد من العمال المهاجرين بسبب أماكن إقامتهم المزدحمة بحيث لا يمكنهم الحفاظ على المسافة الموصى بها، وغالبا ما يفتقرون إلى الصابون والماء أو معقم اليدين.
وبدلا من معالجة المشكلة من خلال تحسين ظروف المهاجرين المعيشية، قررت السلطات استخدام التشريعات لإجبارهم على الخروج من الكويت. ونُقل عن رئيس لجنة تنمية الموارد البشرية بمجلس الأمة الكويتي في مطلع يوليو الماضي، انتقاده للحكومة لعدم قيامها بما يكفي، وحثها على "تطهير" الوظائف الحكومية من الوافدين وترحيل 500 ألف عامل من ذوي الأجور المنخفضة.
واستجابت الحكومة، وبنهاية شهر أغسطس، أصدرت مرسوما يأمر أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 60 سنة وليست لهم شهادة تعليم عال بالخروج من البلاد بحلول نهاية العام. ويقدر عدد المهاجرين المتأثرين بهذا القرار بـ150 ألفا، وقد عمل الكثير منهم في البلاد لعقود.
ورافق التغيّر في أوضاع العمّال الوافدين تغيّرٌ في أمزجتهم من الاستكانة والهدوء حفاظا على موارد الرزق، إلى الرغبة في الاحتجاج والتمرّد على إملاءات المشغّلين وضغوط السلطات.
وفي مظهر نادر وغير مألوف شهدت قطر التي تستضيف على أراضيها أكثر من مليوني عامل وافد يعمل أغلبهم في ورشات بناء منشآت كأس العالم 2022 خلال السنتين الأخيرتين بعض الاحتجاجات من قبل عمال غاضبين من سوء أوضاعهم المعيشية ومن عدم تمكنّهم من الحصول على حقوقهم الأساسية وعلى رأسها أجورهم المتفّق عليها مع مشغّليهم.
وأظهرت صور تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي عمّالا غاضبين وهم يتظاهرون في أحد المخيمات التي يقيمون فيها قرب العاصمة الدوحة كما أظهرت عددا من الحافلات التي تهشّم زجاجها جرّاء تعرّضها للرشق بالحجارة من قبل هؤلاء المحتجّين.
وفي الكويت اضطرت الشرطة في أبريل الماضي إلى استخدام القوّة لتفريق تجمّع لعمال مصريين غاضبين من استيلاء شركة الحراسة الأمنية التي يعملون فيها على حقوقهم المادية ومصادرتها جوازات سفرهم لمنعهم من العودة إلى بلدهم في أثناء مهلة زمنية أعطيت لهم من قبل السلطات للمغادرة دون عقوبات.