الذباب الأزرق مستنفر على فيسبوك لفك الحصار عن الغنوشي

تونسيون يؤكدون أن النهضة مختصة في فبركة الوثائق لكن لا أحد يصدق.
الأربعاء 2020/05/27
نية مبيتة

إغراق فيسبوك بإشاعة مفادها العثور على وثائق في قاعدة الوطية الليبية تفضح ما قيل إنها “مخططات انقلابية في تونس”، هي محاولة لفك حصار مفروض من تونسيين في فيسبوك على النهضة وزعيمها راشد الغنوشي الذي يواجه أوقاتا عصيبة.

تونس - أغرق الجيش الإلكتروني لحزب حركة النهضة المعروف باسم “الذباب الأزرق” موقع فيسبوك في تونس ليل الاثنين الثلاثاء، بإشاعات تفيد بالعثور على وثائق “بالغة الخطورة” في قاعدة الوطية في ليبيا، تفضح ما قالوا إنها “مخططات انقلابية في تونس”.

واستماتت صفحات مشبوهة معاضدة بناشطين سياسيين في الترويج للوثيقة التي تبين أنها مفبركة.

والوثيقة الأصلية، نشرت في صحيفة أميركية عام 2016، وهي مراسلة موجهة من وزارة الدفاع الأميركية لسيدة تدعى بولين بويل Pauline Boyle توفي زوجها في ليبيا صيف 2012 طلبت معطيات حول ملابسات وفاته في إطار حقها في النفاذ إلى المعلومة.

وحوّل المفبركون  اسم السيدة “boyle” إلى “boylex” كما حوّروا الفقرات التي تحتوي الرد الأميركي ليقحموا تونس ودولة الإمارات.

وواصلت الصفحات المشبوهة دعوتها إلى محاسبة من أسمتهم “الخونة”. وروج النائب في البرلمان والناطق الرسمي باسم ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف على حسابه على فيسبوك لما أسماه “كنزا من الأسرار”.

 واحتوت الوثائق أسماء إعلاميين معارضين لحكم حركة النهضة كما احتوت أسماء وسائل إعلام معروفة بخطها التحريري الذي يعادي فكر الإخوان. كما أقحم الذباب الأزرق أيضا أسماء أحزاب سياسية معارضة.

وفجرت الوثائق السرية موجة جدل وسخرية على فيسبوك، الموقع الأكثر شعبية في تونس، الذي يقدر عدد مستخدميه بـ7 ملايين تونسي.

واعتبر الناشط السياسي والناطق باسم الاتحاد العام لطلبة تونس رياض جراد، أن “العملية تحريضية بامتياز ضد شخصيات نقابية وسياسية في البلاد، حيث يتم تخوينهم في مرحلة أولى وإباحة دمهم في مرحلة ثانية بتهم جاهزة ومعهودة من قبل الإخوان”.

وأضاف في تصريحات لـ”العرب”، “أنا شخصيا تم حشر إسمي في ما أسماه الذباب الأزرق ‘عملاء الإمارات في تونس’، وهي ليست المرة الأولى التي أتعرض فيها للتشويه والتهديد بالتصفية من قبلهم. وفي هذا الإطار، أتحدى راشد الغنوشي وحركة النهضة أن يتجهوا للقضاء إن كان فعلا لديهم ما يدين هذه الشخصيات التي يتم تشويهها ليلا نهارا”.

رياض جراد: يخون المعارضين في مرحلة أولى وإباحة دمهم في مرحلة ثانية
رياض جراد: يخون المعارضين في مرحلة أولى وإباحة دمهم في مرحلة ثانية

وفي الفترة الأخيرة، انتعشت “ماكينة” التشويه والفبركة والتحريض بهدف فك الحصار عن زعيم حركة النهضة الذي يشغل منصب رئيس البرلمان راشد الغنوشي، بعد أن ضاق عليه الخناق، إذ أن الرجل بات منذ أسابيع محل انتقادات عديدة على خلفية مواقفه وتصريحاته.

ويخوض الغنوشي صراعا “غير معلن” مع الرئيس قيس سعيّد منذ نوفمبر الماضي على تزعّم المشهد السياسي، ويبدو أن المسألة ستكون إسفينا قد يسرع بوأد مشروع النهضة، وفق مراقبين. وقال سعيد في تصريح ملمحا إلى الغنوشي “هناك من يريد العيش في الفوضى، فوضى الشارع وفوضى المفاهيم ولكن للدولة مؤسساتها وقوانينها، الدولة ليست صفقات تبرم في الصباح وفي المساء”.

