الذراع النقابية للعدالة والتنمية تفشل في حشد الشارع ضد الحكومة المغربية

نقابة الاتحاد الوطني للشغل تخفق في دفع نقابات قطاع النقل الطرقي إلى النزول للاحتجاج أمام البرلمان ضد غلاء المحروقات.
الاثنين 2022/10/10
العدالة والتنمية وذراعه النقابية يجعلان من العامل وقود معركة سياسية

الرباط - فشلت نقابة الاتحاد الوطني للشغل، التابعة لحزب العدالة والتنمية المغربي، في دفع نقابات قطاع النقل الطرقي إلى النزول للاحتجاج أمام البرلمان الأحد ضد غلاء المحروقات وسط اتهامات للاتحاد والحزب باستغلال الملف لتأجيج الشارع وتطويع العمل النقابي في معارك سياسية ضد الحكومة.

وأكد الاتحاد النقابي الطرقي، التابع للاتحاد المغربي للشغل، أن الوقفة لن تكون لها جدوى كبيرة في الوقت الراهن مشددا على ضرورة انتظار مصير الدعم الحكومي للمهنيين وانخفاض الأسعار.

وتحدثت مصادر من داخل النقابة لـ"العرب"، أن القيادة السياسية لحزب العدالة والتنمية عارضت تلك الوقفة من طرف ذراعها النقابية تفاديا لفشلها وأيضا لأي تأويلات قد تمس من مصداقية الحزب واتهامه بأنه يميل إلى تصعيد الموقف باستغلال العمل النقابي وخلق ضجة أمام البرلمان.

ونفى الأمين العام للنقابة عبدالإله الحلوطي في ندوة صحافية عقدها الخميس أن تكون الوقفة لها علاقة بالشراكة التي تجمع النقابة بالعدالة والتنمية، موضحا أن نقابته لم تستشر قيادات الحزب، وأن التحرك احتجاج نقابي صرف ولا علاقة له بما هو سياسي وحزبي.

عبدالإله الحلوطي: لا يعقل أن يكتوي الشعب المغربي والعمال بالزيادات في كل مناحي الحياة

ويبدو أن دعوات الاتحاد لم تلق التجاوب الذي كان ينتظره من نقابات أخرى، رغم تأكيد الحلوطي أن قرارات النقابة نابعة من مصالح قواعدها وبرامجها ولا علاقة لها بالعدالة والتنمية الذي له آليات اشتغاله، وقادر على النزول الميداني إن أراد ذلك.

وتؤكد الذراع النقابية لحزب "العدالة والتنمية" المحسوبة على المعارضة البرلمانية، أن الهدف من الوقفة الاحتجاجية دفع الحكومة إلى مراجعة سياستها الاجتماعية، حيث قال الحلوطي "لا يعقل أن يكتوي الشعب المغربي والعمال بالخصوص بالزيادات في كل مناحي الحياة، والحكومة لا تكلف نفسها اتخاذ أي إجراءات للتخفيف من هذا الوضع". وقال إن “النقابات إما أن تجلس على طاولة الحوار مع الحكومة لتحقيق المطالب أو تخرج إلى الشارع للاحتجاج وإلا فما الفائدة من وجود العمل النقابي؟".

وأكدت شريفة لمويير، الباحثة في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، أن "الذراع النقابية للعدالة والتنمية أرادت تسجيل نقطة سياسية في مرمى الحكومة، في إطار الدخول السياسي لهذه السنة الذي يحمل في طياته رهانات اجتماعية واقتصادية هامة جدا".

وأضافت لمويير في تصريح لـ"العرب"، "هذه التحديات تستوجب انخراط كل الفعاليات السياسية لمواجهتها دون استدعاء خطاب الشعبوية لأن المواطن المغربي يعي تماما هذه التحديات المتعلقة بارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات المرتبط كذلك بالوضع العالمي” مشيرة إلى “أن المواطن المغربي يطالب في المقابل الحكومة بالاهتمام أكثر بوضعه الاقتصادي".

