الروائيون المغاربيون يستحقون جوائز

حضور مغاربي قوي في الدورة الجديدة للجائزة العالمية للرواية العربية بعد وصول سبع روايات مغاربية إلى القائمة الطويلة من بينها أربع روايات جزائرية.
الثلاثاء 2020/02/04
فلور مونتانارو: الإعلان عن القائمة القصيرة للبوكر العربية سيكون في مراكش

تعقد الأمانة العامة للجائزة العالمية للرواية العربية مؤتمرا صحافيا للإعلان عن القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية، اليوم الثلاثاء، بمدينة مراكش المغربية. وعن تفاصيل الجائزة ومآلاتها، وأخبارها وأسرارها، أجرت “العرب” حوارا خاصا مع منسقة الجائزة الباحثة والمترجمة والمستعربة فلور مونتانارو، لتحدثنا من الداخل عن واحدة من أكثر الجوائز الروائية أهمية وإثارة للقراءة والجدل.

تقيم الأمانة العامة للجائزة العالمية للرواية العربية ندوة صحافية، صباح الثلاثاء، في متحف محمد السادس لحضارة الماء، في عاصمة النخيل المغربية، للإعلان عن القائمة القصيرة للجائزة، بينما تقام في المساء ندوة أخرى حول تفاصيل الدورة الحالية من الجائزة.

ركزت الأوراق والبلاغات الصادرة عن الأمانة العامة للبوكر على وصول سبع روايات مغاربية إلى القائمة الطويلة لهذه السنة، من بينها أربع روايات جزائرية. الأمر الذي ربما يحمل أكثر من إشارة ودلالة، خاصة وأن الجزائر لم تحظ بالجائزة منذ تأسيسها سنة 2009، حيث آلت الجائزة في دورتيها الأولى والثانية لروائيين من مصر، ثم لروائيين سعوديين في الدورتين المواليتين. ومن يومها لم يتكرر اسم الفائز من الدولة نفسها.

إشارات وتنبيهات

 التركيز على الحضور المغاربي القوي في القائمة الطويلة جاء، أيضا، على لسان ياسر سليمان، الأمين العام للجائزة، حين يقول “وإذ نحن نحتفل بهذه القائمة الطويلة بكل ما فيها من أعمال جديرة بالاهتمام، فيجب ألا يفوتنا أن نشيد بالحضور المكثف للمغرب العربي فيها، وأنها تجمع بين أعمال المخضرمين من الروائيين العرب والكتاب الواعدين؛ مما يبعث في النفس الأمل بالمزيد من إمكانيات التميز للأدب العربي”.

وكما جرت العادة لطالما تظلم أحد الروائيين الجزائريين، الذي وصل إلى القائمة القصيرة أو الطويلة لأكثر من مرة، من غياب الرواية الجزائرية عن حفل التتويج. بينما يحضر هذه السنة روائي جزائري في لجنة التحكيم. وإذا كانت حظوظ الرواية الجزائرية وافرة لكل ما تقدم، فإن حضور أسماء روائية عربية قوية يجعل المنافسة محتدمة، خاصة مع الروائيين المكرسين الذين لم يسبق لهم التتويج بالجائزة. وفي مقدمة هؤلاء سليم بركات وعالية ممدوح وخالد الخليفة…

عن تركيز بلاغات الأمانة العامة على المغرب العربي في هذه الدورة، بعد وصول سبع روايات مغاربية، وهل ينذر ذلك بأمر ما، أعربت فلور مونتانارو عن سعادة إدارة البوكر بوصول سبع روايات لكتاب مغاربة إلى القائمة الطويلة لهذا العام، “كما أسعدتنا النسبة الكبيرة للكاتبات في القائمة الطويلة العام الماضي”.

الجائزة تُمنح لأفضل رواية من كل سنة حسب وجهة نظر اللجنة وتقييمها
الجائزة تُمنح لأفضل رواية من كل سنة حسب وجهة نظر اللجنة وتقييمها

 بينما تتابع محدثتنا “لا أعتقد أن ذلك يدل على شيء بعينه، بقدر ما يعطينا فكرة عن نوع من التفاوت الطبيعي في أعداد الروايات المرشحة من المناطق المختلفة من سنة إلى أخرى، والتفاوت أيضا في جودة هذه الروايات. وهذا لا ينفي وجود أقلام قوية في المغرب العربي، كما في المشرق” وتستحق التكريم والفوز بالجوائز.

وعما إذا كان هنالك ميثاق خاص باشتغال اللجنة، ينظم عملها ويعفيها من الحيرة ما بين اختيار الأسماء أو الأعمال، والانتماءات والاختيارات الفنية والموضوعاتية، تؤكد فلور مونتانارو وجود ميثاق “يتضمن مسؤوليات المحكمين ومبادئ الجائزة الأساسية وطريقة العمل المعتاد، ومن الأساسيات، عدم الالتفات لا إلى جنسية الكاتب ولا جنسه ولا انتماءاته ولا مكانته ولا إلى أي اعتبار آخر، سوى جودة الرواية الفنية وقيمتها الأدبية”.

