الرياض تستعد لجولة جديدة في خصخصة الشركات الحكومية

رجّح محللون ظهور سباق محتدم بين الشركات العالمية والمستثمرين بعد أن أعلنت السعودية أنها ستطلق جولة جديدة من صفقات الخصخصة التي تراهن عليها الحكومة من أجل استكمال برنامجها المتعلق بتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتحقيق أعلى استفادة ممكنة من تطوير كفاءة أعمال الكيانات الحكومية.
الرياض - كشف وزير المالية السعودي محمد الجدعان الخميس أن بلاده تعكف على إعداد العشرات من صفقات خصخصة الشركات الحكومية وأنها تنوي الإعلان عن المزيد من هذه العمليات العام المقبل.
وحددت الحكومة 160 مشروعا في 16 قطاعا بما في ذلك مبيعات الأصول والشراكات بين القطاعين العام والخاص حتى عام 2025، على أن تشمل مبيعات الأصول الفنادق المملوكة للحكومة وأبراج البث التلفزيوني ومحطات تبريد المياه وتحليتها.
وأكد الجدعان خلال ندوة حول الاستقرار المالي تم بثها افتراضيا أنه ليست هنالك أولويات لقطاعات محددة وإنما الأولوية ستكون داخل القطاعات للمشاريع الأكثر أثرا.
وقال “لن يتم تخصيص القطاع الصحي كتقديم خدمة، وإنما ستُخصص أجزاء من القطاع التي يمكن تخصيصها مثل الأشعة وغيرها”، مشيرا إلى خطط خصخصة مؤسسات في قطاعي التعليم واللوجستيات ماضية في طريقها.

محمد الجدعان: الأولوية ستكون للقطاعات التي تضم مشروعات أكثر أثرا
وفي وقت سابق هذا العام علقت الرياض خصخصة محطة رأس الخير لتحلية المياه وتوليد الكهرباء، وهي واحدة من عدد من الأصول المملوكة للدولة التي استهدفت الحكومة بيعها لتقليل الضغط على إنفاق رأس المال وتنويع الإيرادات دون الاعتماد على النفط.
ومن المتوقع أن تتجه أنظار الكثير من الشركات العالمية لاقتناص الفرص الكبيرة التي يتيحها برنامج الخصخصة، خاصة وأن الكثير من المصارف العالمية لديها خطط لتوسيع نشاطها في السعودية استعدادا لاتساع النشاطات الاستثمارية المرتبطة ببرنامج الخصخصة.
ويرى الخبراء أن برنامج الخصخصة يمكن أن يحدث ثورة في برامج إعادة هيكلة الاقتصاد على أسس مستدامة وزيادة كفاءته وقدرته التنافسية.
ورجّح الجدعان أن تنشر استراتيجية التخصيص المحدثة واستراتيجية مركز التخصيص بشكل أوسع خلال النصف الثاني من العام القادم.
وفي شهر مايو الماضي قال الجدعان إن بلاده تسعى لجمع قرابة 55 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة من خلال برنامج التخصيص.
وتوقَّع وزير المالية حينها جمع حوالي 38 مليار دولار من خلال مبيعات الأصول، ونحو 16.5 مليار دولار من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وكانت السعودية قد أعلنت في شهر أبريل 2016 عن رؤيتها المستقبلية حتى نهاية العقد الحالي والهادفة بالأساس إلى خفض الاعتماد على النفط، وتعزيز الإيرادات غير النفطية، فيما تعتبر الخصخصة أحد 12 برنامجا يتضمنها برنامج الإصلاح الاقتصادي.
برنامج الخصخصة يمكن أن يحدث ثورة في برامج إعادة هيكلة الاقتصاد على أسس مستدامة وزيادة كفاءته وقدرته التنافسية
ويركز برنامج الخصخصة الذي يعد أحد البرامج الرئيسية التي تعوّل عليها السعودية لبلوغ أهدافها ضمن استراتيجية “رؤية 2030″، على تعزيز دور القطاع الخاص في تقديم الخدمات وتوفير المزيد من الوظائف.
وتستهدف خصخصة الخدمات تقليل تكلفتها من خلال دور المنافسة بين شركات القطاع الخاص في ضمان تأمين الخدمات بمستوى أعلى من الكفاءة من حيث التكلفة والجودة، إلى جانب تسهيل الحصول عليها.
كما تسعى الرياض إلى أن تساهم الخصخصة في جذب الاستثمارات غير الحكومية وخاصة رؤوس الأموال الأجنبية المباشرة من أجل دعم ميزان المدفوعات، إضافة إلى الهدف الرئيسي المتمثل في تحرير الأصول المملوكة للدولة، والذي سيعود على الحكومة بإيرادات سنوية أكبر.
واعتمد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في العام 2018 خطة تنفيذ “برنامج التخصيص” الذي يستهدف بيع أصول حكومية تتراوح قيمتها بين 9.3 و10.7 مليارات دولار في أكثر من عشرة قطاعات تشمل الموانئ والتعليم والصحة والطاقة والصناعة والثروة المعدنية والمياه والزراعة والاتصالات والرياضة.
وتعمل الحكومة من خلال برنامج الاستدامة المالية على تقليل التأثر بالعوامل الخارجية بما في ذلك تقلبات أسواق النفط عن طريق تبني قواعد مالية تحقق الاستدامة المالية والتنمية المستدامة.
إقرأ أيضا

الاستثمارات الجديدة في السعودية تنمو بوتيرة متسارعة
وقال الجدعان إن “الحكومة السعودية مستمرة في تبنّي سياسات للتعامل مع الجائحة بإجراءات واقعية وشفافة ومسؤولة. ولفت إلى أن هذه الإجراءات وضعت المملكة في مسار التعافي والاستقرار.
كما أشار الوزير السعودي خلال مداخلته إلى إطلاق الحكومة مجموعة من الإصلاحات المالية، التي تهدف إلى تغيير شامل وكلي للاقتصاد لإحداث نقلة تنموية كبرى.
وتابع “يشهد اقتصاد المملكة تعافيا تدريجيا منذ منتصف العام الماضي، وبشكل أقوى في العام الحالي، وهو ما اتضح من معدلات النمو الإيجابية في القطاع غير النفطي الحقيقي الذي سجل 8.4 في المئة خلال الربع الثاني من 2021 بدعم القطاع الخاص الذي سجل نموا بمعدل 11 في المئة”.
وتظهر التقديرات الأولية للربع الثالث من العام الحالي أن الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي نما بمعدل 6.2 في المئة، وهو ما انعكس على نتائج جيدة لأداء المالية العامة لأكبر اقتصادات المنطقة العربية.