السجالات بين حركة النهضة وخصومها بشأن سيطرتها على القضاء التونسي لا تهدأ

حزب الوطد يندد بضغط الحركة الإسلامية للتراجع عن نقلة بشير العكرمي.
الخميس 2020/10/29
معركة طويلة لإنهاء التدخل السياسي في القضاء

وجدت حركة النهضة الإسلامية نفسها مرة أخرى في مرمى اتهامات خصومها بمحاولة السيطرة على القضاء مجددا، وذلك من خلال الضغط على المجلس الأعلى للقضاء لإلغاء قرار نقلة وكيل الجمهورية بمحكمة تونس الابتدائية 1 بشير العكرمي المحسوب عليها، حيث دان حزب الديمقراطيين الوطنيين الموحد (الوطد) ليل الثلاثاء ممارسات النهضة لوضع يدها مرة أخرى على القضاء.

تونس – سعت حركة النهضة الإسلامية في تونس لمنع نقلة وكيل الجمهورية بشير العكرمي، وذلك من خلال أعضاء في المجلس الأعلى للقضاء موالين لها، حسب ما أكده حزب الديمقراطيين الوطنيين الموحد، في خطوة تثير تساؤلات عن رغبة الحركة الإسلامية في استمرار هيمنتها على الجهاز القضائي.

وأفاد حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد) أنه علم بأن أعضاء من المجلس الأعلى للقضاء محسوبين على حركة النهضة بصدد ممارسة ضغوط ومساومات على المجلس في اجتماعه المُنعقد الثلاثاء، وبالخصوص على رئيسه بهدف إجباره على مراجعة القرار الذي اتخذه بإعفاء بشير العكرمي من خطة وكيل للجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس.

واعتبر حزب الوطد في بيان نشره ليل الثلاثاء، أن هذه الممارسات تؤكد مرة أخرى إصرار حركة النهضة على وضع يدها على القضاء لتأمين الإفلات من العقاب لعدد من قياداتها على رأسهم راشد الغنوشي المتهمين في العديد من القضايا وفي مقدمتها قضايا الجهاز السري واغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.

وندد الحزب بهذه المساعي التي وصفها بـ”المحمومة” التي تهدد استقلالية القضاء، معربا عن دعمه لكل أعضاء المجلس الأعلى للقضاء الشرفاء الصامدين في الدفاع عن استقلال القضاء والمتصدين لمحاولات توظيفه وتركيعه.

ويأتي بيان حزب الوطد في وقت تمت فيه نقلة العكرمي من قبل مجلس القضاء العدلي إلى خطة مدّع عام للشؤون الجزائية وذلك في إطار الحركة القضائية، ما جعل التفاؤل يسود أوساطا سياسية وقضائية في تونس بعد اتهامات للعكرمي بالتستر على العديد من الملفات بينها اغتيال القياديين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.

منجي الرحوي: مسار تكريس استقلالية القضاء سيكون طويلا جدا
منجي الرحوي: مسار تكريس استقلالية القضاء سيكون طويلا جدا

وقال النائب عن حزب الديمقراطيين الوطنيين الموحد، منجي الرحوي، إن ’’قرار نقلة العكرمي وإعفائه من مهام وكيل الجمهورية موجود لكن في النظام الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء ينص على حق القضاة في الاعتراض على قرار نقلتهم‘‘.

وأضاف الرحوي في تصريح لـ”العرب” ’’فالعكرمي اعترض على قرار نقلته وفي هذا أخذ ورد داخل مجلس القضاء العدلي.. هناك من مع القرار ومن ضد، لكن الجديد أن هناك ضغوطا للتراجع عن القرار من قبل الموالين لحركة النهضة ونحن نددنا بهذا.. يجب أن ترفع حركة النهضة يدها عن مجلس القضاء العدلي وتكف عن ممارساتها‘‘.

ولفت إلى أن ’’على النهضة أن تكف عن مثل هذه الممارسات خاصة أن لديها متهمين في بعض القضايا على غرار الاغتيالات السياسية ورئيسها راشد الغنوشي أصلا متهم في قضية الجهاز السري‘‘.

وكانت هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي قد اتهمت في ندوة صحافية عقدتها بالعاصمة في يوليو الماضي العكرمي بتعطيل قضية الاغتيالات للتغطية على الغنوشي وبعض المقربين منه باستعمال كل “الخزعبلات القانونية”.

كما أعلنت هيئة الدفاع أنها نجحت في تحويل ملف الاغتيال من محكمة تونس 1 إلى محكمة أريانة بقرار من محكمة التعقيب في 14 يوليو الفارط وتخليص الملف من سيطرة العكرمي ومن كافة التعطيلات التي قام بها وقيد بها قاضي التحقيق المتعهد بالملف.

ويثير تمسك النهضة ببقاء العكرمي وكيلا للجمهورية بمحكمة تونس الابتدائية 1 الكثير من التساؤلات حول استقلالية القضاء التونسي، خاصة أن العديد من الأطراف السياسية تدفع نحو القيام بمراجعات عميقة في هذا الصدد، لاسيما بعد الفترة التي قاد فيها القيادي بالنهضة نورالدين البحيري وزارة العدل بين 2013 و2014 حيث قام الرجل بـ”عملية تطهير” للجهاز القضائي.

وفي تصريح لـ”العرب” شدد منجي الرحوي على أن ’’المسار سيكون طويلا جدا من أجل تكريس استقلالية القضاء‘‘، مضيفا ’’لأن النهضة نجحت في السيطرة على جزء منه في وقت سابق ثم ضمنت البقية والآن هي بصدد الضغط.. المسار شاق وعسير لكننا سننتهجه من أجل استقلالية القضاء الذي تمكنت منه النهضة من خلال البحيري في فترة ما‘‘.

وتُتهم النهضة بالتلاعب بالترقيات والمناصب والانتدابات في القضاء، خاصة إبان الفترة التي تولت فيها قيادة وزارة العدل (2013 – 2014) حيث قاد البحيري آنذاك الوزارة ما مكنها من الاستيلاء على الجهاز القضائي.

وقاد البحيري عملية “تطهير” للسلك القضائي الذي كان في أيام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وأرسى قضاء تابعا للنهضة من خلال فصل 82 قاضيا، ما جعل السلطة القضائية تعاني أزمة استقلالية.

السلطة القضائية تعاني أزمة استقلالية
السلطة القضائية تعاني أزمة استقلالية

 

4