 أما عن هوية الجائزة وطبيعتها التحكيمية، ترى مونتانارو أن لجنة التحكيم تعي أن “الجائزة ليست تقديرية ولا تشجيعية، وهي تُمنح لأفضل رواية من كل سنة حسب وجهة نظر اللجنة وتقييمها”. مثلما هو “غني عن التأكيد أن لجنة التحكيم تتخذ قراراتها باستقلالية تامة عن مجلس الأمناء”.

مسار الجائزة

حول مآل الروايات الفائزة، بعد تتويجها، وكذا الحال مع الروايات التي تصل إلى القائمتين الطويلة والقصيرة، وكيف تتابع الأمانة العامة للجائزة مصائر هذه الروايات في ترجماتها إلى اللغات الأجنبية، وفي الاحتفاء بها على المستويين العربي والدولي، ترى مونتانارو أن “الفوز بالجائزة أو الوصول إلى مراحلها الأخيرة، هو في حدّ ذاته ترويج للرواية عربيا ودوليا، حيث تُقرأ وتطبع طبعات عديدة (تصل إلى العشرين)، ويهتم بها الناشرون الأجانب ويسألون عنها”.

كما تضمن الجائزة تمويل ترجمة الرواية الفائزة إلى اللغة الإنجليزية، وتدعم ترجمتها إلى لغات أخرى، مثلما تمول ترجمة روايات القائمة القصيرة، جزئيا أو كليّا، حسب الإمكانيات. ففي الأشهر الماضية، تقول المنسقة، “مولت الجائزة ترجمة رواية ‘فرانكشتاين في بغداد’ لأحمد السعداوي إلى الألمانية والكرواتية، إلى جانب الترجمة الإيطالية لرواية ‘الطلياني’ لشكري المبخوت”.

وتضيف “كما لا يقتصر نشاط الجائزة على دعمها المالي للترجمات، وإنما تدعم حضور الكتّاب لمهرجانات ومعارض وكتب عربية ودولية، لتتسنى لهم مناقشة أعمالهم مع جمهور جديد من القراء، وأذكر منها، على سبيل المثال لا الحصر، مهرجانات برلين، وهاي وشباك (لندن)، ومهرجان طيران الإمارات للآداب، ومعرض فرانكفورت الدولي للكتاب. كما يشارك الكتاب في مؤتمرات وندوات في جامعات عربية ودولية، من أمستردام وباريس إلى أبوظبي ومسقط. وهذه اللقاءات تتيح لهم التعرف على كتّاب وصحافيين وناشرين عالميين، ما يساهم في توسيع دائرة القراء والمهتمين بأعمالهم”.

الجائزة ليست تقديرية ولا تشجيعية، وهي تُمنح لأفضل رواية سنة وفق وجهة نظر اللجنة وتقييمها

ومن مبادرات الجائزة الأخيرة، كما تذكر منسقتها، جولة كتاب تنظمها سنويا في أميركا، شاركت فيها منذ أشهر شهد الراوي، صاحبة رواية “ساعة بغداد”، حيث ناقشت روايتها مع الطلاب والجمهور في ثماني جامعات مرموقة، وقد حكت الكاتبة عن هذه التجربة بابتهاج، وفي شهادة مؤثرة، حين أكدت “لم أنس ما حييت تلك اللقاءات التي جمعتني مع نخب من طلبة المعرفة والأساتذة على حد سواء. استمعت إلى تلك القراءات الذكية والنادرة لعملي الأدبي الأول وأسعدتني الملاحظات العميقة عن روايتي. في مثل هذه اللقاءات يتعمق الحوار الحضاري بين الثقافات المختلفة ويُزال الكثير من سوء الفهم”.

وتتابع “نحن، أيضا، يسعدنا أن عددا من ترجمات الروايات الفائزة بالجائزة أو المرشحة للقائمة القصيرة توجت بجوائز دولية، وآخرها هي رواية ‘في غرفة العنكبوت’ لمحمد عبدالنبي، التي نالت جائزة معهد العالم العربي في باريس لأفضل رواية عربية مترجمة إلى الفرنسية سنة 2019”.

 تختم فلور مونتانارو، والتي عبرت في نهاية هذا الحوار عن سعادتها حين “أصبح من الصعب متابعة كل الدعوات والظهورات والمشاركات للكتاب الفائزين، لكثرتها”.

يذكر أن الناقد العراقي محسن الموسوي هو رئيس لجنة البوكر لهذه السنة، بعضوية كلّ من بيار أبي صعب من لبنان وفيكتوريا زاريتو فسكايا من روسيا وأمين الزاوي من الجزائر وريم ماجد من مصر. بينما يشهد مؤتمر مراكش للإعلان عن القائمة القصيرة حضور رئيس مجلس أمناء الجائزة، ياسر سليمان، ومنسقة الجائزة، فلور مونتانارو، إلى جانب أعضاء لجنة التحكيم. ويوم 14 أبريل المقبل، سيتم الإعلان عن الرواية الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها الثالثة عشرة، في احتفال يقام في العاصمة الإماراتية أبوظبي، عشية افتتاح معرض أبوظبي الدولي للكتاب.

15