ولفتت شريفة لمويير إلى أن نقابة حزب العدالة والتنمية كانت تريد من خلال الوقفة أمام البرلمان استمالة المؤيدين وتحقيق مكاسب سياسية للحزب الذي تمثله نقابيا، واللعب على متطلباتهم الاجتماعية والاقتصادية، مضيفة "كان الأولى للاتحاد الوطني للشغل الانضباط للحوار الاجتماعي الذي جمع العديد من النقابات الكبرى مع الحكومة لدراسة الوسائل الناجعة لمواجهة الصعوبات الاقتصادية التي يمر بها المغرب".

وأكدت النقابة التابعة للعدالة والتنمية في تصريح صحافي أن “الوقفة الاحتجاجية، جاءت بسبب السياسة الاجتماعية للحكومة الحالية ومحدودية إجراءاتها لمواجهة استمرار الأزمة المزدوجة للجفاف الذي عرفته المغرب خلال السنة الحالية وللحرب الروسية/الأوكرانية، بالإضافة إلى المخلفات المستمرة للأزمة الصحية السابقة لجائحة كوفيد وتداعياتها المختلفة، التي مست بالأساس مكتسبات وحقوق العمال في المغرب".

وردا على انتقادات حزب العدالة والتنمية للوضع الحالي هاجم عبداللطيف وهبي وزير العدل والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، في لقاء إذاعي، الحكومتين السابقتين اللتين تزعمهما العدالة والتنمية، حيث اتهمهما “بانتهاج سياسة الاقتراض الخارجي والذي تسبب في إحداث خلل مالي ما نتجت عنه صعوبة في تسديد تلك الديون التي تتطلب عقدين من الزمن لتصفيتها".

وذكر وزير العدل المغربي أن "الهمّ الوحيد للحكومة حاليا هو الحفاظ على الاقتصاد الوطني وتوازناته وليس خطاب الشعبوية". وتحدث الأمين العام للأصالة والمعاصرة عن إستراتيجية عمل الحكومة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، قائلا "إن هذه الإستراتيجية تسعى إلى الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن بالإضافة إلى القيام باستثمارات لتوفير مناصب الشغل".

◙ الاتحاد الوطني للشغل يستطيع استخدام العديد من المنصات لمطالبة الحكومة بالتدخل لإنقاذ القدرة الشرائية للمواطن

وقال مراقبون إن "العدالة والتنمية انتبه إلى أن ذراعه النقابية باحتجاجه أمام البرلمان يقوم بسابقة في مجال العمل النقابي، لأنه لم يسبق لأي نقابة أن اتخذت من ساحة البرلمان مكان احتجاج لتحقيق مكاسب مهنية أو اجتماعية".

ويؤكد مطلعون على المشهد النقابي في المغرب أن الاتحاد الوطني للشغل يستطيع استخدام العديد من المنصات لمطالبة الحكومة بالتدخل لإنقاذ القدرة الشرائية للمواطن، وحماية عمال المغرب وخاصة الفئات الهشة من السقوط تحت عتبة الفقر، وذلك عبر تحسين الدخل وتصحيح اختلالات الرواتب.

وفي رده على مطالب النقابة قال الناطق الرسمي باسمها مصطفى بايتاس إن "الحكومة قامت بتقديم دعم لمهنة النقل الطرقي جرّاء ارتفاع أسعار المحروقات للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين".

وأضاف أن “الحكومة قامت أيضا بالعديد من الإجراءات، منها رفع ميزانية صندوق المقاصّة (نظام دعم المواد الغذائية) بـ16 مليار درهم (1.6 مليار دولار) إضافية، لتصل إلى ما يفوق 32 مليار درهم (3.2 مليار دولار).

ولفت المسؤول الحكومي، إلى أن “الحكومة خصصت كذلك 7 مليارات درهم (0.7 مليار دولار) لصرف مستحقات الترقيات (الخاصة بالموظفين) المجمّدة لسنتين"، مضيفا "هذه الحزمة من الإجراءات جاءت للتحكم في مستوى التضخم، ما مكّن البلاد من المحافظة على ترتيبها في مؤسسات الائتمان".

4