الروائح يمكنها إثارة الذكريات القوية

الرائحة تُعرف بأنها ذرات كيميائية متطايرة تدخل الأنف لتصل إلى المصابيح الشمية للدماغ حيث تتم معالجة الإحساس لأول مرة في شكل يمكن للمخ قراءته.
الأربعاء 2021/03/17
حاسة الشم على علاقة بالروائح والذكريات العاطفية

إلينوي (الولايات المتحدة)- يعد البحث الجديد الذي أجرته شبكة الرعاية الصحية “نورث وسترن ميديسين” في ولاية إلينوي الأميركية أول بحث يتعرف على أساس عصبي لكيفية قيام المخ بتمكين الروائح من إثارة الذكريات بقوة. ويظهر البحث رابطا فريدا بين قرن آمون (الحصين) وهو مقعد الذاكرة في المخ ومناطق حاسة الشم في جسم الإنسان.

ويقترح هذا البحث أساسا عصبيا لدخول حاسة الشم إلى مناطق الذاكرة في المخ، بحسب ما ذكره موقع ساينس ديلي نقلا عن البحث.

وتقارن الدراسة الصلات بين المناطق الحسية الأساسية بما في ذلك البصرية والسمعية واللمسية والشم وقرن آمون. ووجدت أن حاسة الشم هي الصلة الأقوى، فهي تشبه طريقا سريعا من الرائحة إلى قرن آمون.

وقالت الباحثة الرئيسية كريستينا زيلانو الأستاذة المساعدة بطب الأعصاب في كلية فينبرغ للطب بجامعة نورث وسترن “خلال التطور مر الإنسان بتوسع عميق للقشرة المخية الحديثة ما أعاد تنظيم الدخول إلى شبكات الذاكرة”.

وأضافت “أعيد توجيه البصر والسمع واللمس في المخ فيما اتسعت القشرة المخية الحديثة لتتصل بقرن آمون من خلال وسيط (قشرة الارتباط) بدلا من الاتصال المباشر.

الروائح يمكنها إحياء الذكريات التي نسيناها منذ فترة طويلة

وتشير بياناتنا إلى أن حاسة الشم لم تخضع لإعادة التوجيه هذه واحتفظت بدخول مباشر إلى قرن آمون”. ونُشر البحث الذي يحمل عنوان “صلة الحصين البشري هي الأقوى في حاسة الشم من أجهزة حسية أخرى” في مجلة “بروغرس إن نيوروبيولوجي” الشهر الجاري.

كما أكدت دراسة سابقة أن الروائح يمكنها إحياء الذكريات التي نسيناها منذ فترة طويلة وخاصة منها الذكريات العاطفية. وتكمن العلاقة بينهما في أن مناطق المخ التي تندمج فيها الروائح والذكريات والعواطف متشابكة إلى حد كبير. وفي الواقع تعتبر الطريقة التي يتم بها ربط حاسة الشم بالدماغ فريدة من نوعها بالنسبة إلى بقية الحواس.

وتعرف الرائحة بأنها ذرات كيميائية متطايرة تدخل الأنف لتصل إلى المصابيح الشمية للدماغ، حيث تتم معالجة الإحساس لأول مرة في شكل يمكن للمخ قراءته. ثم تنقل خلايا الدماغ تلك المعلومات إلى منطقة صغيرة في المخ تدعى اللوزة حيث تتم معالجة العواطف، ثم إلى الحصين المجاور حيث يحدث التعلم وتكوين الذاكرة.

والروائح هي الأحاسيس الوحيدة التي تسير على هذا الطريق المباشر إلى مراكز العقل والذاكرة في الدماغ. وقال جون ماكجان الأستاذ المشارك في قسم علم النفس في جامعة روتجرز في ولاية نيو جيرسي إن جميع الحواس الأخرى تسافر أولا إلى منطقة الدماغ المسماة المهاد، والتي تعمل مثل “لوحة التبديل”، حيث تنقل المعلومات حول الأشياء التي نراها أو نسمعها أو نلمسها إلى بقية الدماغ، لكن الروائح تتجاوز المهاد وتصل إلى اللوزة والحصين في مشبك عصبي أو اثنين.

و أكدت راشيل هيرز الأستاذة المساعدة في الطب النفسي والسلوك الإنساني في جامعة براون في رود آيلاند أن علاقة حميمية تنتج بين العواطف والذكريات والروائح، وهذا هو السبب في أن الذكريات الناتجة عن الروائح، على خلاف الحواس الأخرى، تعد أكثر عاطفية وأكثر إثارة.

وأضافت هيرز أن الرائحة المألوفة والمنسية منذ فترة طويلة يمكن أن تثير عواطف الأشخاص وتجعلهم يبكون، مشيرة إلى أن الروائح مميزة حقا لأنها يمكن أن تستعيد ذكريات ربما لا يمكن تذكرها أبدا، في حين أن رؤية الأشخاص والأماكن المألوفة يوميا لن تدفع إلى تذكر ذكريات محددة للغاية.

وتوضح هيرز أنه إذا استمر الشخص بشم الرائحة فإنها بعد فترة من الوقت ستتفكك من ذاكرة معينة وتفقد قدرتها على استعادة الذاكرة. والأكثر من ذلك أن الذكريات التي نستعيدها بفضل الرائحة لديها نفس أوجه القصور مثل الذكريات الأخرى.

وتمتد العلاقة بين الرائحة والذاكرة أيضا إلى المشكلات الصحية المتعلقة بالذاكرة، حيث قال ماكجان إن الإحساس بانخفاض الشم يمكن أن يمثل أحيانا إنذارا مبكرا للظروف المتعلقة بفقدان الذاكرة، مثل مرض الشلل الرعاش ومرض الزهايمر، ولكن يمكن أن يكون أيضا نتيجة للشيخوخة.

21