ويواجه مشروع النهضة الكثير من العثرات وآخرها عثرة المساءلة  يوم 3 يونيو القادم التي سيغادرها العنوشي، وفق مراقبين، خاسرا سياسيا. فالمجلس الذي كان الغنوشي يعتمد عليه في صراعه مع سعيّد، بات يسائله عن تجاوز الصلاحيات.

وكانت تقارير إعلامية شككت خلال الأيام الماضية، بذمة الغنوشي المالية، وأفادت أنه حقق ثروة مالية ضخمة منذ عودته إلى تونس عام 2011. ووقع تونسيون عريضة إلكترونية تطالب بكشف مصادر ثروة الغنوشي.

وقال الإعلامي برهان بسيس الذي يعمل في قناة التاسعة ولم يرد اسمه في “وثيقة العملاء” ساخرا:

ونشر موقع تونس نيوز الساخر خبرا مفاده “قاعدة الوطية: العثور على نسخة من بطاقة تعريف لرجل الأعمال كمال اللطيف وحذاء نايك يعود للسفير الفرنسي، مؤكدة أن عملية الفرز لا تزال متواصلة ويشارك فيها مراسل تونس نيوز”.

وكثيرا ما تحوم نظريات المؤامرة في تونس حول الرجلين. وقال معلق:

Alonso Ojeda

عملية تكتيكية من طرف عناصر الجيش الإلكتروني لحركة الاتجاه الإسلامي من أجل تبييض قادتها والتخفيف من الضغط.

وتهكم معلق:

Médien Chaibi

من المُؤسف أن يُدْرِك البعض القاع بتدوينات غبيّة سخيفة مُضحِكة! والأدهى والأمرّ أنّ هذه التدوينات المُستَوْحاة من أفلام الخيال العِلمي تلقى رواجًا وآذانًا صاغية.

وتسعى حركة النهضة جاهدة عبر ذبابها الأزرق لاستعادة مناخات تتشابه مع تلك التي شهدتها البلاد عقب 2011 حيث تنامى الإرهاب والتطرف والعنف، وهي مرحلة ارتبطت بعمليات إرهابية دموية بشعة وغير مسبوقة وباغتيال زعامات سياسية في البلاد بعد التحريض عليهم في مواقع التواصل الاجتماعي والمساجد والساحات العامة.

ويؤكد مراقبون أن “هذه الخلايا الإرهابية الناشطة على فيسبوك، تحت الطلب، تتلقى دعما ماليا رهيبا وغطاء سياسيا من قبل حركة النهضة وبتنسيق كامل مع قياداتها وعلى السلطات الأمنية أن تتحرك ضدها لحماية تونس وأمنها القومي”.

ويقول معلقون إن تونس بحاجة إلى صحافة محترفة لمواجهة الذباب الأزرق.

وقال ناشط في هذا السياق:

وظاهرة الذباب الأزرق ليست جديدة في تونس، بل برزت منذ أواخر 2011 وخاصة منذ بدأت الاستعدادات لانتخابات 23 أكتوبر، حين فوجئ الرأي العام بانطلاق عشرات الآلاف من الصفحات على فيسبوك، وعشرات المواقع الإلكترونية ومئات المجموعات التي دخلت غمار المعركة الانتخابية مباشرة، وهاجمت كل المترشحين دون استثناء.

وبعد استلام النهضة للسلطة، توجّهت مجموعات الذباب الإلكتروني للهجوم على المنظمات الوطنية، متّهمة إياها بقيادة الثورة المضادة.

وإثر التطورات الكبيرة التي عرفتها الساحة السياسية خلال عامي 2012 و2013، خمدت نشاطات مجموعات الذباب الأزرق، وتراجعت هجماتها نسبيا، حتى قيل ساعتها إن القائم على استئجار الآلاف من الصفحات على فيسبوك، قد توقف عن ضخ المليارات كل آخر شهر.

ومع بداية الاستعداد لانتخابات 2019 التشريعية والرئاسية، عادت مجموعات الذباب الأزرق إلى الاشتغال بأقصى طاقاتها، ولم توفّر أحدا من هجماتها، وكان شعارها “كل من ليس مع النهضة فهو عدوّها”.

ومع عودة النهضة إلى واجهة الحكم، عاد منطق الحكم الذي يجب أن يكون مسنودا بميليشيات إلكترونية.

وتآكلت شعبية حركة النهضة بشكل غير مسبوق، فبعد أن حصدت قرابة مليون و500 ألف صوت في انتخابات 2011، لم يصوت للنهضة سوى 400 ألف ناخب في الانتخابات الماضية.

19